الأخبار

قبسات من حياة السيدة فاطمة المعصومة بنت الامام الكاظم(عليهما السلام)

ولدت السيدة فاطمة المعصومة في غرة ذي القعدة عام ۱۷۳ هـ وعاشت في كنف والدها الامام موسى بن جعفر الكاظم السابع من ائمة اهل البيت عليهم السلام واكتسبت منه الفضائل والمعارف.
ولدت السيدة فاطمة المعصومة في غرة ذي القعدة عام 173 هـ وعاشت في كنف والدها الامام موسى بن جعفر الكاظم السابع من ائمة اهل البيت عليهم السلام واكتسبت منه الفضائل والمعارف، إذ كان أبوها إماما معصوما ولم يوازيه احد في التقى والمكارم.
وأما والدتها السيدة نجمة كانت من النساء الصالحات المؤمنات التي تعلمت في مدرسة الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام. وكانت معروفة بالتقوى وحسن السيرة والزهد والفضل، ومن هنا أشارت السيدة حميدة والدة الإمام الكاظم (عليه السلام) على ابنها الإمام بالزواج من «نجمة».
كانت السيدة فاطمة التي عرفت بالمعصومة تستفيد كل يوم من والدها وأخيها الامام علي بن موسى الرضا الثامن من ائمة عليهم السلام وامها التقية العالمة بحيث وصلت إلى مقام رفيع من العلم والفضيلة وصارت عارفة بالكثير من العلوم والمسائل الإسلامية في أيام صباها.
في أحد تلك الأيام أتى جمع من الشيعة إلى المدينة لكي يعرضوا بعض أسئلتهم الدينية على الإمام الكاظم (عليه السلام) ويأخذوا العلم من معدنه، ولكن كان الإمام الكاظم وكذلك الإمام الرضا (عليه السلام) مسافرين، ولم يكونا حاضرين في المدينة. فاغتم الجمع، لأنهم لم يجدوا حجة الله ومن يقدر على جواب مسائلهم، واضطروا للتفكير بالرجوع إلى بلدهم. وعندما رأت السيدة المعصومة (عليها السلام) حزن هؤلاء النفر أخذت منهم أسئلتهم التي كانت مكتوبة، وأجابت عليها، وعندئذ تبدل حزن الجماعة الى فرح شديد ورجعوا ـ مع ظفرهم بجواب مسائلهم ـ إلى ديارهم مفلحين. ولكنهم في الطريق وفي خارج المدينة التقوا بالإمام الكاظم (عليه السلام) وحدثوه بما جرى عليهم. وبعد ما رأى الإمام جواب ابنته على تلك المسائل أثنى على ابنته بعبارة مختصرة قائلا: «فداها أبوها».
2ـ بداية المحنة وشهادة الإمام الكاظم (عليه السلام)..
كان سلاطين بني العباس يؤذون أبناء النبي (صلى الله عليه وآله) كثيرا. وخاصة الإمام الكاظم (عليه السلام) ، فإنه (عليه السلام) لاقى من هؤلاء الخلفاء الجور والآلام الكثير حيث ابعد عن مدينة جده الرسول (ص) وحرمه وفارق اسرته واودع السجون في عهد هارون الرشيد. وهذه الآلام والمحن كانت تؤلم القلب الطاهر للسيدة المعصومة (عليها السلام)، وكان المسلي الوحيد لها وللعائلة هو أخوها الإمام الرضا (عليه السلام).
وصادفت حياة الإمام الكاظم (عليه السلام) عهد خمسة من حكام العباسيين الظلمة، وهم: أبو العباس السفاح والمنصور الدوانيقي والهادي والمهدي وهارون. وكل واحد من هؤلاء الطواغيت أذاق الإمام (عليه السلام) وسائر ابناء النبي (ص) المتقين أنواع العذاب والتنكيل.
عندما ولدت السيدة المعصومة (عليها السلام) كانت قد مضت ثلاث سنوات من خلافة هارون العباسي الذي كان له قصب السبق في ميدان الظلم والبطش ونهب أموال المسلمين. وكان تابعا للهوى معجبا بالدنيا.
ولم يتيسر للإمام الكاظم (عليه السلام) السكوت على ظلم هارون وخيانته للإسلام والأمة الإسلامية لقول رسول الله (صلى الله عليه وآله): «إذا ظهرت البدع فعلى العالم أن يظهر علمه وإلا فعليه لعنة الله»، وأخذ الإمام (عليه السلام) ينهى عن المنكر، وقام في وجه سياسة هارون الماحقة للدين.
