المقالات

إمام الجماعة ومشاعر الأطفال واليافعين

 
 يعد العزف على أوتار المشاعر والأحاسيس من أهم مكامن القوة لكافة البشر وبغض النظر عن أعمارهم، بغية استقطابهم للقيام بعمل ما.

ان إثارة المشاعر تعني بان بعض الأشخاص يقومون بعمل ما أو نشاط ما في بعض الأحيان، بينما لا يوجد من سبب خاص أو دافع خاص لقيامهم بتلك الأعمال، سوى الأحاسيس والمشاعر ذات الصلة بتلك الحالات. يمكن لقوة المشاعر والعواطف ان تصبح محرضة جيدة لبعض الأشخاص وبالتحديد الأطفال واليافعين. شاهدنا مرارا وكرار بان الاهتمام بمشاعر الطفل يمكن ان يجعله يتردد على المسجد أو الأماكن الدينية وفي النقيض من هذا يمكن لتجريح المشاعر ان يصبح عاملا للابتعاد والهروب من المسجد أو أي مكان آخر.

في بعض الأحيان يمكن لذكرى جميلة أو مواجهة محترمة ان تجعل مشاعر اليافعين ترغب في الاستمرار ومواصلة الطريق.

العراقيل التي تقف في وجه إثارة مشاعر المخاطب:

ان الجوع والعطش والبرد والحر والعوامل البيئية تعتبر من الأسباب التي تشتت تركيز المخاطب، وتعتبر من العراقيل التي تقف في وجه إثارة المشاعر.

يقول الأستاذ قرائتي: أخذوني لإلقاء محاضرة لمدرسة، يوما من الأيام، شاهدت بان الشباب منزعجين جدا قلت يا شباب هل أنتم دائما هكذا، قالوا يا شيخ جاؤوا بنا من ملعب كرة القدم إلى هنا، فانا رأيت بان الحالة سلبية ولا يترك قولي أي تأثير عليهم، جعلوا الشباب يتركون رغباتهم ويجيئوا بهم إلى الصف، قلت يا شباب أنا لا أتحدث فاذهبوا لممارسة كرة القدم.

قد يتعرض الشباب أو الأطفال إلى التباس في أمره عند مواجهته إمام الجماعة في زي علماء الدين، بسبب عدم امتلاكه الخبرة أو التجربة، وان هذا الالتباس قد يظهر نتيجة عواطف سلبية في نفسه. كما في بعض الأوقات تسود حالة من التشاؤم في نفس الشباب بسبب الأجواء غير المحبذة السائدة عليه.

على هذا فان المواجهة العاطفية الجميلة يقوم بها إمام الجماعة تجاه الشاب أو اليافع يمكن ان تصبح سببا في استقطابهم نحو علماء الدين والمسجد وتغير من نظرة اليافعين إلى علماء الدين من السلبية إلى الإيجابية والمنشودة.

في هذا الإطار نقدم من خلال السطور التالية مقترحات لإقامة العلاقة العاطفية بين الشباب واليافعين، يمكن تنفيذ بعض تلك الأساليب في مواجهتهم، كي يتم استقطابهم نحو المسجد وعلماء الدين بعون الله تعالى.

1-    القيام بتعريفهم على القضايا

نشدد في هذا المجال على القواسم المشتركة مع الأطفال واليافعين والتأكيد عليها.

القواسم المشتركة:

الاسم والحي والأصدقاء ولون اللباس أو الشعر أو الرغبة الخاصة و...

2-    تقديم تعريف من المخاطب

انها تعتبر من العوامل التي تخلق العواطف الإيجابية شريطة ان تكون مستدلة ولا تحلق أي شعور سلبي.

3-    الدعاء للمخاطب

انها من الأساليب لبناء العلاقة العاطفية غير المباشرة. ففي هذا الأسلوب يتم إظهار عظمة عالم الدين وشفقته بكلام ملائم. فان الدعاء لتلبية رغبات وأماني المخاطب تترك تأثيرا كبيرا.

4-    التعبير عن استيعاب اليافعين والأطفال

لكي يتم استيعاب الأطفال واليافعين يكفي ان نضع أنفسنا مكانهم وان نعبر عن استيعابنا لحالتهم.

ان هذا الاهتمام يؤدي إلى زيادة فهم اليافعين والأطفال منها، حس الفضولية وصعوبة الانصياع إلى الأطر والقواعد وتوقعات الآخرين في غير محلها.

