المقالات

الشهيد حجة الإسلام والمسلمين سيد أبو القاسم داود الموسوي (موسوي دامغاني)‏

 

إمام جماعة مسجد سيد الشهداء (عليه السلام)

من سلالة مطهرة

ولد سيد أبو القاسم داوود الموسوي الشهير بـ موسوي دامغاني، عام 1323 في قرية حسن آباد التابعة لـ دامغان في عائلة متدينة ومحبه لأهل البيت عليهم السلام. ان جده هو المرحوم الكربلائي سيد حاجي الذي كان يعيش بداية في خور وبيابانك، لكن هاجر إلى حسن آباد نتيجة ظلم وجور الخوانين. ان أبيه سيد محمد وبعد 40 عام من العمل كمزارع في قرية حسن آباد إلى مدينة قم المقدسة. وقام بتعليم القران هناك بإتباع جده المرحوم سيد حاجي ومع انه كان ابن الـ 85 عام وكان قد فقد قدرة الرؤية لكنه كان يبذل مساعيه لكي ينور أوقات الشباب والناشئين بتعليم القرآن.

في قاع القنوات

ان التقدم بالأعمال الحسنة كان جزءا من طبيعة الشهيد، فأينما كان يشعر بان بإمكانه تقديم المساعدة، كان يقوم بتقديمها قبل الآخرين، في بداية تدريسه في الحوزة في دامغان، كان ينوي آية الله دامغاني بناء مسجد، فتحدث عن الأمر في جلسة بحضور الناس وطلب منهم المساعدة. فكان سيد أبو القاسم حاضرا في المجلس، قال قبل ان يتحدث الجميع بصوت مرتفع: امنح 10 تومانات واعمل عشرة أيام. رفع المرحوم آية الله دامغاني يده وقال: يا أيها الناس تعلموا الإحسان من هذا الولد.  كان قد جعل حياته لتوفير الراحة وعندما واجه أهالي قرية حسن آباد مشكلة قلة المياه، على إثر تدمير القنوات، دخل هذا العالم في الساحة وبعدما التقى بكبار السن وبمساعدة جده وبجهود استمرت عدة أشهر، بإصلاح القنوات وأنقذ الناس من مشكلة شح المياه.

التبليغ في المناطق النائية

كان يمتلك سيد أبو القاسم همة عالية وحب شديد لتعليم العلوم الإسلامية منذ الصغر وعلى هذا بعد اجتياز الفترة الابتدائية في حسن آباد في عام 1337 وبينما كان في الـ 14 من عمره جاء إلى دامغان وبدا بالدراسة في مدارس "الحاج فتح علي بيك" و"موسوية" العلمية. في هذا العام انه لبس لباس علماء الدين وبدا بالسفر للتبليغ. انه حاول ان يسافر إلى مناطق قلما يذهب إليه شخص ما. على هذا كان يذهب بالدراجة النارية إلى قرى لم تمتلك طريقا للسير.

حب الإمام قدس سره

انه منذ بداية الدخول في مدينة قم المقدسة، حب الإمام قدس سره الشريف حبا جما وكان يذهب إلى بيته وكان يحضر في الليالي في صلاة الجماعة. شارك في حادثة 15 خرداد عام 42 وانه يقول عن هذا الأمر: ان الإمام أقام مجالس للعزاء بمناسبة وفاة السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام وفي ببيته كان يقيم مجلس العزاء كذلك. ذات يوم تم الحديث عن معاهدة الحصانة السياسية المذلة وكان الإمام تحدث في جمع جاءوا من قم والمدن الأخرى معارضة مع النظام والسياسات الغربية التي تنتهجها الحكومة، تم الإعلان عن الحكم العرفي في قم لـ 7 أيام واخذوا بالإمام إلى طهران وانني بدأت بنشاطاتي السياسية منذ تلك الفترة إلى جانب الدراسة. انه بعد نفي الإمام قدس سره كان يقرا دعاء التوسل ليلا في حرم السيدة معصومة سلام الله عليها في مسجد بالأسر لسلامة الإمام وإنقاذه إلى جانب أشخاص كالشهيد محمد منتظري.

