المقالات

المساجد رمز الثقافة والحضارة الإسلامية

 
 ان المساجد ومنذ تأسيسها إلى يومنا هذا كانت قاعدة معنوية اجتماعية وتقوم بوظائف عديدة لا يمكن مقارنتها مع أي مؤسسة شعبية طوال التاريخ. في هذا المقال نقوم بداية الأمر وبإيجاز بالتطرق إلى وظائف وانجازات المسجد المختلفة في سبيل الرقي بالفرد والمجتمع في الجانب المعنوي. نحن نرى بان المسجد وفضلا عن الوظائف الاعتيادية، يمكنه ان يكون كقاعدة تمهد الأرضية لإقامة الدولة الكريمة العالمية دورا مهمة وكبيرا. كما ان المسجد يعتبر التراث الخالد والحيوي لنبي الإسلام صلى الله عليه وآله وسلم بعد القرآن الكريم، وعلى هذا نريد ان نقدم نظرية المسجد المعجزة الثانية لنبي الإسلام.

المصطلحات الدليلية: المسجد والإسلام والمعجزة والأخلاق والثورة الإسلامية.

المقدمة

ان المساجد ومنذ تأسيسها إلى يومنا هذا كانت قاعدة معنوية اجتماعية وتقوم بوظائف عديدة لا يمكن مقارنتها مع أي مؤسسة اجتماعية. ان هذه المؤسسة الدينية والثقافية والاجتماعية والسياسية تحمل بين طياتها السير والسلوك العرفاني الأصيل وأكثر القرارات ثورية وسياسية وكذلك قدمت الاستشارة العسكرية الكبيرة والجزئية لحكومة النبي وحملت تراث الثقافة والفن والحضارة الإسلامية. ان المسجد يعد جامعة علمية تعليمية وتربوية ومركز لتوحيد الصفوف وتلاؤم الناس في الشؤون الاجتماعية والتعاون. على هذا فان إعادة قراءة وظائف المسجد المنوعة وفقا للآيات وسيرة النبي الأكرم والأئمة المعصومين عليه السلام ودراسة إمكانية المسجد الفريدة بنوعها طوال القرون المتواصلة وبالتحديد في صدر الإسلام والثورة الإسلامية، بغية إعادة بناء وإحياء دورها في العصر الراهن، يعتبر أمرا ضروريا.

أحاديث المعصومين وسيرتهم العملية تدل على ان المسجد هو حجر بناء الحكومة الإسلامية وان الحكومة الإسلامية تعتبر منطلقا لإنشاء الدولة الكريمة العالمية بإمامة الإمام المهدي الموعود عجل الله تعالي فرجه الشريف وقيادته. على هذا لا يخفى دور المساجد على أحد في تهذيب النفس وتربية القوى الإنسانية الصالحة والمنتظرة بهدف تحقيق العدالة وتوفير الأرضية لإنشاء حكومة الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف.

ان دور المساجد ووظيفتها متنوعة إلى حد، يبرز في كل فترة وعصر خاص، وفقا للمدراء والحكام والسياسيين والقائمين على المساجد.

ان دراسة وظيفة المسجد بتأني تبرهن على انه لو تجلت إمكانيات المساجد الظاهرة والخفية بدقة وسرعة، فيكون بها نتائج وبركات كثيرة ينتفع بها المجتمع الإنساني.

المبحث الأول: وظائف المسجد

1)    وظيفة التعالي الأخلاقي

1-1 تهذيب النفس والتعالي الأخلاقي

ان الرقي بالأخلاق ونمو الفضائل وإزالة الرذائل في الإنسان تعد من أسمى وظائف المساجد وأكثرها نشرا. فان الله تعالى خلق الإنسان لنشر أخلاق الإطاعة الذي يترك تأثيره الإيجابي على الرقي بالفرد والمجتمع فان نشر هذا الأخلاق وبناء المدينة الفاضلة على أسس التقوى الإلهي طوال التاريخ، كان محط اهتمام العارفين والمؤمنين كي وبمساعدة النورانية والقداسة المعنوية للمساجد، يحققون ذلك الهدف. وفقا لهذه الوظيفة للمسجد فانه يعتبر معراجا للعابدين ومسجدا للمؤمنين ودائرة للسير العرفاني ومركزا للاعتكاف ومحلا لتهذيب نفس المتقين.

