المقالات

حصة الأطفال من أحكام الصلاة وأحكام المسجد

 

سيد مهدي بهشتي

لو ألقينا نظرة عابرة على أحكام الصلاة والمسجد، لوجدنا بأنه يمكن مشاهدة كمّا كبيرا من موضوع الأحكام إذ يختص بالأطفال والناشئين، قسط يدل على أهمية هذه الفئة لدى الشارع المقدس.

المقدمة:

يمكن القول جازما بأنه لا يوجد دين كالدين الإسلامي المبين الذي يقدم برامج وأحكام لتربية جيل بناء. لو ألقينا نظرة عابرة على أحكام الصلاة والمسجد، لوجدنا بأنه يمكن مشاهدة كمّا كبيرا من موضوع الأحكام إذ يختص بالأطفال والناشئين، قسط يدل على أهمية هذه الفئة لدى الشارع المقدس. ذلك لان تلك الفترتين من العمر تعدان مقدمة وتمهيدا للتربية الدينية وهناك تأكيد كبير على تمرين الأطفال على الأعمال العبادية والتربوية وتعويدهم عليها.

التربية الدينية:

نعرف بان الإسلام العزيز وخلافا لعلماء النفس الغربيين من يرون ان التربية تبدأ بميلاد الفرد، فانه يرى بان التربية الدينية تعود إلى قبل الميلاد وقد تكون قد انعقاد النطفة. على هذا نرى بان الإسلام وضع أحكاما في هذا المجال للمسلمين كي يجعل الآباء التربية التدريجية المرافقة للمحبة والتشجيع وترغيب الأطفال بالديانة والقيام بالواجبات الدينية على رأس أجندة أعمالهم.

على هذا يجب ان نعرف ما هي المراحل والسبل التي على الآباء اجتيازها كي يتوجه الطفل إلى المسجد ويقوم بالصلاة، إلى ان يصل إلى مرحلة البلوغ. ذلك لان أكثر مراحل تربية الطفل فاعلية وأنفعها هي فترة الطفولة وفقا للأخلاق الإسلامي والعادات الفردية والاجتماعية الحسنة. وان الطفل يستعد خلال تلك المرحلة للقبول بأي أخلاق وعادات وتقاليد بأسهل الأشكال.

ان القيام بالواجبات الدينية باستمرار والقيام ببعض الواجبات العبادية في الإسلام، وبالتحديد الصلاة، يحتاج إلى الممارسة والتمرين في فترة الطفولة، حتى وبعد اجتياز مراحل النمو الجسدي والوصول إلى البلوغ، لا يشعر بالإرهاق في إقامتها أو يتساهل الأمر أو قد يتركها بعض الأحيان.

أهمية أحكام الأطفال:

لو تورقنا الأبواب الفقهية لرأينا بان في كافة أحكام الشريعة، تم التطرق إلى بيان أحكام الأطفال، وتطرق الفقهاء وفقا للمصادر وبإسهاب إلى الطفل والأحكام الشرعية الخاصة بها في مختلف أبواب الفقه. وحتى قسموا الطفل عند تقرير أحكام الطفل إلى المميز وغير المميز والبنت والولد.

في هذا المجال تكتسي الأحكام الخاصة بالعبادات وبالتحديد الصلاة والمسجد، أهمية مضاعفة ذلك لأنها تحظى بمجال أوسع وتفاصيل أكثر.

أحكام صلاة الأطفال:

نعرف بأنه لا واجب على الطفل غير البالغ على هذا لا يؤاخذ لعدم القيام بالواجبات لكن إذا ما قام الطفل بالواجبات الدينية بشكل صحيح فالشارع يقبل به. (اليزدي 1409، 1/741، م 35).

هناك قضايا كثيرة ذكرت في أبواب الفقه فيما يتعلق بصلاة الطفل نشير فيما يلي إلى بعض منها:

أحكام التقليد: صحة تقليد الطفل المميز (الخوئي، 1، 1410/7، م 5). صحة البقاء على مرجع التقليد الأعلم المنتحب قبل البلوغ الذي رحل عن الدنيا (المصدر نفسه).

إرغام الطفل على الصلاة: ان تمرين الطفل المميز على القيام بكافة العبادات مستحب (اليزدي 1409، 2/217، م 2) استحباب تمرين النوافل وتعويد الأطفال على القيام بها (الخوئي، 1410، 1/212، م 238). استحباب اتخاذ الصرامة في مواجهة الأطفال بعد بلوغ السابعة في القضايا العبادية الواجبة (اليزدي، 1409، 2/217، م 2). استحباب إيقاظ غير البالغ للصلاة (كلبايكاني، 1/527، م 51).

أحكام مكان صلاة الطفل: كراهية وقوف المرأة للصلاة إمام الولد غير البالغ أو في رديف واحد معه (الخميني، 1/148، م8).

أذان الطفل وإقامته: ان أذان الطفل وإقامته للجماعة أو لمن يسمعه أو يسمعه ويكرره، كافي (اليزدي 1/ 608، فص 17).

الحجاب في الصلاة: بطلان صلاة الولد بزي ذهبي أو حريري (الخوئي 1/149 م 35 والخميني 1/567، م 40). حجاب البنت عند الصلاة كحجاب النساء البالغات لكن ليس واجبا عليها حجاب الرأس والرقبة (المصدر نفسه 1/142، م 5). استحباب حجاب شعر الطفلة في الصلاة (اليزدي 1/574).