و هارون ـ لعلمه بتشدد آل النبي وعلي عليهما افضل الصلاة والسلام وخاصة الإمام الكاظم (عليه السلام) في مقاومة الطواغيت والإستنكار عليهم ـ استنفد كل الوسائل لإخماد صوتهم وأنفق الكثير من أموال المسلمين على الشعراء لكي ينتقصوا منهم. وكان يسجن احفاد الرسول (ص) أو يبعدهم ويقتل بعضا منهم بعد التعذيب الكثير في السجن.
وبعد ما ترسخ حكمه الظالم في البلاد الإسلامية أمر بإعتقال الإمام الكاظم (عليه السلام) وسجنه. ومن هنا حرمت السيدة فاطمة المعصومة (عليها السلام) من والدها والإستفادة من معينه الصافي وذلك في أواخر حياته الشريفة، وشعرت بالحزن الشديد على فقده.
وكان عمر السيدة المعصومة حينذاك أقل من عشر سنوات، وكانت تحترق لفراق أبيها وتطيل البكاء عليه.
وكذلك كان يصعب على الإمام الكاظم (عليه السلام) فراق أولاده البررة كالإمام الرضا (عليه السلام) والسيدة المعصومة، فصبر جميل.
وكان الإمام الكاظم (عليه السلام) قد بدل ظلمة السجن نورا بذكر الله، وبدل تلك الأيام الصعبة بالسبحات الطويلة إلى أجمل الأيام. ولكن قلبه كان يخفق في السجن عندما يتذكر ابنته المعصومة ويشتاق إلى لقائها.
وفي السنتين الأخيرتين من حياة الإمام الكاظم (عليه السلام) كان ينقل من سجن إلى سجن. بقي (عليه السلام) في سجن عيسى بن جعفر والي البصرة سنة، وقد أثرت صفاته الحميدة على حارس السجن بحيث اعتزل الحارس عمله. بعد ذلك حمل الإمام (عليه السلام) بأمر هارون إلى بغداد وسجن عند فضل بن الربيع ثم عند الفضل بن عيسى. وأخيرا نقل إلى سجن السندي بن شاهك.
وسبب التنقل بين هذه السجون هو أن هارون كان يأمر صاحب السجن بقتل الإمام (عليه السلام)، لكن لم يقدم بل ولم يقدر أحد من هؤلاء على هذا العمل الشنيع وأبى كل منهم عنه. إلى أن السندي بن شاهك دس السم للامام عليه السلام بأمر من هارون.
وكان هارون يعرف أن الناس إذا علموا بقتل الإمام (عليه السلام) على يديه ستكون له عواقب خطيرة. فبدا له مكر بأن يأتي بجماعة من الشيعة قبل استشهاد الإمام (عليه السلام)، لكي يشهدوا أن الإمام (عليه السلام) مريض ويجوز أن يتوفى بمرضه ولا يكون موته مستندا بقتله من أحد.
ولكن يقظة الإمام ومعرفته بعواقب الأمور قد فضحت هارون، فإنه (عليه السلام) مع شدة تأثير السم في بدنه الشريف قال لمن حوله: «لقد سمني هذا الرجل بتسع تمرات وسيخضر بدني غدا وسأقضي بعد غد».
وأخيرا بعد يومين من كلام الإمام (عليه السلام) في الخامس والعشرين من شهر رجب سنة 183 ه.ق. قضى الإمام الكاظم (عليه السلام) نحبه مسموماً شهيداً، ولحق بجده الرسول الاكرم (ص) وآبائه الطاهرين عليهم السلام.
وعندما سمع اتباع اهل البيت (ع) خبر استشهاد الإمام الكاظم (عليه السلام) لبسوا ثوب الحزن ونصبوا مآتم العزاء، فإنهم فقدوا قائدهم الذي عشقوه بكل وجودهم ولا شي‏ء يمكن أن يسكن أفئدتهم الحزينة. ومن بينهم من لا يسكن عبرته وهي ابنته السيدة المعصومة وكانت في حداثة سنها وقد أوجعها خبر استشهاد أبيها (عليه السلام). حيث انتظرت سنين لعل أباها العزيز يرجع يوما ويعتنقها، ولكنها الآن لا بد أن تصبر على مصيبة فقدانه وتتجرع الحزن والآلام.
3ـ سفر الرضا (عليه السلام) إلى مرو..
وبعد استشهاد الإمام الكاظم (عليه السلام) انتقلت الإمامة إلى ابنه علي بن موسى الرضا (عليه السلام) وكان في الخامسة والثلاثين من عمره الشريف. وكان (عليه السلام) بالإضافة إلى إمامته الإلهية وهداية الأمة الإسلامية الوصي الوحيد لأبيه الكاظم (عليه السلام) الذي يتولى مسئولية إخوته وأخواته.