1-2 تقوية فضائل الأخلاقية الفردية

ان ظهور وتقوية الأخلاق الفردي بهدف تهذيب النفس وإضفاء الطابع الديني على العلاقات الاجتماعية تعتبر من أكثر وظائف المساجد شمولا. فانه يأتي إجابة على نظريات أشخاص من أمثال جون لوك الذي قال ان الدول ليست المسئولة في الجوانب السياسي للأخلاق الفردي للمواطنين.

ففي هذه الوظيفة تؤدي المساجد كقاعدة دينية وغير حكومية دورا مهما في سبيل تربية الفضائل الأخلاقية وان الحكومات الإسلامية تعتبر الساعد الأيمن للدولة وتؤدي دور التربية الأخلاقية للفرد والمجتمع.

عند تبيين دور المسجد في تربية الفضائل الأخلاقية الفردية ونموها، يكفي التذكير بهذا الموضوع بانه وفقا للآيات الإلهية والنصوص الروائية، فان بناء المساجد وتعميرها وكذلك الحضور فيها له تقاليد وعادات، إلا وهي الإيمان بالمبدأ والمعاد وعبودية الله تعالى. فان هذه المقدمات والتقاليد والظروف تعتبر اول المراحل لإزالة الرذائل الأخلاقية والتزين بالفضائل الأخلاقية.

ان وظيفة المسجد في الرقي بالأخلاق الفردي وتحسينه يعد أمرا مؤثرا بحيث قال النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَأَيْتُمْ الرَّجُلَ يَتَعَاهَدُ الْمَسْجِدَ فَاشْهَدُوا لَهُ بِالْإِيمَانِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاة.

2)    الوظيفة التعليمية التربوية للمسجد

ان المسجد ومنذ تأسيسه إلى يومنا هذا يعتبر مركزا وجامعة علمية وبالتحديد في مجال تعليم الدين والمعارف الإسلامية، فان تعليم العلوم التخصصية في المساجد ونظرا إلى قداسة المسجد وسيادة الفضاء المعنوي والهدوء عليه، فانه يوسع من روح الالتزام في الأفراد ويجعلها تنمي، ويترك بهذا التأثير الكبير. فان عناوين ومدلولات وظائف المسجد التعليمية، منذ النبي الأكرم إلى يومنا هذا كثيرة، نتحدث فيما يلي عن بعض منها:

أ‌)       ذات يوم جاء شخص يدعي جرير ومعه عشرة من أبناء قبيلته واسلموا بعد صلاة الفجر وقبل طلوع الشمس وجرت بينهم وبين النبي صلي الله عليه وسلم محادثات علمية بإسهاب، كما قال عبد الله بن عم: ان النبي كان يتحدث إلينا حتى وقت متأخر عن تاريخ بني إسرائيل.

ب‌)  قال الإمام علي عليه السلام: من اختلف إلى المسجد أصاب إحدى الثماني: أخاً مستفاداً في الله عز وجل، أو علماً مستطرفاً، أو آية محكمة، أو رحمة منتظرة، أو كلمة تردّه عن ردى، أو يسمع كلمة تدلّه على هدى، أو يترك ذنباً خشية أو حياءً. يعتبر العلامة المجلسي رحمه الله تعالى بان مفهوم العلم المستطرف هو علم البديع والحديث والمعرفة الحديثة.

ت‌)  توجه أستاذ الاقتصاد في جامعة القاهرة، الدكتور محمد شوقي الفنجزي، إلى النجف الاشرف لزيارة آية الله الشهيد محمد باقر الصدر رحمه الله تعالى في بيته وسال الشهيد الصدر عن الجامعة التي تخرج منها على المستوى العالمي، وأجاب الشهيد الصدر بانه لم يتلق أي تعليم في أي جامعة وانه درس في مساجد النجف فقط، وقال له الدكتور شوقي: ان مساجد النجف أفضل من الجامعات الأوروبية حقا. وبعد الرجوع إلى القاهرة اقترح الدكتور زكي نجيب محمود ترجمة كتاب مباني الاستقراء من العربية إلى الإنجليزية، وأرسل كتاب فلسفتنا وكتاب اقتصادنا إلى روجيه غارودي.

