الأخبار

في ذكري استشهاد فاطمة الزهراء(س)

ان المتتبع لسنة رسول الله (ص) يجد بوضوح تام المكانة الخاصة لفاطمة البتول (ع) فيها ،ميزت جوانب عديدة من حياة رسول الله (ص) بحضور فاطمة (ع) فيها بل وملازمتها للنبي الأعظم (ص) ومن بين هذا الحضور حديث البضعة الذي يكشف عن موضع فاطمة من السنة النبوية، وهو الحديث الذي حمله رواة الحديث وداروا به في مختلف البلاد الإسلامية.
الموقع التخصصي للمسجد، فعن المسور بن مخرمة قال، قال رسول الله (ص): «فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني»(1).
وحيث أن غضبه (صلى الله عليه وآله) يلازمه وقوع الأذى عليه (ص) فان الفاعل لذلك يستحق كلمة العذاب من الله عز وجل قال تعالى:(إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذاباً مهيناً ) (2).
وفي موضع آخر من حياة سيد الأنبياء والمرسلين (صلى الله عليه وآله) يظهر الحديث بمظهر جديد يكشف عن ارتباط الزهراء عليها السلام بأبيها (ص) وان منزلة قولها كمنزلة قوله (صلى الله عليه وآله).
كان النبي (ص) يتعامل مع ابنته فاطمة معاملة متميزة تكشف عن موضعها من السنة النبوية متمثلاً ذلك بفعله صلى الله عليه وآله وسلم.

فقد كان إذا أراد أن يزورها فانه ( ص) لا يدخل عليها حتى يستأذن مع كونه والدها الذي به يرتفع التكليف مع ابنته الا أن النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم يريد ان يظهر من خلال هذا الفعل الرسالي مقام بضعته عليها السلام في الشريعة.
ولذا نجده (صلى الله عليه وآله) قد اصطحب معه جابر بن عبدالله الأنصاري كي يلحظ فعله النبوي.
فعن أبي جعفر الباقر (ع) عن جابر بن عبدالله الأنصاري قال: خرج رسول الله (ص) يريد فاطمة (ع) وأنا معه، فلما انتهيت إلى الباب وضع يده عليه فدفعه ثم قال: السلام عليكم. فقالت فاطمة: عليك السلام يا رسول الله. قال: أدخل؟ قالت: أدخل يا رسول الله. قال: أنا ومن معي؟. فقالت: يا رسول الله ليس عليّ قناع. فقال: يا فاطمة خذي فضل ملحفتك فقنعي به رأسك ففعلت.
ثم قال: السلام عليك. فقالت فاطمة عليها السلام: وعليك السلام يا رسول الله (ص). قال: أدخل؟ قالت: نعم يا رسول الله. قال: أنا ومن معي؟ قالت: ومن معك؟ قال: جابر. فدخل رسول الله (ص) ودخلت»(4).

والحديث يحمل جوانب تربوية عديدة لا يسعنا بيانها في هذا الموضع إلا أن الحديث يدل بوضوح على حرص النبي الأعظم (ص) على بيان مقام فاطمة (ع) من خلال استأذنه للدخول عليها، وأخذ الأذن لجابر بن عبدالله؛ بل يعيد طلب الاستئذان في الدخول.
كان صلى الله عليه وآله وسلم يقوم لها إذا دخلت عليه روي عن عائشة، أنها قالت: «إن فاطمة ــ عليها السلام ــ كانت إذا دخلت على رسول الله (ص) قام لها من مجلسه وقبل رأسها وأجلسها مجلسه، وإذا جاء إليها لقيته وقبل كل واحد منهما صاحبه وجلسا معاً»(5).

وهذا الفعل النبوي يدل بوضوح على أن محلها من النبوة محل أبيها ولذلك كان يقوم لها ويجلسها في مجلسه.
وروي عن ابن عمر، أنه قال: كان النبي (ص) إذا أراد سفرا كان آخر الناس عهداً بفاطمة عليها السلام، وإذا قدم كان أول الناس عهداً بفاطمة عليها السلام»(6).
«ولو لم يكن لها عند الله تعالى فضل عظيم لم يكن رسول الله (ص) يفعل معها ذلك إذ كانت ولده، وقد أمر الله بتعظيم الولد للوالد ــ لا العكس ــ ولا يجوز أن يفعل معها ذلك وهو بضد ما أمر به أمته عن الله تعالى»(7).
وروي: «أن النبي (ص) كان لا ينام حتى يقبل فاطمة»(9). صلوات الله وسلامه عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها.
انها قلب النبي (ص) وروحه التي بين جنبيه وعن مجاهد، أنه قال: خرج رسول الله (ص) وقد أخذ بيد فاطمة (ع)، وقال: «من عرف هذه فقد عرفها، ومن لم يعرفها فهي فاطمة بنت محمد (ص) وهي بضعة مني، وهي قلبي وروحي التي بين جنبي، فمن آذاها فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله»(11).

وروي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع)، عن فاطمة (ع) قالت: قال لي رسول الله (ص): «يا فاطمة من صلى عليك غفر الله له وألحقه بي حيث كنت من الجنة»(12).
اللهم صلى وسلم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها.
وهو في لحظاته الأخيرة وهي تحاول بكل جهد حبس دموعها وكتم آهاتها، لكن أنّى لعين فاطمة ان تحبس دمعها وهي التي لم تجف منذ ان مرض النبي (ص) وأنى لصدرها أن يطبق على آهاته وهو الذي انحنى من حزنها.

وبين حبس الدمع والآهات أشار إليها النبي (ص) أن: «أقبلي»، فانحنت عليه فضمها إلى صدره طويلاً ثم همس في أذنها فارتفع صوتها بالبكاء، ثم همس في أذنها ثانياً وإذا بها تتبسم كأنما زفّ إليها بشارة بددت همها وحزنها؛ نعم فقد بشرها: «إنك أسرع أهل بيتي لحوقاً بي»(13). فيا بدرا ما أقصر عمره وكذا تكون كواكب الأسحار.

الهوامش:
(1) صحيح البخاري، باب مناقب المهاجرين: ج 4، ص 210، ط دار الطباعة.
(2) سورة الأحزاب، الآية: 57.
(4) الكافي للكليني، باب: الدخول على النساء، ج5، ص 528.
(5) أعلام الورى: ص 150. البحار: ج 43، ص 40.
(6) المناقب لابن شهر: ج 3، ص 112 ــ 113.
(7) البحار: ج 4، ص 41.
(9) البحار: ج 40، ص 41.
(11) الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي: د 1، ص 665، ط دار الحديث للطباعة.
(12) موسوعة أحاديث أهل البيت عليهم السلام للشيخ هادي النجفي: ج 1، ص 191.
(13) الأمالي للصدوق: ص 692، ط مؤسسة البعثة. صحيح مسلم باب: من فضائل أم أيمن: ج 7، ص 144، ط دار الفكر.
١٣ جمادي الاولي ١٤٣٧ ۱۴:۲۷

قائمة مراجعة وتحرير

شخصيات تركت: 500
التعليق مطلوب