الأخبار

أسرار نجاح امام الجماعه في حوار مع آيه الله سيد الرضي الشيرازي

لن أبدّل الامامة واسداء الخدمة الي الناس بالتدريس في الحوزات والجامعات، وما من شك أن المسجد لو كان لاقامة الصلاة فحسب فليس مسجداً مزدهرا عند الاسلام، يجب أن يحظي المسجد بامام عالم ساع نشط دؤوب.
  يجب للامام أن يمضي ساعات طوال مع الناس في المساجد

لن أبدّل الامامة واسداء الخدمة الي الناس بالتدريس في الحوزات والجامعات، وما من شك أن المسجد لو كان لاقامة الصلاة فحسب فليس مسجداً مزدهرا عند الاسلام، يجب أن يحظي المسجد بامام عالم ساع نشط دؤوب.  

أفاد الموقع الاعلامي (بوابة) لمركز متابعة شوؤن المساجد أن مسجد شفا من المساجد التي يجتمع اليه الناس منذ خمسين سنة من أحياء المسجد المجاورة وغيرالمجاورة. يقع هذا المسجد في شارع ولي عصر في تقاطع الشهيد بهشتي والمطهري، وغالبية الذين يجتمعون في هذا المسجد لاقامة الصلوات بالجماعة يأتون من الأحياء البعيدة عن المسجد، غيرأن حبهم المتجذر  بامام المسجد حدا بهم للمشاركة في الصلوات وجعل منهم رجالا ثابتين ومتواجدين في هذا المسجد علي الدوام.

 امام جماعة مسجد شفا آية الله سيد الرضي الشيرازي من أعقاب المغفور سيد ميرزا الشيرازي وهو من مواليد النجف، ومن أكبر علماء طهران تسلحا بالعلم والفقه، وينسب من جهة أبيه الي ميرزا الشيرازي الكبير ومن جهة أمه الي فقيه أهل البيت عليهم السلام السيد المغفور آية الله الشيخ محمد كاظم الشيرازي، فكان غالبية دراساته في النجف وتتلمذ عند الكثير من كبار الأساتذة كآية الله آقا شيخ محمد كاظم الشيرازي حيث تلقّي عنده علم الفقه وأصوله.

تم بناء هذا المسجد بأمر آية الله البروجردي وتم اختيار آية الله السيد الرضي الشيرازي منذ سنة 1344 كالامام في هذا المسجد، وبعد أن ألقي عصي التسيار في طهران انصرف الي التدريس بجامعة طهران، وأقام الي جنب التدريس في الجامعة حلقات لتدريس الفلسفة والعقائد في كل من مدارس المروي وسبهسالار.

 تم اختيار آية الله السيد الرضي الشيرازي منذ خمسين سنة كامام الجماعة في مسجد شفا، و منذ تلك السنوات تولّي نشاطات علمية عديدة كنشاطاته الثقافية والتبليغية وانعقاد حلقات مذهبية عديدة حول أصول العقائد والاجابة عن تساؤلات الناس والشباب علي وجه الخصوص في تلك المنطقة. وكان تعامله وسلوكه مع الناس جيدا الي درجة أنه خلب بألباب كثير من الناس وأن الكثير من المواطنين القاطنين في الشوارع والأزقات الأخري من طهران كانوا ينهالون علي هذا المسجد لهذا التعامل ونوعية سلوكه. ان علمه الوافر ووقوفه علي العلوم الحديثة والموضوعات المستحدثة وتعامله اللائق مع الناس ومعالجة مشاكل الشعب والسعي وراء حلحلتها هي جزء من الخصائص الأخلاقية الكبيرة لهذا الرجل الديني الكبير الذي اشتاق اليه الناس بما تحمل الكلمة من مدلول، كما أن تواجده المستمر في المسجد للاجابته علي تساؤلات الناس وتلبية علي مشاكلهم عزّ مثله.

التشبث بالعقل والقول اللين

فهو كان يري أن الطريق الافضل لدعوة الناس الي الاسلام هي استخدام قوة العقل والمنطق بدلا من التعبد وكان يعتقد أن القول اللين هو المنهج الأمثل لتبيين الحق وبيان حقائق الاسلام، وأنه لايمكن الدعوة الي الاسلام بلغة القوة والاجبار. يقول آية الله الشيرازي عن دور الامام في ازدهار المساجد وتزايد نشاطاتها: لايكتب النجاح لأي امام من أئمة المساجد في ادارة المساجد الااذا تمسك بالقرآن وبروايات الأئمة الأطهار عليهم الصلاة والسلام أجمعين في القيام بكافة مهامه، وأن يعطي لهما الأولوية ويضعهما نصب أعينه تماما. يجب أن يكون رجل الدين ذاخصائص وميزات قيمة، وأن يخطب وفقا لحوائج الشعب ومتطلبات اليوم، كما عليه أن يعرف جميع من يأتي الي المسجد ويتعرّف علي حوائجهم ومسائلهم ولم يدّخر جهدا الا يبذله لرفع حوائجهم.

