المقالات

اهتمام الإسلام الجاد بجميع أبعاد الحياة الأسرية

 

تتضمن أحكام الشرع قوانين وضوابط متنوعة لنظام اجتماعي وحقوقي متكامل، وفي ظل هذا النظام الحقوقي تم تلبية جميع الحاجات بدءاً من علاقات الجوار والعلاقة بين الأبناء والعشيرة وأبناء الوطن، وجميع جوانب الحياة العائلية والزوجية، وانتهاءً بالتشريعات التي تختص بالحرب والسلم والعلاقات الدولية، وبدءاً من القوانين الجزائية، وانتهاءً بالحقوق التجارية والصناعية والزراعية، فالإسلام لديه حكم لما قبل النكاح وانعقاد النطفة، إذ ينظّم النكاح المشروع، وينظّم ما يأكله الزوجان حالة الزواج، ويحدد الواجبات التي تقع على عاتق الأبوين خلال فترة حضانة الأبناء، وكيف ينبغي تربية الأطفال، وعلاقة الزوج بزوجته، وعلاقتها به، وعلاقة كل منهما بالأولاد.. في جميع هذه المراحل يمتلك الإسلام قوانين وأنظمة من أجل تربية الإنسان.(ولاية الفقيه: ص21)

من جملة الأمور التي تؤثّر في تباين المزاج واختلاف الأهواء: مراعاة آداب النكاح وأحكام الفراش وأوقات المضاجعة، وكذلك الأحكام الخاصة بفترة الحمل والرضاعة وانتخاب الزوج واختيار المرأة التي ستُرضع الطفل، وغير ذلك من الأحكام، كل هذه تتدخل بصورة كاملة في تحديد مزاج الطفل وروحيته، مثلما أنّ الأجواء التربوية وشخص المربي والمعلم والرفيق والمعاشرة والعلم الذي يكسبه وغير ذلك من الأمور التي يطول ذكرها.. لها تأثيرات عجيبة ومدهشة، وبعضها ظاهر للعيان.(طلب وإرادة ص148) 

وضع الإسلام أسس حياة الإنسان الشخصية قبل أن يولَد، وأوضح له قوانين الأسرة ما دام يعيش في الوسط العائلي، وحدّد الواجبات حتى سن التعليم، ثم المرحلة التي يدخل (فيها) المجتمع، فالعلاقة مع الشعوب والبلدان.. النظام الإسلامي يشتمل كل ذلك، وجميع هذه المراحل أوضح تكليفها الشرع المطهّر.

(من حديث حول وظائف الرؤساء ومسؤولياتهم: 14/11/1965) 

الإسلام يربّي تربية أخلاقية، وفي درجات المعاشرة يضع حكماً مع من تعاشر،  ولسلوك الإنسان نفسه أحكام في: تعامله مع عائلته.. تصرفه مع أبنائه.. تعامله مع جيرانه.. تعامله مع أبناء محلته وأصدقائه.. تعامله مع أخيه في الدين.. تعامله مع المختلفين معه في الدين.. إلى ما بعد الموت.. لقد وضع الإسلام أحكاماً للإنسان من قبل أن يولد، وفترة البلوغ ثم الزواج، والحمل، والولادة، والتربية في مرحلة الطفولة إلى أن يبلغ، والى أن يصبح شاباً ثم يشيخ، والى أن يموت، وفي القبر، وما بعد القبر.

(من حديث حول دور أحكام القرآن السياسية العبادية: 28/9/1977) 

هناك علاقات أخرى وأحكام أخرى تعود للأفراد، وتتناول الفترة التي تسبق الولادة، فهناك أحكام كي يولد الإنسان صحيحاً سالماً مهذباً، ويتضمن الإسلام  أحكاماً خاصة بفترة الزواج والفترة التي تسبقها فيما يخص اختيار الزوجة، وأسلوب معاشرة الزوجين، وفترة الحمل، والرضاعة، والفترة التي يتربى فيها الطفل في أحضان الأم، والفترة التي يتربى فيها الطفل على أيدي المعلمين الأوائل.. كل هذا له أحكام خاصة في الإسلام، الإسلام لديه قوانين لتربية الإنسان.