على أمل بزوغ الشمس

في عهد الطاغوت وبواسطة إعداد جهاز للطباعة كان يطبع بيانات الإمام التي كانت ترسل من النجف إلى إيران. وكان ينشرها ليلا بسيارته من طراز فولكس، بشكل سري. انه كان يوقظ الناس ويعرفهم بأهداف الإمام الخميني قدس سره في المدن والقرى المختلفة بواسطة خطاباته الحماسية التي يفضح النظام من خلالها. وتم اعتقاله مرات عدة لهذا الأمر إذ كان في إحدى تلك المرات مسجونا إلى جانب الشهيد محمد منتظري وآية الله الحاج الشيخ احمد جنتي في سجن قزل قلعة. في تلك الفترة انه قام بإعداد الأسلحة للمواجهة المسلحة واعد عدة أسلحة نارية وكان يقول إلى إخوته متى يحين الوقت لكي نستفيد من هذه الأسلحة في مواجهة حكام الظلم؟

المسجد مجمع الشباب

ان خطاباته البليغة في الفترة التي سبقت انتصار الثورة الإسلامية، كانت تفضح الظالمين وتبين الحق والحقيقة وعلى هذا طلب منه عدة مرات بان يمتنع عن الحديث عن القضايا السياسية في المنابر لكنه رفض وكان يقول ما يقتضيه واجبه منع من اعتلاء المنبر في فترة من الفترات لكن كان يعبر عن الحقائق في صفوف الناس. انه كان يحب توجيه الناس وفي السنوات الواقعة بين 1348 و1356 أقام برامج صيفية للشباب والناشئين إلى جانب الشهيد سيد حسن شاهجراغي وعدد من أصدقاءه من علماء الدين. كان يجمع الشباب والناشئين في المسجد وكان يقيم صفوف عقائدية وسياسية وكان يواجه معارضة النظام، وكان يغلق الصفوف. انه كان يأتي يوم الخميس والجمعة من قم إلى طهران لمدة عشر سنوات ويدير مختلف الجلسات.

في لجنة الترحيب

كان في عام 56 و57 من الرواد المناضلين والمشاركين في المظاهرات في قم، إذا ما جرح أحد ما كان يخرجه من سيارته ويوصله إلى المراكز الطبية. في إحدى المظاهرات التي كان يسير الطلاب والعلماء وباقي طبقات الناس نحو بيت آية الله حسين نوري همداني، قام عملاء الشاه بإطلاق النار عليهم في مزار شيخان فاستشهد عدد منهم وجرح آخرون. فكان يبحث الجميع عن إنقاذ نفسه، وكان الشهيد موسوي يقوم بجمع الجرحى ونقلهم إلى مستشفى كامكار.

في آخر أيام النضال في مواجهة الطاغوت كان من أعضاء لجنة استقبال الإمام وبعد استقراره في مدرسة العلوي، كان يعمل في خدمة الإمام والثورة.

أمين الشعب

ان حجة الإسلام والمسلمين سيد أبو القاسم داود الموسوي بعد انتصار الثورة الإسلامية لم يتوقف عن العمل وبذل كل ما بوسعه لتطوير أهداف الثورة. انه قام بالسيطرة على قاعدة لويزان (مركز القوات البرية) وتدشين لجنة الثورة الإسلامية في دامغان عام 1358 والعمل فيها وإنشاء حرس الثورة الإسلامية في دامغان إلى جانب الآخرين وتكوين محكمة الثورة في دامغان والنشاط في محكمة الثورة الإسلامية كحاكم شرعي ومحاكمة بعض المفسدين والأشرار والخدمة في جهاد البناء في دامغان ومندوب الإمام قدس سره في اللجنة السباعية وإصلاح الأراضي في سمنان وتسليمها إلى الناس ومندوب الإمام وإمام جماعة مدينة رامهرمز منذ عام 60 حتى 63 وتمثيل أهالي رامهرمز في مجلس الشورى الإسلامي في الدورة الثانية، تعد جزءا من الخدمات والممارسات التي قام بها هذا الرجل العظيم.

