الأخبار

مسجد "شيآن الكبير".. أقدم عمائر الإسلام الصينية

شهدت الصين ومنذ دخول الإسلام إليها، بناء العديد من المساجد والجوامع في شتى أنحائها، في سبيل خدمة الجالية المسلمة في هذه البلاد الشاسعة، وقد بني على أراضيها مساجد عريقة ومميزة بسماتها الخاصة.
الموقع التخصصي للمسجد، تبدو المساجد الصينية الطراز متناسقة ومنسجمة، وتتوزع مبانيها الرئيسية والإضافية بصورة متناسبة، وهي تشكل وحدة متكاملة، وقد جاءت عمارة المساجد الأولى بالصين بسيطة على غرار مساجد الإسلام الأولى في المدينة المنورة والكوفة، ثم تطورت بعد ذلك، لتتخذ أشكالاً معمارية متميزة تأثرت فيها من ناحية الشكل العام بثلاثة عوامل: أولها التأثر بروح المعمار الإسلامي، مثل الحاجة إلى وجود محراب للصلاة يتميز بالبساطة، وهو ما نراه في العديد من المساجد التي تخلو من الزخارف، وإن كانت بعض المساجد وبصفة خاصة الكبيرة المساحة أو التي أنشئت من قبل كبار رجال الدولة غنية بالثراء المعماري والزخرفي، وثانيها التأثر بالطابع المعماري المحلي، وذلك باستخدام الأسقف الصينية ذات الأشكال المعروفة، ونتج عن هذا التأثر في بعض المساجد طغيانٌ للطابع المحلي مع مراعاة متطلبات العقيدة الإسلامية، وثالثها التأثر بعمارة المساجد في آسيا الوسطى، ويظهر ذلك في المعالجات المعمارية للمباني من استخدام المداخل والمآذن ذات الكتل الضخمة التي توحي بالثبات والاستقرار.
وألحقت بالمساجد الكبرى في الصين مبانٍ عديدة منها ما خُصصَ كمكتبات لحفظ المخطوطات، ومنها ما خُصصَ كخزانات لأدوات المساجد وفصول تعليمية، ومساكن للطلبة، ويعتبر مسجد «شيآن الكبير» الذي شُيِّد في عهد إمبراطورية تانغ ورُمّم ثلاث مرات أحد أقدم المساجد في الصين، ويتميز مسجد «شيآن» بنموذجه المعماري الذي يمزج التراث الإسلامي والصيني.

وبدأ بناء «مسجد شيآن» الأدميرال «شينغ» المنحدر من عائلة مسلمة ساهمت في تنظيف بحر الصين من القراصنة في القرن الرابع عشر الميلادي، وقد بدأ «شينغ» في بناء المسجد عام 1392 الميلادي.

ويقع المسجد الكبير في زقاق شارع هواتشيوي بشمالي برج الحرس بمدينة شيآن، وهو مسجد ضخم تبلغ مساحة الأرضية الحالية 15 ألف متر مربع، فيما تبلغ مساحته المعمارية ستة آلاف متر مربع، ويبدو المسجد شبيهاً بالدار الرباعية الصينية القديمة، حيث تتموضع عماراته وقاعاته على ترتيب منظم.

ويتكون المسجد من أربع دور رباعية متراصة، تتوزع فيها اثنتان وسبعون غرفة من المباني الرئيسية والإضافية، وللدار الأولى حاجزان جانبيان، خلفهما بوابة تذكارية زخرفية من الخشب، توضع في قمتها قراميد مطلية بالطلاء الزجاجي الملون، وفي مدخل الدار الثانية بوابة تذكارية كبيرة ذات أربعة أعمدة حجرية، أما الدار الثالثة فهي مظللة بأشجار الصنوبر والسرو، ومزدانة بالأزهار الزاهية الألوان، تقع في وسطها قاعة الصلاة وتسمّى قاعة «لي شيو» وهي أقدم قاعات المسجد، في وسطها نصب صخري يدعى «يوبي»، نقش عليه معلومات التقويم الهجري وكيفية تحديد بداية شهر رمضان.

وخلف قاعة الصلاة تقع مئذنة الجامع، المؤلفة من ثلاثة طوابق وثمانية أركان بارتفاع خمسة عشر متراً على الأرض، بجانبها غرفتان شمالية وجنوبية، تستخدمان للتدريس للعلوم الإسلامية، وفيهما نسخة نادرة بخط اليد من القرآن الكريم يرجع تاريخها إلى فترة أسرة تشينغ (1616م-1911م) ورسم ملون قديم لمكة المكرمة.
١١ شوال ١٤٣٧ ۱۵:۱۲

قائمة مراجعة وتحرير

شخصيات تركت: 500
التعليق مطلوب