الأخبار

في غزة: المساجد المدمّرة تحتضن قيام الليل

في رمضان هذا العام عاد صوت الأذان يصدح مجلجلًا من فوق أنقاض المساجد التي دمرتها صواريخ الاحتلال الحاقدة في الحرب الأخيرة على قطاع غزة العام الماضي، ليقيم جيرانها الليل ويصلّون التراويح رغم أنف المحتل في رسالةٍ مفادها (نحن هنا باقون ما دامت بيوت الله عامرة).
الموقع الاعلامي لمركز متابعة شوؤن المساجد،وعلى الرغم من انتقال "سجادة" كل مسجد إلى خيمةٍ ملاصقة لا تقي المصلين حر الصيف، وعدم توافر المرافق الصحية المطلوب وجودها في كل مسجد، يؤم هذه المساجد على وجه الخصوص كثيرون من كافة مناطق القطاع، حيث لا مناص من الخشوع هناك كون المكان بدماره وأثاثه المحطّم يذكّر بلحظة كان الموت فيها قريبًا.. قريبًا جدًا.

مسجد الأمين محمد غرب مدينة غزة، ورغم تدميره بشكل كامل في الحرب الأخيرة، إلا أن أصوات المؤذنين والمقرئين النَدِيّة تصدح فيه كل ليلة، تدعو المصلين إلى الصلاة على أنقاضه في العراء، وعليه.. لا يتوانى المصلون الذين تعلقوا بالمسجد عن الصلاة فيه رغم غياب المرافق.

يقول إمام المسجد خالد أبو كميل: "منذ أن قصف المسجد فجرًا في رمضان الماضي، صلينا الظهر على أنقاضه، وحتى الآن لم ينقطع المصلون يومًا عن الصلاة بجواره في أرض خالية يؤمونها من المناطق المجاورة والبعيدة له"، مبينًا أنهم يواجهون صعوبات جمة في توفير مرافق الراحة للمصلين، فيما يغيب عن المشهد "الهدوء" الذي يتمناه بعضهم لقراءة القرآن والتفكر بآياته.

ويضيف: "ورغم هذه الصعوبات فإن مصلى المسجد المؤقت لم يقلّ فيه زخم المصلين عن السنوات السابقة، بل بعضهم زاد تعلقه بالمسجد فداوم على صلاة الفروض كلها فيه، غير مكترثٍ لوجود مساجد أخرى مكيّفة وتتوافر فيها كل سبل الراحة"، متابعًا: "نقيم الليل يوميًا هنا، حيث وضعنا جدولًا لذلك بعد الفراغ من صلاة التراويح، ما بين الصلاة والدروس الدعوية وقراءة القرآن والذكر والدعاء".

وبين أبو كميل، أن عددًا من الأئمة يقصدون المسجد وهم من أصحاب الأصوات الندية التي تجذب المصلين وتغمرهم خشوعًا، مشيرًا إلى أن المصلين يتوافدون إلى المسجد بعد منتصف الليل، بعد أن يكونوا قد قضوا زياراتهم العائلية وحاجياتهم بعد صلاة التراويح.

بدوره, ذكر مدير عام الوعظ والإرشاد بوزارة الأوقاف يوسف فرحات, أن الاحتلال الإسرائيلي في حربه الأخيرة دمر قرابة 70 مسجدًا تدميرًا كاملًا، و190 مسجدًا تدميرًا جزئيًا.

وقال لـ"فلسطين": "إن أهالي قطاع غزة بادروا منذ اللحظات الأولى للحرب، وبعد تدمير عدد كبير من المساجد إلى التعاون مع الوزارة لإقامة مصليات مؤقتة لتعود المساجد إلى نشاطها من جديد رغم أن رحى الحرب كانت ما زالت دائرة".

وأضاف فرحات وهو إمام مسجد القسام المدمر الذي يقع وسط قطاع غزة: "في رمضان لم يتغير الأمر رغم تدمير المسجد، فنصلي الجماعة، ونقيم الليل ونتم التراويح، وعلى الرغم من أن الخيمة المؤقتة لا تتسع للمعتكفين، وليس فيها أماكن للنوم ولا للطهارة، إلا أن مشهد الاعتكاف هو ذاته لم يتغير عن الأعوام الماضية، حتى على صعيد برنامج الاعتكاف داخل المسجد".

ونوه فرحات إلى أن وزارة الأوقاف بالتنسيق مع بعض الجهات الممولة والجمعيات الخيرية، أقامت المصليات البديلة، وأعدت مستلزمات لعملية الغسل في بعض المساجد، بالإضافة إلى استمرارها في ممارسة دورها الإرشادي والتوجيهي.

وأكد فرحات أن عدم الانقطاع عن إقامة الفرائض في المساجد المدمرة، سيما صلاة قيام الليل في العشر الأواخر من الشهر الفضيل، هو رسالة صمود مفادها أن "الدمار وغياب مرافق الراحة المفترض وجودها في المساجد لم يُعِق إعمار بيوت الله أبدًا".
٢٦ رمضان ١٤٣٦ ۱۷:۳۶

قائمة مراجعة وتحرير

شخصيات تركت: 500
التعليق مطلوب