ث‌)  كان يلقي الإمام علي عليه السلام خطبة للناس في مسجد الكوفة. فحمد الله وأثني عليه، ثم قال: ‏أيها الناس، سلوني، فإن بين جوانحي علماً جماً. ‏ فقام إليه ابن الكواء ووجه عدة أسئلة حول معنى بعض الآيات من آيات القرآن والمعارف الدينية كما سال الإمام عن القوس والقزح والمجرة والظلمة التي تظهر في القمر وأجاب الإمام علي عليه السلام على كافة أسئلته.

3)    وظيفة المسجد في الحضارة والثقافة الإسلامية

ان المسجد وعند كافة الشعوب والنحل يعد رمزا ملموسا للثقافة والفن للمسلمين. فان دراسة المساجد من هذه الزاوية تعبر بوضوح عن إرادة وهمة الفنانين المسلمين السامية في إقامة الدين في الجانب النفسي والعاطفي والجمالي. لهذا السبب فان السياح والاركيولوجيين والباحثين، قد انجذبوا إلى المسجد. فان المسجد والى جانب تعريفه بأسلوب الفن المعماري الإسلامي والحضارة الدينية، يقدم الاعتماد على الذات والإبداع والجهد والمثابرة لدى الفنانين المسلمين، الذين وبعون الله تعالى خلقوا هذا الفن الإسلامي الإيراني البديع الذي امتزج مع الروح والفطرة الإنسانية في ظل الدين والعرفان التوحيدي الأصيل.

ان المساجد وباتخاذ اتجاه معماري الفن الإسلامي استطاع ان يرشد الكثير من الناس نحو المعتقدات الفطرية لهم وان يبقى على الشعور الديني ومحورية الله تعالى في روح البشر حية.

مقدم الأنبياء والأئمة: في بعض المساجد وإضفاء التقديس على تلك الأمكنة كتجلي للآثار والحضارة والإنسانية يمكنها ان تصبح كخطوة في مجال تقريب المذاهب والأديان. على سبيل المثال أقام 70 نبي و70 وصي للنبي الصلاة في مسجد براثا وعبدوا ربهم.

ان المسجد الجامع النبوي في دمشق بني على ارض يمتد تاريخها إلى 3 آلاف عام. ان هذا المسجد وقبل ألف عام كان معبد حداد آلهة الرعد والطوفان والأقوام الآرامية وأسس أوائل القرن الأول للميلاد، الروم في هذا المكان معبدا لعبادة وبيتر وأصبح أواخر القرن الرابع للميلاد مكانا مقدسا للمسيحيين وفي عام 636 للميلاد كان المسلمون والمسيحيون يستفادون من هذا المكان معا. ثم بني في هذا المكان مسجدا في عام 706 حتى 715 وفي عام 2001 زار البابا جان بول الثاني في اول زيارة له لمسجد إسلامي، هذا المسجد.

4)    الوظيفة السياسية العسكرية للمسجد

إذا ما نظرنا إلى التاريخ السياسي والنضالي للحضارة الإسلامية، نعرف عندها بان كافة غزوات النبي الأكرم والنضال الاجتماعي للائمة والثورات والحركات التحررية للإسلام قد بدأت من قاعدة المساجد.

ان مسجد النبي في المدينة لم يكن مجرد مركز للعبادة والنشاطات الاجتماعية والسياسية للمسلمين، بل انه خلية فكرة ومركز للاستشارات العسكرية للمسلمين.

ان الإمام الخميني قدس سره الشريف، الذي جعل الناس يثورون في وجه الحكومة الملكية الإيرانية، قد جمع ملايين من الجماهير من خلال المسجد. ان تحدث عن هذا الأمر مرارا وكرارا كما قال ان المسجد هو مركز للتبليغ وفي صدر الإسلام وعبر هذه المساجد كانت تندفع الجيوش ان المسجد كان مركزا لتبليغ الأحكام السياسية في الإسلام.

من دون شك ان منشأ ومصدر المكانة الراهنة للعالم الإسلامي والنجاحات التي تحققت وكذلك الصحوة الإسلامية، وبالتحديد انتصار الثورة الإسلامية الكبيرة قد جاءت نتيجة هذه الوظيفة للمسجد.