(من حديث بجمع من الفتيات والفتية الفرنسيين رغبوا باعتناق الإسلام: 9/11/78) 

أحد أبعاد الإسلام الحكومة، وهي مظهر من مظاهر السياسة، ومن أبعاد الإسلام الأخرى بناء الإنسان من الناحية المعنوية: كيف ينبغي أن تكون اعتقاداته، وأخلاقه، وسلوكه العملي.. فلإسلام رأي في كل شان من شؤون الإنسان: على عكس بقية والمذاهب والكيانات، فأنت لن تجد أية دولة تقول لك عندما تكون في بيتك: ينبغي لك أم تفعل كذا وكذا، إذ لا شأن لها بذلك، كل فرد حر في أن يفعل في بيته ما يحلو له، بيد أنّ الإسلام يوجّهك كيف تتصرف حتى عندما تكون في بيتك، أي: يحدد لك كيف ينبغي أن يكون سلوكك، كيف تكون أخلاقك، كيف تكون أفعالك واهتماماتك، كيف تتعامل مع أطفالك، وكيف يتصرف الابن مع والده، والأب مع ابنه، والطفل مع أمه، والأم مع بنيها، والأخ مع أخيه، وأفراد العائلة بعضهم مع بعض، فللإسلام رأيه الخاص وتعاليمه وأحكامه بكل هذه الأمور.

(من حديث حول الأبعاد السياسية ـ العبادية للإسلام: 12/11/1978) 

الإسلام أيضاً دين الجميع، أي: جاء ليأخذ بيد الإنسان إلى الصورة المنشودة، فهو يريد أن يحقق له صورة متوازنة لا يظلم فيها الإنسان أخاه الإنسان حتى بمقدار رأس إبرة.. لا يظلم فيها الإنسان طفله.. لا يعتدي على حقوق زوجته.. والزوجة لا تتعدى حدودها مع زوجها.. الأخ لا يعتدي على حدود أخيه.. وهؤلاء لا يعتدون على اخوتهم ورفاقهم. الإسلام يريد للإنسان أن يكون إنساناً عادلاً بتمام معنى الكلمة، أي يكون عقله عقل إنسان، وروحيته روحية إنسان، ومظهره مظهر إنسان ومتخلقاً بأخلاق الإنسان.

(من حديث حول الأبعاد السياسيةـ العبادية للإسلام: 12/11/1978) 

نحن بحاجة إلى مثل هذه الرسالة التي تأخذ بيد الإنسان في مدارج الكمال الإنساني منذ اللحظة التي يولد فيها، فهل تجدون في العالم مثل هذه الرسالة وهذا الدين؟ دين يبدي رأيه بشأن بناء الإنسان حتى قبل زواج أبويه..

إنّ المذاهب الموجودة في العالم قاطبة تحصر اهتمامها بالإنسان البالغ الذي وصل إلى مرحلة من الفهم والإدراك، بيد أنّ الإسلام يضع أحكاماً للإنسان قبل أن يولَد، إذ أنه يحدد للأبوين قبل الزواج طبيعة الشخص الذي يختاره كلّ منهما، يقول للفتاة أيّ زوج تختار، ويحدد للشاب مواصفات الزوجة المطلوبة. لماذا يفعل الإسلام ذلك؟ لأنّ كلّ من الشاب والفتاة سيكونان منشأً لأفراد آخرين. الإسلام يريد لهذا الفرد الذي سيلتحق بالمجتمع أن يكون صالحاً، فقبل أن يتزوج الشاب يحدد له الصورة التي ينبغي أن تكون عليها المرأة، وهكذا بالنسبة للفتاة: يعيّن لها ملامح شخصية الشاب الذي ينبغي أن ترتبط به، ما هي أخلاقه، ما هي أفعاله، وما هي أخلاق الفتاة وسلوكها، وفي أية أسرة تربّت.. وبعد أن يتم الزواج يحدد لهما صورة العلاقة بينهما، ثم يبدي رأيه بطبيعة الفترة التي تسبق الحمل: ما هي آداب فترة الحمل، وآداب الولادة والحضانة والرضاعة.. كل ذلك من أجل أن تأتي ثمرة هذا الزواج صالحة يغذّى بها المجتمع ويتحقق الصلاح في العالم أجمع. 

