<strong>الموقع التخصصي للمسجد،</strong><span>ليس في دنيا الاَنساب نسبٌ أسمى ، ولا أرفع من نسب أبي الفضل فهو من صميم الاَسرة العلوية ، التي هي من أجلّ وأشرف الاَسر التي عرفتها الاِنسانية في جميع أدوارها ، تلك الاَسرة العريقة في الشرف والمجد ، التي أمدّت العالم العربي والاِسلامي بعناصر الفضيلة ، والتضحية في سبيل الخير ، وما ينفع الناس ، وأضاءت الحياة العامة بروح التقوى ، والاِيمان ، وهذا عرض موجز للاَصول الكريمة التي تفرّع قمر بني هاشم ، وفخر عدنان منها.</span><br> <br> <strong>الأب:</strong><br> <span>أمّا الأب الكريم لسيّدنا العباس ( عليه السلام ) فهو الاِمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وصيّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وباب مدينة علمه ، وختنهُ على حبيبته ، وهو أول من آمن بالله ، وصدّق رسوله وكان منه بمنزلة هارون من موسى ، وهو بطل الاِسلام ، والمنافح الاَول عن كلمة التوحيد ، وقد قاتل الاَقربين والاَبعدين من أجل نشر رسالة الاِسلام وإشاعة أهدافه العظيمة بين الناس ، وقد تمثلت بهذا الاِمام العظيم جميع فضائل الدنيا ، فلا يدانيه أحد في فضله وعلمه ، وهو ـ بإجماع المسلمين ـ أثرى شخصية علمية في مواهبه وعبقرياته بعد الرسول محمد ( صلى الله عليه وآله ) ، وهو غنّي عن البيان والتعريف ، فقد استوعبت فضائله ومناقبه جميع لغات الاَرض... ويكفي العباس شرفاً وفخراً أنّه فرع من دوحة الاِمامة ، وأخ لسبطي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) .</span><br> <br> <strong>الأم:</strong><br> <span>أمّا الاَم الجليلة المكرّمة لاَبي الفضل العباس ( عليه السلام ) فهي السيدة الزكية فاطمة بنت حزام بن خالد.. ، وأبوها حزام من أعمدة الشرف في العرب ، ومن الشخصيات النابهة في السخاء والشجاعة وقرى الاَضياف ، وأما أسرتها فهي من أجلّ الاَسر العربية ، وقد عُرفت بالنجدة والشهامة ، وقد أشتهر جماعة بالنبل والبسالة منهم: </span><br> <span>1 ـ عامر بن الطفيل: </span><br> <span>وهو أخو عمرة الجدة الاولى لاَمّ البنين ، وكان من ألمع فرسان العرب في شدّة بأسه ، وقد ذاع اسمه في الاَوساط العربية وغيرها ، وبلغ من عظيم شهرته ان قيصر إذا قدم عليه وافد من العرب فان كان بينه وبين عامر نسب عظم عنده ، وبجّله وأكرمه ، وإلاّ أعرض عنه. </span><br> <span>2 ـ عامر بن مالك:</span><br> <span>وهو الجدّ الثاني للسيّدة أمّ البنين ، وكان من فرسان العرب وشجعانهم ولُقّب بملاعب الاَسنّة لشجاعته الفائقة ، وفيه يقول الشاعر: </span><br> <span>يلاعب أطراف الاَسنة عامر فراح له حظّ الكتائب أجمع </span><br> <span>وبالاِضافة إلى شجاعته فقد كان من أُباة الضيم ، وحفظة الذمار ومراعاة العهد ، ونقل المؤرّخون عنه بوادر كثيرة تدلّل على ذلك. </span><br> <span>3 ـ الطفيل: </span><br> <span>وهو والد عمرة الجدّة الاَولى لاَمّ البنين كان من أشهر شجعان العرب ، وله أشقّاء من خيرة فرسان العرب ، منهم ربيعة ، وعبيدة ، ومعاوية ، ويقال لاَمّهم (أمّ البنين) وقد وفدوا على النعمان بن المنذر فرأوا عنده الربيع بن زياد العبسي ، وكان عدوّاً وخصماً لهم ، فاندفع لبيد وقد تميّز من الغيظ فخاطب النعمان: </span><br> <br> <span>يا واهب الخير الجزيل من سعة نحن بنو أمّ البنيـن الاَربـعة </span><br> <span>ونحن خير عامر بن صعصعة المطعمون الجفنـة المدعدعة </span><br> <span>الضاربون الهام وسط الحيصعة إليك جاوزنا بـلاداً مسبعـة </span><br> <span>تخبر عن هـذا خبيراً فاسمعه مهلاً أبيت اللعن لا تأكل معه </span><br> <span>فتأثّر النعمان للربيع ، وأقصاه عن مسامرته ، وقال له:</span><br> <span>شرّد برحلك عنّي حيث شئت ولا تكثر عليَّ ودع عنك الاَباطيلا </span><br> <span>قد قيل ذلك إن حقاً وان كذبا فما اعتذارك في شيء إذا قيلا </span><br> <span>ودلّ ذلك على عظيم مكانتهم ، وسموّ منزلتهم الاجتماعية عند النعمان فقد بادر إلى اقصاء سميره الربيع عن مسامرته. </span><br> <span>4 ـ عروة بن عتبة:</span><br> <span>وهو والد كبشة الجدّة الثانية لاَم البنين ، وكان من الشخصيات البارزة في العالم العربي ، وكان يفد على ملوك عصره ، فيكرّمونه ، ويجزلون له العطاء ، ويحسنون له الوفادة. </span><br> <span>هؤلاء بعض الاَعلام من أجداد السيّدة الكريمة أمّ البنين ، وقد عرفوا بالنزعات الكريمة ، والصفات الرفيعة ، وبحكم قانون الوراثة فقد انتقلت صفاتهم الشريفة إلى السيّدة أمّ البنين ثم منها إلى أبنائها الممجدين.</span><br> <span>الوليد العظيم</span><br> <span>وكان أوّل مولود زكيّ للسيّدة أمّ البنين هو سيّدنا المعظّم أبو الفضل العباس ( عليه السلام ) ، وقد ازدهرت يثرب ، وأشرقت الدنيا بولادته وسرت موجات من الفرح والسرور بين أفراد الاَسرة العلوية ، فقد ولد قمرهم المشرق الذي أضاء سماء الدنيا بفضائله ومآثره ، وأضاف إلى الهاشميين مجداً خالداً وذكراً نديّاً عاطراً. وحينما بُشِّر الاِمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بهذا المولود المبارك سارع إلى الدار فتناوله ، وأوسعه تقبيلاً ، وأجرى عليه مراسيم الولادة الشرعية فأذّن في أُذنه اليمنى ، وأقام في اليسرى ، لقد كان أوّل صوت قد اخترق سمعه صوت أبيه رائد الاِيمان والتقوى في الاَرض ، وأنشودة ذلك الصوت. « الله أكبر... ». « لا إله إلاّ الله ». وارتسمت هذه الكلمات العظيمة التي هي رسالة الاَنبياء ، وأنشودة المتّقين في أعماق أبي الفضل ، وانطبعت في دخائل ذاته ، حتى صارت من أبرز عناصره ، فتبنى الدعوة إليها في مستقبل حياته ، وتقطّعت أوصاله في سبيلها. وفي اليوم السابع من ولادة أبي الفضل ( عليه السلام ) ، قام الاِمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بحلق شعره ، والتصدّق بزنته ذهباً أو فضّة على المساكين وعقّ عنه بكبش ، كما فعل ذلك مع الحسن والحسين ( عليهما السلام ) عملاً بالسنّة الاِسلامية.</span><br> <br> <strong>سنة ولادته</strong><span> </span><br> <span>أفاد بعض المحقّقين أن أبا الفضل العباس ( عليه السلام ) وُلد سنة (26 هـ) في اليوم الرابع من شهر شعبان </span><br> <br> <strong>تسميته</strong><br> <span>سمّى الاِمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وليده المبارك (بالعباس) وقد استشفّ من وراء الغيب انه سيكون بطلاً من أبطال الاِسلام ، وسيكون عبوساً في وجه المنكر والباطل ، ومنطلق البسمات في وجه الخير ، وكان كما تنبّأ فقد كان عبوساً في ميادين الحروب التي أثارتها القوى المعادية لاَهل البيت عليهم السلام ، فقد دمّر كتائبها وجندل أبطالها ، وخيّم الموت على جميع قطعات الجيش في يوم كربلاء ، ويقول السيد جعفر الحلي في قصيدته الشهيرة مشيراً إلى هذا المعنى:</span><br> <span>عبست وجوه القوم خوف الموت والعبّاس فيهـم ضاحـك متبسّم</span>