وبالرغم من استمرار ضغط حكومة هارون كان الإمام الرضا (عليه السلام) مشغولا بمهمته الإلهية من دون أي خوف ورهبة، ولم يتوان لحظة عن نشر الحق والهدى. مع ذلك لم تكن الظروف تسمح لهارون بالتعرض للإمام (عليه السلام) أو إظهار العداوة له.
وفي سنة 193 ه.ق. مرض هارون ومات ، وتخلص المسلمون من سفاك آخر من بني العباس. وبعد هارون ارتقى «الأمين» منصة الخلافة ولم تدم خلافته طويلا، حيث وقع نزاع دام مع أخيه «المأمون» على منصب الخلافة، وأخيرا في سنة 198 ه.ق. قتل الأمين على يد أخيه وتسنم المأمون منصب الخلافة.
واغتنم الإمام الرضا (عليه السلام) فرصة النزاع بين ابناء الرشيد واستطاع اعداد وتربية عدد من تلامذته وأتباعه.
وبعد ما استتب أمر الحكم للمأمون رسخ أركان سلطانه بالحيلة والإغراء. ومن خططه وخداعه لعامة الناس انه جمع العلماء حوله وأسس مجالس علمية وحاول أن يظهر نفسه بأنه حاكم خبير ومحب للعلم وأهله. ومن جهة أخرى ولأجل اجتذاب دعم الشيعة لبني العباس كان يظهر حبه لأمير المؤمنين علي (عليه السلام) ويلعن معاوية.
ونظراً لإتساع رقعة البلاد الإسلامية وانتشار المعارضين لحكم بني العباس اضطر المأمون الى اجتذاب حماية الشيعة حيث ان انضمامهم لصفوف المعارضين يزلزل حكمه، لذلك عزم على تعيين الإمام الرضا (عليه السلام) لمنصب ولاية العهد.
وتصور انه في حال قبول الإمام (عليه السلام) لهذا المنصب سيكف اتباعه عن مخالفة سلطان بني العباس. ومن هنا وجه المأمون رسائل كثيرة الى الإمام الرضا (عليه السلام) بهذا الصدد، إلا ان الإمام كان يرفض الفكرة بشدة رغم اصرار المأمون.
ولكن المأمون لم يكف فأرسل «رجاء بن أبي‏ الضحاك» إلى المدينة وذلك سنة 200 ه.ق. لكي يشخص بالإمام (عليه السلام) من المدينة إلى «مرو» مركز حكم المأمون، وكان يأمل بنيل موافقة الإمام (عليه السلام) على مقترحه. وبعد إجبار الإمام وإكراهه على الخروج من المدينة، قام بزيارة قبر جده (صلى الله عليه وآله) والأئمة الأربعة في البقيع (عليهم السلام)، ثم ودع أولاده وإخوانه وأخواته ومنهن أخته الكريمة السيدة فاطمة المعصومة (عليها السلام)، وغادر متجها إلى مرو.
ومع مغادرة الإمام الرضا (عليه السلام) انتهت اللحظات السعيدة في حياة السيدة فاطمة المعصومة (عليها السلام)، فإنها بعد استشهاد أبيها الإمام الكاظم (عليه السلام) وجدت الرحمة والحنان في كنف أخيها الرضا (عليه السلام) والآن وقد رحل قسرا ، وصعب الفراق على جميع افراد اسرة الإمام الكاظم (عليه السلام) لاسيما ابنته السيدة المعصومة.
واوعز المأمون الى عماله بابعاد قافلة الإمام الرضا عن المدن التي يقطنها الشيعة خصوصا الكوفة وقم. لأنه كان يشعر بالهلع من أن يؤدي حضور الإمام (عليه السلام) إلى الثورة والنهضة عليه.
ورغم خطة المأمون إلا ان المسلمين في المدن الواقعة على مسار قافلة  الإمام (عليه السلام) استقبلوا ابن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) بحفاوة لا مثيل لها، وحال دخول مدنهم كانوا ينهلون من غزارة علمه (عليه السلام). وفي بعض المدن الإيرانية كنيسابور استقبله بما لا مثيل له في التاريخ، فكان يأتي  أهل المدينة ويحيطون براحلة الإمام وينهلون من علمه الشريف.
4 ـ حركة السيدة المعصومة (عليها السلام) من المدينة إلى مرو..