هذا هو الإسلام، يريد أن يربّي إنساناً، وقد تدبّر أمره قبل اقتران الزوجين، ويحدد ما ينبغي للرجل والمرأة اللذين ينويان الزواج فعله، ثم كيف ينبغي أن يتصرفا إلى أن يأتي الطفل، وما ينبغي لهما فعله خلال فترة الرضاعة، وكيف يجب التصرف مع الطفل وهو في أحضان الأبوين، وبعدها: كيف يتعاملون معه في محيط المدرسة الصغيرة، ثم في الثانوية والإعدادية.. وكذلك نوعية المعلمين الذين يتولون تربية الأطفال، وإذا ما وصل لسنّ البلوغ يحدد الإسلام له كيف ينبغي أن تكون أفعاله وأخلاقه وسلوكه، وماذا ينبغي له أن يتجنبه، كل هذا لأن الإسلام يريد أن يرفد المجتمع بأفراد صالحين.

(من حديث بشأن انحرافات المسؤولين في نظام الشاه: 31/12/1978) 

عندما تنظرون إلى الإسلام ترونه يمتلك نظاماً إنسانياً متكاملاً..، فلديه حكم حتى قبل أن يولَد الإنسان، وقبل أن يتزوج أبواه، وذلك لكي تنشأ البذرة في أرض صالحة، فالإسلام يقول رأيه بشأن اختيار الزوجة والزوج، والظروف المناسبة للزواج وآدابه، وآداب الفراش، وفترة الحمل: كالمزارع الذي يلقي بذرة ويحرص على رعايتها ويواظب على العناية بها حتى تنمو بصورة صحيحة.

فقد عني الإسلام بالمسائل التربوية حتى قبل زواج الأبوين، وذلك بدافع تربية الإنسان تربية صالحة، لأنه أراد أن يعدّ أرضاً سالمة مطهّرة بأن يختار الزوج زوجاً صالحاً سليماً يتحلى بالقيم الإنسانية حقاً.

وفيما عدا ذلك، اهتم الإسلام بمراحل حياة الإنسان الأخرى بدءاً بفترة الحمل واللحظة التي يولَد فيها، ومروراً بفترة الرضاعة والتربية في أحضان الأم وسن البلوغ، وانتهاءً بالموت والقبر وما بعد القبر.

إنّ أي قانون من قوانين البشرية لم يتكفل هذا الأمر، وهو مختص بقوانين الأنبياء.

(من حديث في مجموعة من علماء الدين: 3/2/1979) 

يجب أن تعلموا أنّ الإسلام يشتمل على كل ما يخص الإنسان، أي: من قبل أن يقترن الزوج والزوجة حتى اللحظة التي يوسد فيها القبر. الإسلام لديه أحكام وتعاليم خاصة بالإنسان، وجميع أحكامه راقية، وكلها من أجل سعادة الإنسان، وهي لصالح الإنسان: سواء في هذه الدنيا أو تلك.

(من حديث في جمع من أعضاء اتحاد الكتاب الإيرانيين: 19/2/1979)

الإسلام عبارة عن نظام شامل: نظام سياسي يحيط بكل شيء، في حين أنّ بقية الأنظمة غافلة عن الكثير من الأمور.

يهتم الإسلام بتربية الإنسان في مختلف أبعاد شخصيته، فهو يهتم بتوجهاته المادية، ويرعى اهتماماته المعنوية وينمّيها، بل لقد عبّر عن رأيه فيما هو أبعد من ذلك، إذ عبّر عن رأيه في الفترة التي تسبق اقتران الأبوين.