صلاة الجماعة: ان جواز أو عدم جواز اقتداء الطفل بالطفل في الصلاة (كلبايكاني، 253، م 1462 الخوئي، 1/ 228، الفصل الثالث) عدم صحة إمامة الطفل للجماعة من الأشخاص غير البالغين (الخميني، 1/274، القول في...) القبول بأداء الطفل الصلاة الجمعة شرعا (المصدر نفسه، 1/237، م 2). كراهية وضع الطفل في الصف الأول من صلاة الجمعة حتى لو كان مميزا (اليزدي، 1/ 809، م 18) وقوف الطفل المميز في صف الجماعة إذ جاء بشكل يتم تواصل الأشخاص فقط معه: بحيث لا أشكال في وقوفه في صف الجماعة، مادام لم يتضح بطلان صلاته (اليزدي 1/782، م 22) أو لو ذهبنا إلى احتمال بان الطفل يرى بان صلاته صحيحة برأيه، وان حضوره في صف الجماعية لا يعرض تواصل البالغين ببعض (الخوئي، 1/227، م 308).

أحكام الأطفال والمسجد:

اخذ الأطفال إلى المسجد: بما ان هناك روايات كثير من قبيل جنبوا مساجدكم مجانينكم وصبيانكم التي تفيد بمنع الأطفال من الذهاب إلى المسجد (صدوق 1/237) على هذا فهناك من الفقهاء الكبار من أفتوا بكراهية دخول الأطفال إلى المسجد وفضلا عن هذا يعد تمهيد الأرضية لدخول الأطفال إلى المسجد مكروها (اليزدي، 1/600، س 15) جدير بالذكر بأنه نظرا إلى ان الروايات تشتمل على الأطفال الذين يقومون عند الجلوس أو القيام وإثارة الفوضى بأعمال تشابه المجانين فلو حضروا في المسجد فأنهم يسببون الفوضى والوساخة غير مألوفة في المسجد. هذا وهناك احتمال بان في المجتمع آنذاك ونظر إلى عدم توفير الإمكانات كالزي المناسب للأطفال، يؤدي تواجد الأطفال إلى وسخ المسجد والمصلين إذ كان يجعل قضية التنظيف أمرا صعبا.

وقلا لنظرية الفقيه الكبير الشهيد الثاني رحمه الله: ان القصد هو الأطفال الذين لا ثقة بطهارتهم أو لا يميزون السيئ من الصحيح لكن الطفل المميز النظيف وهناك ثقة في نظافته ويراعي الصلاة بنفسه فلا كراهية في هذا الأمر بل من الجيد تمرينه على الحضور في المسجد كما من اللازم تمرينه وتعويده على أداء الصلاة (العاملي، 1/96). كما يقول العلامة المجلسي بعد ذكر هذه الرواية: لو لم يكن هناك خوف من تدنيس الطفل وإذا كان القصد من حضوره في المسجد هو إقامة الصلاة فليس هذا الأمر مكروها بل انه من المستحب تمرينه عليها. ولا إشكال في الأمر.

جدير بالذكر بأننا لاحظنا في المصادر الدينية بان النبي (صدوق أمالي 438) وأصحاب كانوا يصطحبون الأطفال معهم (الطبرسي 1/207) كما كانت المرأة تحمل طفلها الرضيع وتحضر في صلاة الجماعة، فضلا عن الأطفال أصحاب الـ 3 أو 4 أعوام (الكليني، 6/48، البخاري، 1/1397). لكن لا تظهر الروايات بان نبي الرحمة وحتى في حالة واحدة منع الأطفال أو آبائهم واعترض على اصطحابهم الأطفال إلى المسجد، بل في النقيض من هذا هناك ردود فعل أبداه النبي تدل على تشجيعه ورضاءه من الأمر.

الأطفال عند باب المسجد: ان الاحتياط الواجب هو عدم إدخال الأطفال (اليزدي 1/ 288 م 6)

على هذا وبالنظر إلى المواضيع أعلاه يمكننا استيعاب أهمية فترة الطفولة من منظار الإسلام إذ جاءت بوضع أحكام مختلفة في مختلف الأبواب الفقهية.

المصادر:

ابن بابويه ، محمد بن علي: التوحيد، قم، جامعه مدرسين، ١٤٩٨ق.

ابن بابويه، محمد بن علي: من لايحضره الفقيه، قم، دفتر انتشارات اسلامي، ١٤١٣ق.
ابن بابويه، محمد بن علي: امالي، بيروت، اعلمي،١٤٠٠ق.
بخاري، محمد بن اسماعيل: صحيح بخاري ،رياض، بيت الافكار الدوليه،١٤١٩ق.
رهبري، حسن: مسجد نهاد عبادت و ستاد ولايت، تهران، دبيرخانه كانونهاي مساجد، ١٣٨٠.
خانه كودك، احكام ما و كودكان: قم، موسسه چاپ الهادي، ١٣٧٦ش.
خميني، روح الله موسوي، تحرير الوسيله:قم،دارالعلم، بي تا.
خويي، سيد ابوالقاسم: منهاج الصالحين: قم، مدينه العلم، ١٤١٠.
طبرسي، احمد بن علي: الاحتجاج علي اهل اللجاج، ، مشهد، مرتضي،١٤٠٣ق،چ اول.
عاملي(شهيد ثاني)، زين الدين بن علي بن احمد: الروضه البهيه، قم، اسماعيليان، ١٣٧٥ش.
كليني: الكافي، تهران، دارالكتب الاسلاميه،١٤٠٧ق چ چهارم.
گلپايگاني، سيد محمد رضاموسوي : مجمع المسائل، قم، دارالقرآن الكريم، ١٤٠٩ق.
مجلسي، محمد باقر بن محمد تقي: بحار الانوار، بيروت، دار احياء التراث العربي، ١٤٠٣ق.
يزدي، سيد محمد كاظم: العروه الوثقي، بيروت، موسسه الاعلمي للمطبوعات، ١٤٠٩.

 

قائمة مراجعة وتحرير

شخصيات تركت: 500
التعليق مطلوب