 

العجوز الشتام

يقول حجة الإسلام سيد عبد الكريم شمسي بور: بعد إنشاء لجنة الثورة الإسلامية في دامغان، ان حجة الإسلام والمسلمين سيد أبو القاسم داود الموسوي تولى مسئوليتها. قالوا بان عجوز في إحدى القرى يشتم الإمام والثورة. جاؤوا بالعجوز إلى شهيد موسوي وكانوا يتوقعون بانه يعاقب على عمله. لكن أمر الشيخ بان يخرج الجميع ثم قفلوا الباب، جلس إلى جانب العجوز ومنحه مقدارا من المال وقال يا عجوز خذ هذه الأموال ورتب أمور حياتك وعندما تشعر بالحاجة أو ضاق صدرك من المشاكل تعال عندي. أنا اعرف بانكم تعيشون حياة سيئة وتعانون من ضغط الحياة وتتفوهون بكلمات لكن قلبك يرفضها. احترم جد الإمام كي لا تخجل في القيامة أمام جده. حينئذ بكى العجوز وشعر بالخجل وأصبح من أنصار الثورة والولاية.

مدافع الحفاة

انه كان يعتبر من واجبه تقديم العون إلى الآخرين وبالتحديد المحرومين. في الأيام التي كان إمام جمعة مدينة رامهرمز، طلب المساعدات المالية من طهران وعلماء قم وكان يوفر للأسر المحرومة اللباس والطعام وكان يذهب إلى بيوتهم. يقول سيد محمد سجادي وهو من علماء مدينة دامغان الذي كان قد درس لفترة من الزمن في حوزة آية الله بهبهاني العلمية في رامهرمز، يقول: لا حق لأي كان ان يمنع المراجعين وانه كان يستقبل المراجعين حتى يضعف جسده وكان يقوم بمتابعة قضاياه إلى وقت لاحق.

قام بإسكان ما يقارب 50 ألف من المشردين في الحرب في رامهرمز بداية الحرب المفروضة. 25 ألف داخل المدينة و25 ألف خارج المدينة في المخيمات وكان يتابع أمورهم بنفسه وحتى كان يقوم بحل صراعاتهم العائلية كما كان في حصن مجلس الشورى الإسلامي يدافع عن الحفاة بجدية في القرارات واللوائح.

الاستفادة الشخصية ممنوعة

انه كان قد قتل حب الدنيا في نفسه ولم يستغل أي منصب وكان طوال حياته يعيش في بيت كانت أراضيه وقفية وعندما اقترحوا عليه بان يغير بيته، كان يرفض الأمر. يقول شقيقه سيد جعفر: عندما كان إمام جمعة مدينة رامهرمز كانت أموال كثيرة بيده وفي بعض الأحيان عندما كان يمتلك أموال كثيرة، انني كنت اقترض منه المال وكان عازم على عدم الاستفادة من بيت المال في القضايا الشخصية. كان يهتم كثيرا بالصلاة في حينها وكان قد عاهد الله تعالى بان يعطي 100 تومان صدقة إذا تأخر في أداء الصلاة في حينها.

عاشق الشهادة

في خطبة صلاة الجمعة في رامهرمز، كان يدعو الشباب إلى الذهاب إلى الجبهة. انه كان يشارك في الجبهة مشاركة فعالة وكان يعشق الشهادة وكما قال مرارا: أرسلت الكثير إلى الجهاد واستشهدوا لكني لم استشهد. في بعض الأحيان كان يطلب الشهادة بإصرار من الله تعالى. يقول شقيقه سيد جعفر: كنا ليلة جمعة في بيته بالقرب من مجلس الشورى الإسلامي، كان سيد أبو القاسم يقرا دعاء كميل ووسط الدعاء انقلبت أحواله ويبدأ يبكي وقال مخاطبا أصدقاءه الذين استشهدوا: أنتم ذهبتم إلى الجبهة بتشجيع مني واستشهدتم لكنني ما زلت حيا.

ثم يذكر أسماءهم جميعا ويقول أنتم نادوني وأنتم في الأعلى وكان يبكي بشدة ويقول أين أنتم وأين أنا؟

انه أخيرا وفي الأول من اسفند عام 1364 وبينما كان متجها إلى الجبهة في سيارة مدنية، تعرض بالقرب من الأهواز للهجوم من طائرتين مقاتلتين عراقيتين وسقطت الطائرة في منطقة ويسي على بعد 25 كيلومتر من الأهواز في الناحية الشمالية منها واستشهد. تم دفن جثمانه الطاهرة في الجانب الشرفي من مسجد طبطبائي في مدخل مسجد بالقرب من مرقد السيدة معصومة سلام الله عليها.

قائمة مراجعة وتحرير

شخصيات تركت: 500
التعليق مطلوب