المقالات

الشهيد آية الله مهدي شاه آبادي

 

إمام جماعة مسجد رستم آباد شميران

تلميذ الأب

ولد شاه آبادي في شهريور عام 1309 في ذروة الاستبداد الذي كان يمارسه رضا خان في مدينة قم ووسط أسرة عالمة وعارف، كان والده آية الله العظمى الحاج الشيخ محمد علي شاه آبادي وهو أستاذ عرفان الإمام الخميني قدس سره. كان والده في تلك الآونة من الأشخاص ذي شخصية معارضة للظلم.

عندما هاجر آية الله العظمى محمد علي شاه آبادي رحمة الله تعالي عليه عام 1314 أي بعد 7 سنوات من الإقامة في قم إلى طهران، أرسل ابنه البالغ 4 سنوات إلى مكتب إمام زادة يحيى بغية تعليم القرآن، انه ذهب إلى المدرسة بعد عامين برفقة إخوانه الذين كانوا يذهبون إلى مدرسة توفيق وأنهى المرحلة الابتدائية وهو في الـ 12 من عمره وفضلا عن هذا دروس المدرسة تعلم في البيت الصرف والنحو والمقدمات الأخرى للغة العربية على يد أبيه.

دخل شاه آبادي عام 1323 عندما كان في الـ 14 من عمره مدرسة مروي وبعد 4 سنوات لبس لباس علماء الدين. بعام 1328 رحل والده آية الله العظمى شاه آبادي رحمة الله عليه عن الدنيا وهاجر برفقة إخوانه بعد وفاة والدهم إلى مدينة قم لكن بعد ما يقارب عاما رجع إلى طهران بغية إكمال دراسة الثانوية مؤقتا وبسبب ذكاءه ومواهبه الكبيرة استطاع إكمال هذه المرحلة طوال 14 شهرا وفي تلك الفترة كانت نهضة آية الله كاشاني قد انطلقت في إيران فاعتقل عام 1332 وبعد أيام من الانقلاب العسكري الذي حدث في 28 من مرداد في طهران وأودع في السجن لكن أطلق سراحه بعد فترة يدل اعتقاله في هذه الفترة على انه مثل والده الكريم رجل العلم والعمل أكثر مما يدل على تاريخه النضالي وانه قد مزج الديانة بالسياسة ودخل عمليا ساحة النضال مع الظلم والظالمين.

لم أنام أكثر من 4 ساعات

اتجه شاه آبادي مرة أخرى نفس العام في شهر مهر إلى قم وأكمل دراسته العلوم الدينية وتعلم بذكائه الكبير الرسائل لآية الله مشكيني والمكاسب من آية الله ستودة وكفاية الأصول من الراحل آية الله مجاهدي وشرح المنظومة والأسفار من آية الله منتظري.

أنهي شاه آبادي عام 1334 مرحلة السطح وهو في الـ 25 من عمره وتعلم درس خارج الفقه والأصول عند آية الله العظمى بروجردي والإمام الخميني قدس سره وآية الله كلبايكاني وآية الله محمد علي أراكي. في تلك السنوات، كان الشيخ مهدي منهمكا في دراسة العلوم الدينية بقوة وهذا ما يدل على مستقبله المشرق انه كان يقول: كنت أتناول طعاما قليلا في شهر رمضان المبارك عند الإفطار وكنت ادرس، ولم أتحرك من مكاني إذ كنت اسمع صوتا يقول تأخر الوقت يرفع الأذان بعد قليل كنت أتناول شيئا ما بسرعة واصلّي وطوال سنوات طويلة في فترة الدراسة لم أرى يوما أصلّي فيه أكثر من 4 ساعات وحتى لم أنام أكثر من هذا لخمس دقائق.

تزوج شاه آبادي عام 1336 (كان 27 عاما) مع بنت من أسرة آية الله ميرزا الشيرازي الأول وبعد الزواج انتقل إلى مدينة قم برفقة زوجته وبقي في تلك المدينة حتى عام 1350 تقول زوجته أول ما قلته لزوجي هو إنني أريد ان تدرسون وتجتهدون في الدراسة.