ويتضمن الإسلام أحكاماً وتعاليم لبناء الإنسان، فهو يحدد للرجل المرأة التي يختار، ويعيّن للمرأة مواصفات الرجل المطلوب: ما وضعه الأخلاقي؟ وما مستوى تديّنه؟

إنّ المُزارع إذا ما أراد أن يبذر البذور، فإنه يبحث أولاً عن الأرض الصالحة، ثم يوفّر كل مستلزمات الأرض لكي تنمو البذرة بنحو سليم، فتراه يحرص على توفير ما يراه مفيداً لها، ويحاول تجنبيها الأشياء التي تضرّها، ويستمر على مواظبته لها حتى تنمو وتثمر. والإسلام لديه مثل هذا الاهتمام بالإنسان، أي: يتعامل معه مثلما يتعامل المزارع مع زرعه الذي يريده أن ينمو ويثمر. فمن قبل أن تعقد النطفة: أمر الإسلام بالصورة التي ينبغي أن يكون عليها الوالدان، أي: كيف ينبغي أن يكون الزواج.

إنّ حرص الإسلام هذا جاء بدافع تفكيره بعاقبة هذا الأمر، فإذا كانت أخلاق أحد الأبوين ـ على سبيل المثال ـ فاسدة، أو كانت أفعالهما غير إنسانية، فإنّ أثر ذلك سيظهر في الطفل بالوراثة، ولهذا اهتم الإسلام كالمزارع الحريص والدقيق اهتماماً دقيقاً بمواصفات الإنسان الذي يجب أن يقترن به الإنسان الآخر، وإذا ما تزوجا اهتم بآداب الزواج وآداب الفراش، وهنا توجد تعاليم وآداب كثيرة، ثم ينتقل إلى فترة الحمل التي يذكر بشأنها آداباً كثيرة، بعدها يعبّر عن رأيه في آداب حضانة الأم، وكذلك دور الأب، وبعد أن ينتقل الطفل إلى المدرسة ثم إلى المجتمع، كل هذه الأمور والمراحل وضع الإسلام لها أحكاماً وآداباً، في حين أن بقية النظم الموجودة في العالم لا تعنى بهذا أساساً، وإنّ كل همهم هو ـ مثلاً ـ أن يرفل المجتمع في هدوء يمكّنهم من نهب ثروات الشعب، أو أن يحرصوا على تنظيم العلاقات الاجتماعية لأبناء المجتمع بشكل سليم. أما كيف ينبغي للطفل أن ينمو ليصبح فرداً صالحاً في المجتمع، وما هي طبيعة التربية المطلوبة خلال فترة الحمل والرضاعة، فمثل هذه غير موجودة لدى هذه الأنظمة، بيد أنّ الإسلام يهتم بكل ذلك، يهتم كيف ستكون معاملة الإنسان مع أخيه الإنسان، وكيف ستكون معاشرته مع والديه، وكيف ستكون معاشرة الآباء مع الأبناء، وكيف ستكون معاشرتهم مع جيرانهم، ومع أبناء شعبهم، ومع إخوتهم في الدين، ومع الأجانب.. كل هذا موجود في الإسلام، فالإسلام حكومة أحد أبعادها سياسي، وبُعدها الآخر معنوي، وهذا يعني أنّ الإنسان ذو بُعدين: بُعد مادي يتضمن الإسلام أحكاماً لكل مجالاته، وبُعد معنوي [وهو ما لا تتناوله الأنظمة الأخرى]، والذي يهتم بتربية الإنسان تربية معنوية ويعمل على تهذيبه ليوصله إلى مرتبة لا يعلم بها إلا الله. 

هكذا أخذ الإسلام بأيدي الناس وسما بهم في مدارج الكمال ليصلوا إلى الملكوت الأعلى، في حين أنّ الأنظمة الأخرى ليست كذلك.

(من حديث في جمع من منتسبي السلك التعليمي: 19/2/1979) 