ان نضال الإمام علي عليه السلام ومواجهته الناكثين والقاسطين والمارقين قد بدأت من داخل مسجد الكوفة وفي نهاية المطاف استشهد الإمام في هذا المسجد.

ان النضال الثوري للسيدة زينب عليها السلام وخطبتها في مسجد الكوفة وخطبة الإمام السجاد في مواجهة يزيد كانت قد انطلقت من المسجد إذ اكتملت ثورة عاشوراء.

ان ثورة "سربداران" في القرن الثامن والثورة الدستورية في إيران وثورة الشعب في مسجد كوهر شاد احتجاجا على السفور وخطابة الإمام الخميني قدس سره في المسجد الأعظم في قم ومواجهة القادة الدينين من المساجد كمسجد "هدايت" ومسجد أبوذر ومسجد قبا، يدل على الوظيفة السياسية والإعلامية والعسكرية للمساجد.

يقول عالم الاجتماع والمنظر الفرنسي ماروين زديتس الذي قام بدراسة أسباب ومسار الثورات في مختلف الدول: يجب عند دراسة الثورات دراسة 4 حقول وهي كالتالي:

القيادة والتنظيم وجماهير الناس وردة فعل الحكومة.

نظر إلى النظرية أعلاه، يغدو من الواضح بان المسجد يمكنه إدارة 3 حقول من الأربعة المذكورة أعلاه بأفضل الأشكال.

5)    وظيفة المسجد في الشؤون التعاونية والاجتماعية

ان مسجد النبي كان من أهم قواعد الشؤون الاجتماعية في المدينة. وان هذا الدور مستمر إلى يومنا هذا في كافة المساجد. ان قداسة المساجد وتقوى الناشطين والعاملين وأهل المسجد، يعد أهم جانب يمكنه تقديم العون إلى إقامة القضايا الاجتماعية بأفضل الأشكال وتعاون الناس في شؤون المساجد. ان القضاء كان يعد من أهم القضايا الاجتماعية التي قام بها النبي في المساجد. وكانت تتم أغلبية اللقاءات التي كانت تجمع النبي صلى الله عليه وآله في النبي. ان المساجد كانت دائما مكانا لمعالجة المشاكل وتوفير الحاجات الضرورية للناس. كما ان المساجد تعتبر قاعدة للإعلام الجماعي ومركزا لبناء العلاقات وقاعدة للتنسيق والمساعدة في الأحداث الطبيعية.

المبحث الثاني: المسجد قاعدة الأطروحة المهدوية

نظرا إلى التطورات الثقافية والسياسية والاجتماعية في العالم في العصر الحديث، من اللازم بان المساجد وبواسطة الوئام بين المسلمين وروح المثابرة بينهم ان يقدم الوظائف في إطار شبكات إذ يعتبر من أهمها كون المساجد قاعدة لأطروحة المهدوية.

ان نظرية التنمية والعولمة الشاملة، تترك تأثيرها على كافة القضايا الثقافية والسياسية والاقتصادية على المستوى العالمي إذ يعتبر أهم هواجس المفكرين والأحرار والمثقفين.

ان هذا المبحث الذي خرج من نظرية القرية الكونية لصاحبها مارشال مك لوهان أو من فكرة برجينسكي وهو المسئول الأسبق لمجلس الأمن الأمريكي في فترة رئاسة ريغان، تم تقديمه بواسطة توفير التقنية والعلاقات المتطورة للإعلام كالأقمار الاصطناعية والانترنت وجاء لتلبية هذا الهدف إلا وهو منح حزمات ثقافية واقتصادية واجتماعية وسياسية موحدة للناس بعيدا عن الحدود وبواسطة إقصاء الرغبات القومية للشعب ويهدف إلى تحقيق الرفاهية للناس في حياتهم الفردية والاجتماعية.

ان مسار العولمة والقضايا المثارة حولها وموقف المفكرين الأحرار وبالتحديد من جانب الأديان الكبرى في العالم كالإسلام وحضارة الهندوسية والكونفوشيوس في مواجهة هذه الظاهرة، يدل على العلمانية والتغرب السائد على هذه النظرية. في مواجهة العولمة في إطارها الغربية، تم تقديم الدين الإسلامي ومذهب التشيع ونظرية الحكومة العالمية للإمام الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف والدولة الكريمة العالمية أو أطروحة المهدوية. هذا وان هذه النظرية توجد في الأديان الإلهية وغير الإلهية قبل الإسلام بفارق بسيط بين الاثنين. على هذا يبدو ان مصادرة هذه النظرية باسم الغرب وأمريكا يعد عملا من صنف الغصب.