كان يذهب شاه آبادي إلى أمكنة تفرض عليه تحمل الصعوبات الكبيرة

ان تأثير أفكار العلامة شاه آبادي الكبير رحمه الله تعالى على أفكار الإمام الخميني قدس سره والكثير من مؤسسي الثورة الإسلامية بارز للجميع. وكان مهدي شاه آبادي مثل والده قد حمل فكرة النضال مع الحكام الظالمين لسنوات طويلة وكان يسمع في هذه الفترة صوتا مألوفا؛ كأنه صوت أبيه الكبير والموقر والمناضل المدعاة للفخر في مواجهة رضا خان إذ كان يخرج من فم تلميذ الوالد الجدير. انه استمر في النضال السياسي جاعلا من الإمام الخميني قدس سره قدوة له ولعب الدور الرئيسي في التعريف بمكانة مرجع التقليد السامية وقائد الشيعة في العالم الإمام الخميني قدس سره إلى جماهير الشعب المسلم وفي هذا الإطار وسواء في فترة كان يدرس في الحوزة أو ما بعدها، كان يذهب إلى المدن وقرى البلاد ويقوم بتوعية الناس سياسيا إلى جانب تبليغ الدين.

كما يظهر من ذكريات زوجة الشهيد، فانه برفقة أسرته وفي تلك الرحلات أرغم على تحمل الكثير من الصعوبات والمشاكل. تقول زوجته: إنني حملت أبنائي واتجهت إلى القرى برفقة زوجي. نظرا إلى دعاية النظام المعارضة لعلماء الدين، كان يختار الأمكنة التي تحتاج إلى العمل الصعب والشاق وكانت الحياة فيها أصعب نوعا ما. لكن عند الدخول في بعض القرى كنا نواجه ترحيب الناس. وفي بعض الأحيان وبسبب دعاية النظام المغرضة في وجه علماء الدين، كان يعارضوننا أهالي القرية إلى درجة يرفضون بيع الخبز علينا. على هذا كان يحمل معه الخبز والجبن. لكن في تلك القرية كان يقوم بهداية الناس وإرشادهم بشوق واشتياق خاص وبأساليب الأنبياء. ولا سيما انه كان يركز اهتمامه على الناشئين والشباب في القرية. وكان يعمل بواسطة البرامج الدراسية والمسلية والرياضية والتربوية الخاصة التي كانت محل اهتمامهم، يعمل على استقطابهم إلى الإسلامي.

لا آكل خبز الإمام الزمان كي أدعو للشاه بالسلامة

في إحدى الرحلات التبليغية، أمر رئيس مخفر قرية كيلان بالقرب من دماوند في ليلة عاشوراء بإنزاله من المنبر وأخذه إلى المخفر وسأله لماذا ورغم توصيات الدولة العديدة لم تسال الله تعالى سلامة رئيس المملكة ولا تتحدث عنه؟

انه رد عليه بصوت مرتفع وبحضور الجنود وعدد كبير من أهالي القرية: لا آكل خبز الإمام الزمان كي أدعو للشاه بالسلامة. انه كان يعمل بكل جهد في استقطاب الناس وتعريفهم بمبادئ الإسلام إذ وقف الناس عند خروجه من القرية أمام سيارته وطلبوا منه وهم يبكون بان يأتي إلى القرية مرة أخرى لكنه كان يرسل عالم دين آخر إلى تلك القرية بدلا من الحضور بنفسه في رمضان آخر أو شهر محرم آخر إلى القرية، والاستفادة من القرية المعدة التي مال الكثير من الأهالي إلى الإسلام، ويذهب إلى قرية أخرى.