ومضت سنة على سفر الإمام الرضا (عليه السلام) إلى مرو، وأهل بيت النبي(صلى الله عليه وآله) في المدينة حرموا من عزيزهم الذي كانوا يستشعرون الرحمة واليمن بجواره، ولم يكن يسكن رويهم شي‏ء سوى رؤيتهم للإمام المعصوم (عليه السلام).
والسيدة فاطمة المعصومة (عليها السلام) كبقية إخوتها وأخواتها قل صبرها وكانت كل يوم تجزع لفراق أخيها الرضا (عليه السلام).
وفي هذه الأيام كتب الإمام (عليه السلام) رسالة مخاطبا أخته السيدة المعصومة (عليها السلام)، وأرسلها بيد أحد خدامه إلى المدينة المنورة، وأمره أن لا يتوقف وسط الطريق كي يوصلها إلى المدينة المنورة بأقصر وقت ممكن، وكذلك فإنه (عليه السلام) دل الرسول على منـزل أبيه حيث تسكن أخته المعصومة.
ووصل مبعوث الإمام إلى المدينة المنورة وامتثالا للأمر سلم الرسالة إلى السيدة المعصومة. وعلى الرغم من أننا لا نعرف شيئا عن محتواها الا انها لاشك قد أشعلت نار الشوق في أهله وأقربائه. ومن هنا قررت السيدة المعصومة وبعض إخوة الإمام وأبناء إخوته أن يتحركوا نحو مرو ليلتحقوا بالإمام(عليه السلام).
وضمت القافلة السيدة فاطمة المعصومة مع خمسة من إخوتها، هم: الفضل، جعفر، هادي، القاسم وزيد. ومعهم بعض أبناء إلاخوة.
وتحركت قافلة اسرة الإمام الرضا(عليه السلام)، وبغير المنازل الضرورية للصلاة والغذاء والإستراحة لم تتوقف لحظة عن المسير، مخلفة هضاب الحجاز وصحاريه وراءها مبتعدة يوما فيوما عن مدينة الرسول(صلى الله عليه وآله).عناء السفر كان يؤذي السيدة المعصومة كثيرا، ومع أن قطع هذا الطريق الوعر كان يشق على شابة مثلها ولكنها لشدة شوقها لزيارة أخيها كانت مستعدة لتحمل أضعاف هذا العناء.
5 ـ القافلة في ساوة...
وأخيرا وصلت القافلة إلى مدينة ساوة وسط ايران، وهناك مرضت السيدة المعصومة مرضا شديدا بحيث لم تقدر على مواصلة الطريق. هذا السفر الطويل المتعب من المدينة المنورة إلى ساوة قد أضعفها وأنحل المرض جسمها وأشحب لونها.
وعلى أية حال، قررت السيدة بعد ذلك الذهاب إلى «قم» التي تفصلها عشرة فراسخ. وكانت ملاذا للشيعة، مع أن مذهب التشيع لم يكن شائعا في إيران، لكن هجرة الأشعريين العرب من الكوفة بسبب ظلم حكام بني أمية أضفى عليها طابعا شيعيا.
ولما بلغ خبر وصول السيدة المعصومة إلى ساوة ومرضها هناك، إلى أهل قم، أجمع كل أهل المدينة أن يذهبوا إلى السيدة ويطلبوا منها الإقامة في قم. وذهب «موسى بن خزرج» ممثلاً من أهل قم إلى بنت الإمام الكاظم(عليه السلام) وأخبرها برغبة القميين وفرط اشتياقهم بزيارتها، وأجابت السيدة المعصومة طلبهم وأمرت بالحركة نحو قم.
وأخذ موسى بن خزرج زمام ناقة السيدة المعصومة(عليها السلام) مفتخراً، وقادها إلى المدينة التي كانت تنتظر قدوم أخت الإمام الرضا(عليه السلام) حتى وصلت القافلة إليها.
6 ـ وفاة السيدة المعصومة(عليها السلام)..
وفي 23 ربيع الأول سنة 201 ه.ق. وصلت قافلة السيدة المعصومة إلى مدينة قم، واستقبلها أهلها بحفاوة بالغة، وشعروا بالابتهاج لدخول السيدة ديارهم.
وكان موسى بن خزرج ذا يسر وبيت وسيع، وأنزل السيدة في داره وتكفل لضيافة السيدة المعصومة(عليها السلام) ومرافقيها. واستشعر موسى بن خزرج فرط السعادة بخدمته لضيوف الرضا(عليه السلام) القادمين من مدينة الرسول(صلى الله عليه وآله). وهيأ لهم كل ما يحتاجونه بسرعة.
ثم اتخذت السيدة فاطمة المعصومة منـزل موسى بن خزرج مقرا للعبادة والابتهال الله ومناجاته والشكوى إليه والاستعانة به على ما أصابها. وهذا المعبد باق إلى الآن ويسمى بـ«بيت النور».