تهتم الأديان بجميع أبعاد الإنسان، فالإسلام يهتم بالإنسان قبل أن يكون نطفة [أي] بالمرحلة التي تسبق الزواج، ويهتم بشروط الزواج ومواصفات المرأة المطلوبة للزواج، ومواصفات الرجل، فمثل هذا الزواج هو بمثابة زراعة للحصول على إنسان، فقبل أن يحصل الاقتران: يفكّر الإسلام في هذا الطفل الذي سيأتي إلى الدنيا بأن يكون سالماً معافى، ومن هنا تم الاهتمام بالمرحلة التي تسبق الزواج[مرحلة الاختيار] والشروط اللازمة للزواج، ثم مرحلة الحمل، وقبل الحمل (هناك) لحظة انعقاد النطفة، والظروف التي ينبغي توفيرها لهذا الانعقاد، وما هي أحكامه. وخلال فترة الحمل: حدّد الإسلام الأشياء المفيدة التي ينبغي للمرأة تناولها، والأشياء التي عليها تجنّبها، وإذا ما جاء الطفل: حدّد الإسلام مواصفات المرضعة وظروفها وكيف تتصرف الأم مع هذا الطفل إن تعهدت هي رضاعته، وبعد أن يخرج من أحضان الأم: كيف ينبغي للأب أن يتصرف معه، وما هي الأجواء العائلية المطلوبة لتربيته، ومَن هو المعلّم المناسب، وما هو الدور الذي ينتظره داخل المجتمع.. إنّ كل هذا يصنعه الإسلام من أجل تهذيب الإنسان. 

(من حديث في جمع من أعضاء رابطة مسيحيي إيران: 14/5/1979) 

الإسلام له رأي في كل شيء، وهو يفكّر بالطفل الذي سيُنجب بعد الزواج قبل أن يكون نطفة، إذ حدّد مواصفات الرجل الذي تختاره المرأة، ومواصفات المرأة المطلوبة للزواج، كل ذلك من أجل أن ينبت هذا الطفل في أرض صالحة، فالمزارع إذا ما أراد البذر فإنه ينظر إلى الأرض الصالحة ويوفّر لها كل مستلزماتها، والإنسان أيضاً عليه أن يختار الرحم الذي ستنعقد فيه النطفة، فهو كالمزارع يريد أن يزرع وينجب، فلابد له أن يعرف أية أرض يختار لزرعه، والإسلام يريد أن يصنع إنساناً، يريد أن يُوجِد آدمياً.

(من حديث في جمع من طلبة كلية الحقوق: 21/5/1979)  

خطّطت تعاليم الإسلام لزواجكم من قبل أن يقترن بعضكم ببعض، لأنّ ثمرة الزواج (هي) الولد، والإسلام فكّر بهذا، فأيّ قانون في العالَم يتدخل في الكيفية التي يتحقق فيها الزواج؟، إنّ كل ما يطلبونه هو أن تسجّلا زواجكما في دائرة النفوس فحسب، وفيما عدا ذلك لا شأن لهم بكما.

بيد أنّ الإسلام فكّر بالاختيار الذي يسبق الزواج.. اهتم بهذا الزواج الذي سينجب طفلاً، ولابد لهذا الطفل أن يأتي سالماً في موعده، اهتم الإسلام بالطفل مثلما يهتم المزارع بزرعه، حيث يعدّ الأرض الصالحة ويوفّر لها الماء ويأتي ببذور جيدة، الإسلام أيضاً يريد أن يُوجِد إنساناً، ولهذا أرشد المرأة للرجل الذي تختاره، وقال للرجل أية امرأة يختار وما هو أدبها، وهكذا، وبعد أن يتم الزواج: اهتم الإسلام بموضوع الحمل وإنجاب الأطفال، لأنّ الإسلام يريد أن يُوجِد إنساناً، ولهذا فهو يتدخل ليعطي رأيه منذ اللحظة التي يتم التفكير في إيجاد الأطفال. إنّ هذا الأمر الذي تتجاهله جميع قوانين العالم وتهمله.. يوليه الإنسان اهتماماً خاصاً، فالإسلام يعدّ الإنسان بنحو لا يرتكب مخالفة وإن كان في غرفة مغلقة، أما القوانين الأخرى فلا شأن لها بالباطن: افعل ما يحلو لك داخل بيتك، لا شأن لها بك، ولكن الإسلام لا يؤمن بهذا، لأنه يريد أن يربّي الإنسان بنحو لا يتغير ولا يرتكب ذنباً وإن كان وحيداً في غرفة مغلقة، ويبقى هو هو.. الذي تراه في أي مكان آخر، لا أن يفعل في غرفته ما يحلو له ويمتنع عن فعل ذلك أمام الآخرين.