العرفان إلى جانب النضال

بعد البداية العلنية والرسمية لنضال الإمام الخميني قدس سره عام 1341 في مواجهة النظام البهلوي، انضم الشيخ مهدي شاه آبادي كعنصر ناشط إلى صفوف الإمام منذ بداية النضال. انه والى جانب رفقاءه الآخرين من أمثال آية الله رباني شيرازي لعب دورا كبيرا بغية التنسيق اللازم بين مراجع التقليد وبين الإمام الخميني قدس سره. وكان أصدقائه يحملون إعلانات الإمام إلى المدن في داخل الألبسة عموما، إلى جانب تلك النشاطات كان يحضر في المسجد ويلقي خطابة حول أفكار الإمام ويقوم بنقد نظام الشاه وانه هذا العمل يأتي ضمن نشاطاته الأخرى.

في الساعات الأخيرة من اليوم الرابع من تير عام 1342 هجمت القوات الأمنية على بيته بسبب نشاطاته الخفية والعلنية في مواجهة الحكومة وقاموا بتفتيش بيته كاملا واخذوا قسما من كتبه. في اليوم التالي تم اعتقاله واخذ إلى سجن السافاك لكن أطلق سراحه بعد أربعة أشهر بواسطة المساعي التي بذلتها زوجته.

في عام 1348 وفي خطاب له في إحدى مساجد دماوند أشار شاه آبادي إلى قضية الحجاب وكيفية حجاب النساء؛ قام بالتطرق إلى إنفاق ميزانية البلاد في سبيل التبرج إذ جوبه كلامه بردة فعل السافاك واستدعي إلى منظمة الاستخبارات والأمن.

مسجد رستم آباد، مركز لنشاط الشباب الدراسيين

في عام 1350 وبعد قضاء 21 عام من الإقامة في قم، رأي شاه آبادي من الضروري التوجه إلى طهران والحضور في مركز البلاد حضورا بارزا للعمل في القضايا السياسية. بعد فترة دعا أهالي قرية رستم آباد في شميران الشيخ كي يصبح إمام جماعة مسجد القرية فحول هذا المكان إلى قاعدة لتنمية القوات الثورية. مع انه كانت هناك مساجد أكبر وأقرب ليحضر فيها الشهيد إلا انه ونظرا إلى حاجة أبناء المنطقة واستقطاب الشباب والقوات الملتزمة في الحي وتنظيمهم في إطار الجلسات الدينيةـ، قبل بمسئولية المسجد. وبذل المساعي ليلا ونهارا لتحويل المسجد إلى قاعدة للثوار، انه قام بنشر إعلانات وأشرطة محاضرة الإمام وإرسالها إلى مختلف مناطق البلاد. فبغية تحديث المسجد، كان يعمل بعد صلاة المغرب والعشاء كالعامل البسيط وكان طوال النهار يقوم بالوعظ والخطابة.

من الأعمال المهمة التي قام بها شاه آبادي هذا العالم المناضل في المسجد هي استقطاب الشباب الثوريين في إطار مركز منظم والقيام بأعمال لإخراج السجناء السياسيين من السجون وإخفاء بعض المناضلين من كان السافاك يلاحقهم.

يقول الدكتور علي أكبر ولايتي حول كيفية دخوله إلى مسجد رستم آباد: في عام 1351 جاء إلى مسجد رستم آباد كإمام الجماعة. قبل شهور من تواجده توفى الحاج الشيخ محمد تقي رستم آبادي إذ كان إمام الجماعة لشهور. بعد وفاته كان يبحث عدد من شباب تلك الفترة في رستم آباد عن خليفة له. نظرا إلى انه الناس كانوا منشغلين في النضال مع النظام البهلوي، يمكنه ان ينفع في تكوين النضال وتنظيم وتوجيه الشباب الثوريين في المنطقة. بعدما جاء آية الله الحاج الشيخ مهدي شاه آبادي وبعدما بدأت النشاطات السياسية، انه عرف بسرعة كإمام الجماعة وقائد المسلمين الثوار في شرق شميران. من الأعمال التي قام بها العالم المناضل يمكن الإشارة إلى تكوين مجلس أمناء المسجد وإنشاء المكتبة وتوزيع أحدث الإعلانات وأشرطة خطابات الإمام قدس سره الشريف واختيار أئمة الجماعات الناشطين والثوريين لمختلف مساجد طهران، إذ أدت تلك الأعمال إلى تحويل المسجد كإحدى قواعد الثورة ومنظمة للنضال.