ان الفوارق الجوهرية بين نظرية العولمة ونظرية الدولة الكريمة العالمية كثيرة تأتي أهمها التحديات التي تظهر في القضايا الشاملة والجزئية الثقافية ونوعية ترحيب الناس بها.

ان أطروحة المهدوية أو الدولة العالمية الكريمة هي من برامج الله تعالى. إذ يعرف الحاجات الفطرية والمادية والمعنوية للإنسان. في الحقيقة ان الدولة الكريمة العالمية إجابة على حاجة فطرية للإنسان التي بقت طول التاريخ مجهولة. ان صحوة الفطرة والعودة إلى الجوهر الوجودي للإنسان ومعرفة مطالبه الشرعية والفصل بين الرفاهية الحقيقة والمزورة واستعادة مسار السعادة معرفة القادة، كلها من الأمور التي تحتاج إلى العلم والوعي. على هذا من الأفضل ان يصدر هذا العلم وهذه الرؤية والانتماء من مكان دعا إليه الله سبحانه تعالى الجميع إليه بعد إصدار أمر ببناءة. ان هذا المكان المقدس لا يمكن إلا ان يكون المسجد.

ان هذه القاعدة الصانعة للإنسان يمكنها ان تربي وتعلم وتقود الأشخاص الذين استوعبوا هذه الفكرة جيدا وقاموا بالدفاع عنها بكل قوتهم. كي يسعوا بواسطة نشر الأخلاق الحسنة الإلهية في نشر وتعميق فكرة أطروحة المهدوية.

ان دور المساجد في كافة المجالات ومنها توحيد صفوف المسلمين في العالم وتكوين شبكة من العلاقات بين المؤسسات الاجتماعية في مسار تحقيق الدولة العالمية الكريمة، يعد دورا مؤثرا.

قال الإمام علي عليه السلام حول العلاقة بين الحكومة العالمية والمسجد قبل 14 قرنا بعبارة بليغة:

إِنَّ الدُّنْيَا دَارُ صِدْق لِمَنْ صَدَقَهَا، مَسْجِدُ أَحِبَّاءِ اللهِ، وَمُصَلَّى مَلاَئِكَةِ اللهِ، وَمَهْبِطُ وَحْيِ اللهِ، وَمَتْجَرُ أَوْلِيَاءِ اللهِ، اكْتَسَبُوا فِيهَا الرَّحْمَةَ.

المبحث الثالث: المساجد معجزة الثاني لنبي الأكرم

ان المساجد باعتبارها مؤسسة دينية في مجتمع المسلمين يتمتع بجاذبية كبيرة، إذ يتطور كميا وكيفيا بعد 14 قرنا من ظهور الإسلام.

ان تأثير المساجد الكبيرة في تهذيب نفس الإنسان وتعالى المجتمع وتربية أناس إلهيين وملتزمين وظيفة المسجد الإستراتيجية في عملية تحقيق الدولة العالمية الكريمة طوال التاريخ، أوصل ظهوره إلى نقطة يمكن إطلاق المعجزة الثانية لنبي الإسلام عليها، وتقديم نظرية المساجد باعتبارها المعجزة الثانية لنبي الإسلام.

بعد المسجد الحرام إذ كان اول قاعدة عبادية للمسلمين، قام النبي محمد في بداية الحكومة الإسلامية في المدينة، بإنشاء مسجد القبا وبعد مسجد النبي.

ان القرآن يعتبر المعجزة الأولى لنبي الإسلام، ولا جدل في هذا، هذا ويمكن من ضمن كافة الأشياء التي بقيت من نبي الإسلام اعتبار المسجد والوظائف التي يقوم بها كمعجزة ثانية لنبي الإسلام. لكن البرهنة على هذه النظرية بحاجة إلى تقديم دراسة ان من بين الأدلة التي يمكن الاستناد إليها عند الحديث عن هذا الأمر هي التالي:

أولا ان المساجد هي مكان للقرآن وقراءة القرآن والإنس بالقرآن وان هذا الأمر يعتبر تكريما لمعجزة نبي الإسلام.