5-    الخطاب الملائم والعاطفي

من الضروري في بعض الأحيان ان نخاطب اليافعين والأطفال مباشرة.

عندما لم نخاطب شخصا ما فان اول تأثير سلبي يظهر هنا في عدم تركيز المخاطب في الكثير من الأحيان، ويتم تشتيت تركيزه.

من سمات محاضرات سماحة قائد الثورة هي خطابه المستمعين ويتم هذا الأمر باستخدام صفة أعزاءي عادة.

تظهر في هذه اللقاءات المحبة نوعا ما.

تكون بعض محاضرات أئمة الجماعات مؤطرة في إطار خاص وتسودها الكليشيهات. وإنهم يستخدمون هذه العبارات، منها أيها الطالب العزيز. وتنقطع بهذه العبارات صلات العواطف. أو سادتي الكبار ... ان هذه المفردات لا تبني علاقة فحسب بل انها تعبر عن الفجوة بين إمام الجماعة والمخاطب. على سبيل المثال فان أعزاءي الشباب لا تكون من العبارات التي تبني العلاقة العاطفية.

ان إزالة الرسمنة عن المحاضرات يمكنها ان تجعل بناء العلاقة العاطفية جيدة إلى جانب الاحترام.

6-    اللحن المشفق

ان اليافعين عندما يستمعون إلى إمام الجماعة، فأنهم يركزون على نموذج الأمر والنهي والتعبير عن المعارف، فان مدى تأثير الأشخاص يتوقف على هذه الأمور.

فإذا كان يرى إمام الجماعة بانه يتحدث إلى مخاطب ليست لديه مشاعر إيجابية تجاه المسجد وعالم الدين، فيجب ان يغير من مشاعره بواسطة تغيير رؤية المخاطب ونظرته. وتقوية هذا الشعور المشفق كي يمكنه التحدث بلحن مشفق.

يجب ان يجد الطفل والشاب في كلام إمام الجماعة شعورا، يشعر بان أحاديثه تنطلق من الشفقة وليست الأمر والنهي.

7-    التعبير عن الآراء والمشاعر لدى المخاطب في العلاقة الكلامية

بانه يكره النصيحة التي يسمعها أو لا تكون لديه نظرة إيجابية لعالم الدين و...

على إمام الجماعة التقليل من الموقف السلبي بواسطة التطرق إلى هذا الموضوع أو إظهار الصدق بواسطة كلامه.

8-    العفو عن أخطاء المخاطبين

من سمات الطلبة الناجح هو الانتهازية ومعرفة الفرص، كي يمكنه تغيير بعض الأضرار إلى الفرص.

يقول الأستاذ حسيني أراكي: كنت ألقي محاضرة من على المنبر في مكان ما، كان طفل يصرخ في المجلس ويبكي؛ وإنني كنت ارفع من صوتي كي يسمع الناس كلامي، في نفس الوقت الذي يبكي فيه الطفل، لكن لم اتخذ المواجهة سبيلا، لكن كان عجوز قد فقد صبره ووقف في الجمع وصرخ وقال يا سيدة اخرجي الطفل من المسجد فأنك قد خلقت الإزعاج للجميع... انه خاطب المرأة بشكل سيئ.

عدت وقلت انني أتقدم بالشكر الجزيل لهذا الشخص الذي كان يفكر بي وكان يرى بأنني أتأذى من على المنبر، لكنني أقول لأختنا الكريمة لو اردتي اذهبي بالطفل لعدة دقائق خارج المسجد كي يهدأ باله لكن ارجعي إلى المسجد ثانية، يجب ان يكبر طفلكم في المسجد ومن واجبي ان أتحمل أكثر فلو لم يتربى هنا فليس من الواضح أين يذهب... فبهذا التعامل أصبحت المرأة وأسرتها مريدين لعالم الدين.

نظرا إلى تلك الأساليب أو الأساليب التي يمتلك إمام الجماعة الموقر القوة على تنفيذها، يمكن بناء علاقة عاطفية جيدة وإيجابية مع الأطفال واليافعين، إذ يعدون بحرا من العواطف والمحبة، وترك تأثير إيجابي في مواجهة عالم الدين كي تبقى له ذكرى جيدة.

 

قائمة مراجعة وتحرير

شخصيات تركت: 500
التعليق مطلوب