قال شاه آبادي ذات مرة عند استجوابه ردا على سؤال رئيس الشرطة الذي قال له لا يحق لك تفسير القرآن، "إنني من جنود حسين بن علي عليه السلام ولو قطعتموني فاني استمر في النضال والجهاد في سبيل الإسلام والحسين عليه السلام.

في فروردين عام 1357 ووفقا لوثائق السافاك وعندما أبلغته الشرطة بان عليه الحضور في مركز السافاك في المنطقة، أرسل شاه آبادي رسالة خطية قال فيها: سماحة السيد الموقر العقيد أفضلي. سلام عليكم وأما بعد يرجى لو كان هناك أمرا الحضور في بيتي أو المسجد وتشريفي.

دعوة واضحة

ان نشاطات شاه آبادي السياسية في مدينة بانة أدت بالنظام إلى إنهاء نفيه خوفا من تمرد أغلبية أهالي المنطقة، وعلى هذا رجع هذا العالم الرباني في بداية عام 1356 وبعد مرور 6 أشهر من نفيه. جدير بالذكر بان بعد رجوعه إلى طهران، ظهر تغيير واضح في إستراتيجيته وأسلوب نضاله وبالتنسيق مع البرامج الرئيس وإستراتيجية الإمام الخميني قدس سره حول تكوين نضال شعبي وواسع النطاق، دخل نضاله في مرحلة جديدة وأصبح يتابع نضاله بعد هذا علنيا وما عدى الحالات القليلة كان يبتعد عن العمل السري. ان الكم الكبير من نشر إعلانات الإمام على يده زادت بشكل بارز وانه كان يتحدث علنا في فضح نظام الشاه وكان يهدف ان بث الشجاعة في روح الناس. انه وطوال تلك السنوات كان من أول أعضاء جمعية علماء الدين (جامعه روحانيت مبارز).

في شهر خرداد عام 1357 وعلى إثر اعتقال مجموعة ثورية وعلاقتها بـ شاه آبادي، اعتقل شاه آبادي للمرة الرابعة في الثالث من بهمن وأودع في السجن، كان اعتقاله هذه المرة يحمل الكثير من الدلالات فمنذ دخوله في لجنة المناهضة للأعمال الشغب، تعامل بقوة خاصة واستهزاء بقوة النظام التي كانت تتلخص في أجهزة السافاك الرهيبة. انه وبعد مدة من السجن الانفرادي انتقل إلى السجن العام. وأطلق سراحه أخيرا في شهر آذر عام 1357 لكن بعد 12 يوما تم اعتقاله للمرة الخامسة وحبس في سجن باغ شاه إلى ان أطلق سراحه في الثالث من بهمن عام 1357 أي أسبوع قبل دخول الإمام ارض البلاد واستعد للحضور المكثف في الثورة العامة والشاملة للشعب الإيراني المسلم، على هذا  حضر في لجنة الترحيب بالإمام قدس سره وإدارة بيت الإمام وابلغ أمر الإمام القاضي بإلغاء الحكم العرفي في 21 من بهمن 57 كما قدم المساعدة في نزع أسلحة الشرطة والمعسكرات والنقل الأسلحة والمعدات إلى المناطق الآمنة وتكوين وتنظيم المجموعات الشعبية لتحقيق الأمن في البلاد وظهر في الشؤون الخاصة بتكوين الحكومة الإسلامية حديثة العهد وقدم خدمات كبيرة وخالدة.

كان ينام في نفس المكان

بعد انتصار الثورة الإسلامية انضم الشهيد شاه آبادي إلى اللجنة المركزية في لجنة الثورة الإسلامية وقام بالعمل الكبير في تكوين وتنظيم هذه المؤسسة الثورية. كما لعب دورا كبيرا في إنهاء عمل اللجان الفرعية. وفضلا عن هذا انه تولى مسئولية اللجنة ساحة اختيارية وكان في نفس الوقت الأمين العام لجمعية العلماء المناضلين (جامعه روحانيت مبارز) في شميران. يقول سماحة آية الله الخامنئي: انه كان إنسانا نموذجيا ولا أنسي بأنه طيلة صداقتنا التي استمرت لسنوات طويلة، بأنه لم ولن يتعب حتى مرة واحدة، لم أر أي إثر للتعب في وجه هذا الرجل الكبير.