أقلق مرض بنت الإمام الكاظم مرافقيها وأهالي قم كثيرا، مع أنهم لم يبخلوا عليها بشي‏ء من العلاج، إلا أن حالتها اخذت بالتدهور يوما بعد يوم. لأن المرض قد انتشر بدنها الشريف.
وفي العاشر من ربيع الثاني 201 ه.ق. توفيت السيدة المعصومة(عليها السلام) دون أن ترى أخاها. ودمعة عينها وحزن فؤادها لم يهدأ لفراقه.
وفجع أهل قم بتلك المصيبة وفي غاية الحزن لوفاتها أقاموا العزاء عليها.
7 ـ مراسم الدفن...
وتكفلت نساء الشيعة ومحبات أهل البيت (عليهم السلام) بغسل الجسد الطاهر للسيدة المعصومة وتكفينها. وعندما حان وقت الدفن رأى زعماء الأشعريين ووجوههم أن يدفن الجسد الطاهر في مكان مناسب غير المقبرة العامة.
وموسى بن خزرج الذي كان صاحب قصب السبق في هذا الأمر خصص بستاناً كبيراً له في منطقة يقال لها: «بابلان» عند نهر قم لدفن الجسد الطاهر. والآن كل شي‏ء جاهز، ولكن من الشخص الذي يباشر ويتولى دفن السيدة المعصومة (عليها السلام)؟ تبادل الحاضرون الرأي، وأخيرا اتفقوا أن يوكلوا هذا العمل إلى شيخ كبير صالح اسمه «قادر»، وأرسلوا لإحضاره، ولكن دون جدوى وفي هذا الحال وإذا براكبين متوجهين من جهة النهر واقتربا إلى محل الدفن. وعندما وصلا إلى الجسد الشريف للسيدة نزلا من المركب وصليا على الجنازة، ثم توليا دفن الجسد الطاهر بتعجب الحاضرين ركبا راحلتهما وابتعدا بسرعة.
وانتهت مراسم الدفن بكل وقار وسط حزن الشيعة وبكائهم، وباتت قم التي سميت «عش آل محمد (عليهم السلام)» مزار بضعة الإمام الكاظم (عليه السلام).
ثم إن موسى بن خزرج أوقف بستانه ـ احتراماً لمزار السيدة ـ للمسلمين، كي يدفن شيعة علي (عليه السلام) موتاهم حول المرقد الشريف.
8 ـ المزار الشريف للسيدة المعصومة (عليها السلام)
وبنى أهل قم كوخاً من الحصير على مرقد السيدة المعصومة(عليها السلام)، وبعد مضي خمسين سنة وباهتمام من السيدة زينب بنت الإمام الجواد (عليه السلام) بنيت أول قبة على قبر السيدة المعصومة.
وثم جدد بناء الحرم الطاهر من قبل محبي أهل البيت (عليهم السلام) وشيعتهم وتوسع حتى أصبح بالشكل الذي هو عليه الآن.
وكان الحرم المنور للسيدة المعصومة ملاذا للشيعة وسبب خير وبركة لأهل قم.
وكم من المحتاجين يسرت حاجاتهم، وكم من المرضى نالوا الشفاء بفضل كريمة أهل البيت (عليهم السلام)، ويوم القيامة ستأخذ إن شاء الله بأيدي زوارها إلى شاطئ النجاة، «يا فاطمة اشفعي لنا في الجنة...».
وروي عن الإمام الصادق(عليه السلام) أنه قال: «إنها تدخل كل شيعتنا الجنة بشفاعتها».
وفي القرون الأخيرة تربى الكثير من العلماء المجاهدين بجوار هذه التربة المباركة التي تأسست بها الحوزة العلمية والكثير من المدارس الدينية حيث تخرج منها الكثير من الفقهاء الذين كانوا منشأ خير وبركة في العالم الإسلامي ومنهم قائد الثورة الاسلامية في ايران الإمام السيد روح الله الموسوي الخميني الذي بدأ ثورته المباركة بجوار الحرم.
وتأتي قوافل الزوار من مختلف اماكن إيران والعالم لزيارة هذا الحرم الشريف، إظهارا للمحبة الخالصة لنبي الإسلام ولأهل بيته (عليهم السلام).
والسلام عليها يوم ولدت ويوم ماتت ويوم تبعث حياً.
١ ذوالقعده ١٤٣٦ ۱۸:۲۸

قائمة مراجعة وتحرير

شخصيات تركت: 500
التعليق مطلوب