إنّ الإنسان الذي يربّيه الإسلام هو واحد: سواء كان في صندوق مغلق أو في الشارع والمجتمع.. الإسلام يريد أن يربّي إنساناً يكون إنساناً في كل الأحوال.

(من حديث في جمع من أعضاء مجلس الإحصاء المركزي: 10/6/1979) 

أيّ دين أو مذهب غير دين الأنبياء يعنى بمواصفات الزوجة والزوج؟ لا شأن لهم بهذا، ولن تتضمن قوانينهم أشياء من قبيل مواصفات المرأة التي يختارها الرجل، وأيّ رجل تختار المرأة، لا تعنى قوانينهم ماذا ينبغي للمرأة أن تفعل خلال فترة الحمل والرضاعة، وما هي واجباتها أثناء فترة الحضانة، وكيف ينبغي للأب أن يتصرف إذا ما كان الطفل تحت رعايته، بل: القوانين المادية والأنظمة الوضعية لا تعنى بمثل هذا، إنها تهتم فقط بما يحول دون ارتكاب المفاسد التي تسيء إلى النظام، وإلا فإنّ هناك مفاسد من قبيل الفسق والفجور والفحشاء.. لا شان لها بها، بل إنها تشجّع عليها.. لا شأن لها في بناء الإنسان وفي أن يفكّر الإنسان ببناء نفسه، فمن وجهة نظر هؤلاء أنّ فرق الإنسان عن الحيوان هو أنّ الإنسان قابل للتطور، فالحيوان لا يستطيع أن يصنع طيّارة، إلا أنّ بمقدور الإنسان أن يفعل ذلك، والحيوان لا يستطيع أن يكون طبيباً، في حين أنّ الإنسان بمقدوره ذلك.

الدين هو الوحيد الذي يتدخل بكل شأن من شؤون الإنسان ويقول رأيه فيه، فهو الذي يفكّر بالإنسان الذي سيكون ثمرة الزواج، ويخطط له ليأتي إنساناً صالحاً، فهو يرشد الشخص المقبل على الزواج إلى مواصفات المرأة التي ينبغي له اختيارها، ويرشد المرأة إلى مواصفات الرجل الذي ينبغي أن تقترن به.

لماذا يعتني الإسلام بهذا؟ لأنه يؤمن بأنّ مثل هذا العمل يشبه إلى حد كبير عمل المزارع، فهو يختار أولاً الأرض الصالحة، ثم يفكّر في البذر الذي يختار، لماذا يهتم بكل هذا؟ ولماذا يولي زرعه كل هذه العناية والرعاية؟ لأنه يريد أن تعمر مزرعته ويجني ربحاً وفيرا.

لقد فكّر الإسلام بهذا أيضاً، فحدّد مواصفات الزوج المطلوب لكي تكون ثمرة هذا الزواج إنساناً صالحاً، ثم خطّط للمراحل التالية: ما هي الآداب التي ينبغي أن يتحلى بها كلٌّ من الزوجين؟ وما هي آداب الفراش؟ وبعدها ينتقل إلى فترة الحمل والآداب المحبّذة ثم مرحلة الرضاعة وما هو مطلوب من الأم، كل ذلك نتيجة طبيعية للأهداف التي تنشدها الأديان التوحيدية، وأسماها الإسلام، إنها تنشد أن تربّي إنساناً..

لم تُبعث الأديان لتوجِد حيواناً يختلف عن باقي الحيوانات في حدود حيوانيته وأهدافه الحيوانية، لم تأت لتوجِد هذا، بل جاءت لتربّي إنساناً.

(من حديث في جمع من حرس الثورة الإسلامية لمدينة آبادة: 4/7/1979)  تعالوا وانظروا كيف يخطط الإسلام للإنسان، إنه يرافقه منذ اللحظة التي يفكّر فيها الرجل أو المرأة بالزواج، ويخطط لأن تأتي ثمرة هذا الزواج طفلاً صالحاً، بعد ذلك يوصي الأم بما تفعله خلال فترة الحضانة، ثم ينتقل إلى المدرسة، وهكذا.. يريد الإسلام أن يرشدكم إلى الطريق المستقيم.

 

قائمة مراجعة وتحرير

شخصيات تركت: 500
التعليق مطلوب