ثانيا منذ بداية الوحي تأسست المساجد باعتبارها قاعدة اجتماعية وسياسية لدين الإسلام وتلعب حتى إقامة حكومة إمام الزمان العالمية عجل الله تعالى فرجه الشريف دورها في إطار أهم قاعدة للنهضات الإسلامية.

يقول الشيخ الطوسي رحمه الله في كتاب تمهيد الأصول في تعريف للمعجزة: ان المعجزة هي عمل لها عدة شروط:

1-    أن يكون خارقاً للعادة.

2-    أن يكون من فعل الله تعالى أو جارياً مجرى فعله.

3-    أن يتعذّر على الخلق جنسه أو صفته المخصوصة.

4-    أن يتعلق بالمدّعى على وجه التصديق لدعواه.

على هذا فانه يمكن اعتبار المساجد وما تؤديها من وظائف كظاهر اجتماعية إلهية، غير قابلة للمقارنة مع كافة الظواهر المماثلة كالكنيسة، وإنها تهدف إلى تحقيق أهداف أكبر معجزة للنبي إلا وهي القرآن، إذ جاءت فكرة إنشاءها والتعبير عن أدوارها ووظائفها على يد النبي وبإذن من الله تعالى وإنها ستبقى خالدة طوال قرون وفي المستقبل وإنها بمثابة معجزة أصغر من القرآن وأفضل من كافة المعجزات للنبي الأكرم.

خلاصة الكلام والمقترحات

نظرا إلى دور المساجد ووظائفها الكبيرة ونزوع الناس إليها وكون هذه المؤسسة الاجتماعية متحررة وبسبب سهولة الوصول إلى هذا المكان المقدس، يصبح من الضرورة وبنظرة حديثة وموافقة مع العصر والتطور والعدالة العالمية، القيام بإعادة تعريف مؤسسة المسجد وبيان وظائفها وفقا لمتطلبات الزمن. على هذا نقدم المقترحات التالية كنماذج للعمل:

1)    ان يتم معرفة جوانب وظائف المسجد ودراستها بواسطة المفكرين المسلمين وعلماء الاجتماع وعلماء النفس والأخصائيين في القضايا التربوية كي نزيد من تأثير المساجد في سلامة الشخص والمجتمع النفسية.

2)    ان يتم تقديم الوظائف والأدوار الكامنة التي لم تسنح لها الفرصة للبروز وذلك بواسطة استشارة الفقهاء والمفكرين في المجالات الدينية والاجتماعية وان يتم إعدادها.

3)    ان ترحب المساجد بوظيفة حديثة في إطار قاعدة أطروحة المهدوية وان تؤدي دورها المهم في نشر فكرة الدولة الكريمة العالمية.

4)    ان يتم دراسة نظرية المسجد المعجزة الثانية لنبي الإسلام بشكل عميق وكبير كي يتم تأسيس التطورات الجوهرية في المجتمع وعصر القرية الكونية.

 

المصادر

 

القرآن الكريم

1.     نهج البلاغة

2.     محمد بن سلامه قضاعي، شهاب الاخبار.

3.     ميرزا حسين نوري؛ مستدرك الوسائل.

4.     ابوزيد عمر بن شبه مميزي؛ تاريخ المدينة المنورة، ترجمة حسين صابري،قم، مشعر.

5.     حر عاملي، محمدبن حسن؛ وسائل الشيعة.

6.     علامة مجلسي؛ بحار الانوار.

7.     علي رحيمي، رحمت­اله؛ تاثير ارزشهاي اخلاقي در اقتصاد با تاكيد بر نظريات شهيد صدر،1388.

8.     كتاني عبدالحي؛ نظام الحكومة النبوية.

9.     رحيم نوبهار، سيماي محمد، منشورات كوثر، قم، 1373.

10.                        روح الله، موسوي الخميني؛ صحيفة نور.

11.                        رضائي، علي؛ جايگاه مسجد در فرهنگ اسلامي، ثقلين، 1383.

12.                        www. Masjed.ir.

 

قائمة مراجعة وتحرير

شخصيات تركت: 500
التعليق مطلوب