فهو كان يري في فصاحة الخطيب وتعامله اللائق والصائب مع الناس سببا رئيسا في جلب الناس الي المساجد واقبالهم عليها، حيث يقول: اليوم يحتاج المجتمع الي امام عالم صائب الفهم وعامل بالاسلام في الوقت نفسه لكي يشاهد الناسُ الاسلامَ بشكل عملي في تعامله وسلوكه، كما أكِّد في الروايات الاسلامية والمأثورات أن يتم الدعوة من الناس الي الاسلام بشكل عملي، ومن ثم ان الامام الناجح هو الذي يسبق الآخرين في الخدمة الي الناس ليتمكنوا من التحدث معه بكل سهولة ودون تلكأ ولاتعثر. ويقول: الامام الذي يدخل المسجد حين الأذان و يخرج منه بعد أداء الصلاة ولم يكن يتواجد في المسجد قبل الصلاة ولابعدها فليس له تأثير كبير علي الناس وعلي المجتمع، يجب علي الامام أن يقضي ساعات طوال في المسجد ويتواجد فيها قبل الصلاة و بعدها للتلبية حاجات الناس.

 ويردف آية الله الشيرازي قائلا: فقد بذلت في السنوات الأخيرة كل جهودي ومسعاي لكي أبيّن الحق والحقيقة للناس بلغة سهلة لينة وأن أعلِّمهم الطريق القويم، لأنه لايمكن التنوير ولاالدعوة الي الاسلام بالاجبار والاكراه.

سر النجاح في دعوة أكثر من 600 شخصا الي الاسلام

 دعا حجة الاسلام والمسلمين آية الله الشيرازي طيلة السنوات الغابرة أكثر من 600 شخصا الي الاسلام، ويقول عن السلوك الذي سلكه حتي تمكّن من دعوة هؤلاء الي الاسلام: ان ائمة المساجد يجب أن يدعوا الي الاسلام بالعقل ثم بالعلم الكامل، لأن عالم اليوم هو عالم العلم والمعرفة ومعظم الناس غيرأميين، ومن ثم يجب أن نبذل كل جهودنا لكي نحيي الاسلام مستخدمين في ذلك العقل كل العقل و التفكير كل التفكير، لأن الاسلام هو العقل عينه، ولايستطيع أي بديل أن يغني غناء العقل. ويقول بعد ذكر خصائص المسجد المتعالي: ان مسجدا متعاليا في الدرجة الأولي يجب أن يكون فيه امام عارف بالعلوم اليوم ومستحدثات الأمور، حتي يوفّر الأرضية لاستقطاب الناس الي المساجد بسلوكه الطيّبة وأخلاقه الكريمة، وفصاحته الباهرة وظاهره المزدان وتسلحه بالعلوم الحديثة و... .

وأضاف آية الله الشيرازي: انني لن أبدّل الامامة واسداء الخدمة الي الناس بالتدريس في الحوزات العلمية والجامعات، ان المسجد الذي كان موضعا لاقامة الصلاة فحسب، فليس له الازدهار ولابريق عند الله وعند الناس أيضا، يجب أن يكون المسجد متمتعا بامام دؤوب وساعٍ عالم بالعلوم الحديثة والقديمة.

وهو في معرض قوله أنني رغم تدريسي المديد في الحوزات العلمية والجامعات الاأنني لاأبدل ذلك كله مع امامتي في المساجد وخدمتي الي الشعب، وقال: يجب أن يكون سلوك أئمة المساجد في دعوة الناس الي المساجد وانكبابهم علي الدين كسلوك الرسول صلوات الله عليه في ذلك، كان تعامل الرسول صلي الله عليه وآله وسلم مع الناس -كما ورد في الروايات الاسلامية- ملئه المحبة والتقدير، حيث كان قد يتعامل معه بعض الأطفال معاملة سيئة الاأنه يحنو عليهم ويحتضنهم محبة بهم واشفاقا عليهم أو كان يلعب معهم، ولذلك يجب أن يكون طريقة تعامل الرسول قدوة لنا في يومنا وفي عالمنا هذا.

وصرّح في معرض اشارته أنني بذلت قصاري مجهودي كامام طيلة 50 سنة لكي أتعامل مع الناس معاملة حسنة وأتخلق معهم باخلاق رفيعة: تختلف كافة الطبقات من الأمي والعالم ومن الضعيف والفقير والغني الي هذا المسجد، وانني بصفتي اماما للجماعة في المسجد أسعي كل الجهد ليكون الناس متساوين في المسجد كأسنان المشط الواحدة ويقفَ الكل في صف واحد لعبادة ربهم الكريم.