كما يقول الشهيد فتح الله شهاب شميراني: كنا نذهب أحيانا عند شهيد شاه آبادي، عندما تحين الساعة العاشرة كنت أقول يجب ان اذهب للاستراحة، لقد تأخرت، انه كان يأتي من المسجد إلى اللجنة وكان يبدأ عمله، كان يضع رأسه على الكرسي وينام أي في نفس الكرسي الذي كان يرد على طلبات المراجعين

منادي الوحدة

كان الشهيد شاه آبادي يعتبر من واجبه القيام بخلق الوحدة والوئام وأجواء من المودة في صفوف القوى السياسية في أسرة الثورة سواء في المجلس أو في المؤسسات التنفيذية أو عند تكوين التيارات السياسية والاجتماعية. إذ كان يهتم بهذا الأمر دائما. على سبيل المثال في اسفند عام 1358 وعندما أراد المجموعات والأحزاب وكل على حده ان تقدم مرشحا منفصلا لها لتمثيلها في أول دورة من المجلس الشورى الإسلامي، حاول شاه آبادي بان يوحد الأحزاب السياسية وعلى هذا أصبح مندوبا يتمتع بكامل الصلاحية نيابة عن جمعية علماء الدين المناضلين إلى جانب سماحة آية الله الخامنئي الذي كان مندوبا لحزب الجمهورية الإسلامية، لخلق الوئام وأخيرا وبعد عدة جلسات من الحوار والتفاوض، نجح في خلق الوئام والوحدة بين الأحزاب الإسلامية وهذا العمل أدى إلى دخول الكثير من العناصر المؤمنة والملتزمة إلى مجلس الشورى الإسلامية.

في حصن المجلس

رشح الشهيد شاه آبادي نفسه للدورة الأولى للمجلس بإصرار من جمعية علماء الدين المناضلين (روحانيت مبارز) وحزب الجمهورية وحصل على ما يقارب 700 ألف صوت وأصبح مندوبا لأهالي طهران في المجلس. كان في لجنة الشؤون القضائية في المجلس محل اهتمام كافة المندوبين وكانت أفكار في الشؤون القضائية تترك تأثيرها في عملية اتخاذ القرار في مجلس الشورى الإسلامي وانه قدم خدمات كبيرة طوال السنوات الأربعة.

صدر الإمام الخميني قدس سره في عام 1359 أمرا بدراسة أداء مؤسسة المستضعفين وتم تعيين هيئة مكونة من العلماء الكبار منهم آية الله شاه آبادي بأمر من الإمام للقيام بهذا العمل المهم، لم ينس شاه آبادي مسجد رستم آباد أبدا وان كثرة الأعمال والمسئوليات الملقاة على عاتقه لم تؤد إلى ترك المسجد والخدمات الدينية. انه بتواجده المستمر في المسجد وبالرغم من المسافة البعيدة التي تفصل بين المسجد وبين بيته إلا انه كان يجتاز يوميا المسافة الطويلة التي تفصل شارع بيروزي حتى ساحة اختيارية ويبث الأمل في نفس أهالي المنطقة.

من النشاطات الأخرى التي قام بها شاه آبادي هي تعاونه مع منظمة الأوقاف والشؤون الخيرية التي قدم خدمات كبيرة في دائرة الأوقاف في شميران.

اختير شاه آبادي في الانتخابات الدورة الثانية من مجلس الشورى الإسلامي عام 1362 وبحصوله على جل الأصوات وفي المرحلة الأولى إذ بلغت ما يقارب مليون و200 ألف صوت واستمر بنشاطاته في المجلس لكن عشقه إلى الجبهة والمقاتلين كان يجعله الذهاب إلى الجبهة باستمرار.

مستعد للشهادة

ان شاه آبادي كان يصر كثيرا على الذهاب إلى الجبهات كما كان يتوجه إلى المجلس في أيام العطلة أو في أي فرصة تسنح له انه وبواسطة توجهه إلى الجبهة كان يريد إطاعة أمر الإمام الخميني قدس سره واللقاء بالمقاتلين وتقوية معنوياتهم.

توجه آية الله شاه آبادي في آخر سفر له إلى الجبهة، في اليوم الخامس من ارديبهشت 1363 إلى جانب رفقاءه وبعد زيارة اللواء 20 رمضان إلى الأهواز وأقام صلاة المغرب والعشاء إلى جانب مقاتلين فرقة 25 كربلاء انه تحدث بعد الصلاة وقال: إذا يمكن للشهادة من حفظ نظامنا التوحيدي وإذ يمكن للشهادة إلحاق العار بالعدو وإذ يمكن للشهادة ان تعلن عن فكرنا ورؤيتنا الإسلامية إلى العالم، فأننا مستعدون للشهادة.

في يوم الخميس السادس من ارديبهشت في نفس العام وبإصرار منه توجه إلى زيارة جزيرة مجنون كي يقيم دعاء كميل في نفس الليلة. بعد صلاة الظهر من ذلك اليوم سمع شاه آبادي خبر سقوط طائرة توبولوف العراقية، فأراد ان يشاهد بقاياه وبالرغم من النيران التي كانت تضرب العدو إلا انه قام بهذا العمل. قبل الوصول إلى المنطقة تفقد قاعدة الدفاع للقوات الجوية التي أسقطت الطائرة العراقية وتوجه نحو جزيرة مجنون كي يشارك في دعاء كميل لكن غير صوت انفجار صادر من دبابات العدو كل شيء وأخيرا في مساء الخميس السادس من ارديبهشت عام 1363 وبالتزامن مع ليلة استشهاد سيده ومولاه الإمام موسى بن جعفر عليه السلام لبى نداء الحق بعد إصابته بقاذفة المهاجمين البعثيين واستشهد وكما قال قائد الثورة الإسلامية: ان هذا العالم الكبير والمناضل الذي لم يكن يعرف الكلل والملل حصل على جزاء سنوات من الجهاد في سبيل الله تعالى وجهوده لسيادة الإسلام بوفاة مثير للفخر أدى إلى رضاء الله تعالى ومجاورة أولياء الله تعالى.

في عزاء ابن الأستاذ

أرسل الإمام الخميني قدس سره الشريف عند استشهاد رمز الإخلاص والإيمان والاستقامة رسالة تاريخية وعظيمة تعبر كل مفردة فيها عن القيم الوجودية لدى هذا الفقيه المجاهد:

بسم الله الرحمن الرحيم

 إنا لله وإنا إليه راجعون

أهني وأعزي بكل أسف وتأثر استشهاد ابن الأستاذ المحترم فخامة حجة الإسلام السيد الشيخ مهدي شاه آبادي لبقية الله أرواحنا لمقدمه الفداء. هنيئا لإمام الزمان عجل الله تعالى فرجه هؤلاء المضحين في سبيل الهدف الكبير والإسلام العزيز من يرفعون رأس الشعب الإيراني العزيز وبالتحديد علماء الدين. إنّ هذا الشهيد العزيز وفضلا عن انه كان مجاهدا شريفا وخادما مخلصا للإسلام وانتقال إلى رحمة الله في هذا السبيل كان ابن شيخنا الجليل، الذي كان له عليّ حق الحياة كرجل دين في الحوزة، ولذلك لساني وقلمي يعجزان عن أداء حق شكره. أسال الله تعالى ان يضع هذا الشهيد الكبير وكافة الشهداء في سبيل الإسلام في جواره وأساله ان يمنح الصبر والسلوان إلى أقاربهم وأبناء شاه آبادي المكرمين دامت إفاضاتهم.

7/2/1363 روح الله الموسوي الخميني (صحيفة الإمام ج 8)

قائمة مراجعة وتحرير

شخصيات تركت: 500
التعليق مطلوب