نتائج تواجد الامام العالم والمتسلح بعلم اليوم في المساجد:

وأردف امام جماعة مسجد الشفا قائلا: هناك غيرواحد من المساجد مااستطاعت أن تجلب الناس الي عبادة الرب الكريم رغم تزودها بالامكانيّات والأثاثيّات الحديثة، غيرأن هناك بعض المساجد الصغيرة والمتواضعة تمكّنت من استقطاب أشخاص كثيرين اليها وذلك لأن فيها امام عارف وعالم بالعلوم الحديثة، فالمسجد اذا كان فيه امام ناجح يستطيع أن يخطّط نشاطات ثقافيّة وفنيّة وعقديّة مختلفة لكي يتمتّع بها جميع الحضور.

وأوصي آية الله الرضي الشيرازي أن يكون باب المسجد مفتوحا علي الجميع صباح مساء، وأضاف قائلا: لو يعمل امام المسجد جيّدا، ويقيم نشاطات مختلفة ويدير المسجد ادارة طيّبة ويعتبر نفسه أحدا من الناس وأن يكون فيما بينهم ويكسب اعتباره في المسجد وفي الاجابة علي تساؤلات الشعب وطلباتهم لاستطاع أن يدير هذا المسجد ادارة اسلامية صائبة، ولهذا يجب أن يعتبر الامام منصب الامامة مهمته الأساس، لأن الامام هو رجل دين المنطقة ومديرها الديني، يؤثر سلوكه وتعامله علي معتقدهم وكافة أعمال الشعب.

وأشار الي أن المساجد يجب أن لاتلتجأ الي الأعمال التجارية حصولا علي الربح قال: ان المسجد اذا أصبح موضعا للتجارة والربح لارتحلت المعنوية منه ويضعُف جميع نشاطاته الثقافيّة والمذهبيّة، انني أشرت كرارا وتكرارا أن الطريق الوحيد لجاذبيّة المساجد وانكباب الناس عليها هو امامها وخطيبها.

لماذا اشتاق الناس الي امام المسجد؟

يقول فرهاد عصار وهو من اعضاء مجلس أمناء المسجد والذي يعرِف آية الله السيد الشيرازي أكثر من ثلاثين سنة: هو رجل ملئه المحبة والاطمئنان مما أدّي الي شعبيته لدي المصلين كلهم، وكان الناس قد يأتون اليه غاضبين لما طرأت عليهم من مشاكل ومعضلات فيصبحون مطمئني البال وهادئي الأعصاب حال رؤيته وزيارته وكأنهم كانوا ينسون كافة مشاكلهم التي كانت قد جاءت بهم الي المسجد! فهذا الخلق الكريم كان هو الذي ساق كثيرا من الناس نحوه، وكان هو الذي مهّد الطريق ليجلب اليه والي دينه ومعتقده كثيرمن الناس. واني أعتقد أن الامام كمدير للمساجد لوكان متحلّيا بأخلاق طيّبة وسلوك حسن مع احتفاظه بكرامته الانسانية لاستطاع أن يسوق الكثيرين الي المساجد وهذا هو سبب نجاح آية الله الشيرازي حيث كان يجتمع اليه بعد ثلاثين أو أربعين سنة جمع غفير من الناس في كافة أحياء وشوارع طهران لاستماع خطبه.

تدريس شرح المنظومة وفلسفة ملاصدرا

ويردف فرهاد عصار مشيرا الي الحلقات التي كان يعقدها آية الله الشيرازي في المسجد أو في منزله قائلا: من الحلقات التي عقدها آية الله الشيرازي يمكن الاشارة الي شرح المنظومة وفلسفة ملاصدرا وأصول العقائد والخطب وتفسير القرآن الكريم. وكانت مستمعي هذه الحلقات جمعا وفيرا من الناس والطلبة.

وأشار عصار الي أن صلاة الجماعة تقام في المسجد مرتين: أن المسجد تتكوّن من أقسام وأجزاء مختلفة كالمكتبة وبناية التعبويين (الباسيج) والمطبخ للطباخة في أيام المحرم، غيرأننا ارتأينا أن نوسّع قسم المكتبة وقاعة اجتماعات المسجد نظرا لضيقها، ويتم ذلك عن طريق دعم الشعب المالي وكرمهم الفيّاض. وأضاف أن المسجد تكفّل باعانة الفقراء والمحتاجين الذين يأتون الي المسجد حيث يتم تشكيل ملف لهم بعد البحث الدقيق عن وضعهم المعيشي ثم يصب في حسابهم بعض المبالغ في رأس كل شهر. واعانات المسجد تغطّي في السنوات الماضية سبعين شخصا.


٧ شوال ١٤٣٥ ۱۱:۴۳

قائمة مراجعة وتحرير

شخصيات تركت: 500
التعليق مطلوب