الثلاثاء / ٢٦ جمادي الاولي ١٤٣٩ / ١٦:٠٢
Service :
معرف الأخبار : 30977
Reporter : 316

مسجد ابن طولون، أحد المساجد الأثريّة الشهيرة بالقاهرة

يعتبر المسجد من المساجد المعلقة إذ يصعد إلى أبوابه الداخلية بدرجات دائرية، وهو من أكبر مساجد مصر حيث تبلغ مساحته مع الزيادات ستة أفدنة ونصف الفدان، استخدم في بنائه الطوب الأحمر.

الموقع التخصصي للمسجد، مسجد ابن طولون أو مسجد أحمد ابن طولون أو المسجد الطولوني هو أحد المساجد الأثريّة الشهيرة بالقاهرة. أمر ببناؤه احمد بن طولون مؤسس الدولة الطولونية سنة 877 م. بمدينته الجديدة القطائع ليصبح ثالث مسجد جامع بني في عاصمة مصر الإسلامية بعد جامع عمرو بن العاص الذي بني في الفسطاط، وجامع العسكر الذي بني في مدينة العسكر ورغم أن مسجد عمرو بن العاص لا يزال موجوداً إلا أن المسجد الطولوني يعد أقدم مساجد مصر القائمة حتى الآن لاحتفاظه بحالته الأصلية بالمقارنة مع مسجد عمرو بن العاص الذي توالت عليه الإصلاحات التي غيرت معالمه.

شُيد المسجد فوق ربوة صخرية كانت تعرف بجبل يشكر، ويُعتبر من المساجد المعلقة، وهو أحد أكبر مساجد مصر حيث تبلغ مساحته مع الزيادات الخارجية حوالي ستة أفدنة ونصف الفدان، وقد بُني على شكل مربع مستلهماً من طرز المساجد العباسية وخاصة مسجد سامراء بالعراق الذي استلهم منه المنارة الملوية. يقع المسجد حالياً بميدان أحمد بن طولون بحي السيدة زينب التابع للمنطقة الجنوبية بالقاهرة، ويجاور سوره الغربي مسجد صرعتمش الناصري فيما يجاور سوره الشرقي متحف جاير أندرسون.

منشئ المسجد هو أحمد بن طولون مؤسس الدولة الطولونية في مصر والشام، تعود أصوله إلى قبيلة التغزغز التركية، وكانت أُسرته تقيم في بخاري. كان والده «طولون» مملوكاً لنوح بن أسد الساماني عامل بخاري وخراسان، فأرسله هدية إلى الخليفة المأمون مع من أُرسل من المماليك الترك سنة 816 م. واسم طولون مشتق من كلمة تركية معناها البدر الكامل. أنجب طولون عدداً من الأبناء من بينهم أحمد الذي يكنى بأبي العباس سنة 835 م. وولد في بغداد بالعراق من جارية تدعى قاسم، فنشأ مختلفاً عن أقرانه من أولاد العجم، حريصاً على الابتعاد عن جو العبث واللهو والمنكرات، واشتهر بالتقوى والصلاح والشدة والقوة والبأس. أرسله الوزير عبيد الله بن يحيي بن خاقاني إلى ثغر طرسوس فقضى فيه عدة سنوات أخذ خلالها العلم والحديث والآداب عن كبار العلماء.

اختلف المؤرخون حول شخصية مهندس المسجد، فرجح بعضهم أنه كان نصرانياً يدعى سعيد بن كاتب الفرغاني، وأنه كان مهندس عيناً للماء طلب بنائها ابن طولون فلما أتمها دعا ابن طولون لزيارتها ولسوء حظه كان بموضع البناء جيراً لا زال رطباً غاصت به قدم فرس ابن طولون فكبا به فظن أنه أراد به سوءاً، فأمر بجلده وسجنه، وظل بمحبسه حتى أراد ابن طولون بناء الجامع فقُدر له ثلاثمائة عمود صعب تدبيرها إلا عبر استخدام أعمدة الكنائس والأديرة المتخربة، فتورع ابن طولون عن ذلك، ولما بلغ النصراني في محبسه الخبر كتب لابن طولون أنه يبنيه له كما يحب ويختار بلا أعمدة إلا عمودي القبلة، فأخرجه ابن طولون وأحضر له جلوداً للرسم، فصور له النصراني المسجد فأُعجب به واستحسنه، وأطلق سراحه وخلع عليه ورصد له مائة ألف دينار لنفقة البناء وكل ما يحتاج بعد ذلك، فوضع النصراني يده في البناء في موضع جبل يشكر، فلما أتم البناء وراح ابن طولون لزيارة المسجد، صعد النصراني إلى المنارة صائحاً بابن طولون بطلب الجائزة والأمان خوفاً من أن يجري له ما جرى في المرة الأولى، فأمنه ابن طولون وكافأه بعشرة آلاف دينار وخلع عليه وأجرى له رزقاً واسعاً.

يعتبر المسجد من المساجد المعلقة إذ يصعد إلى أبوابه الداخلية بدرجات دائرية، وهو من أكبر مساجد مصر حيث تبلغ مساحته مع الزيادات ستة أفدنة ونصف الفدان، استخدم في بنائه الطوب الأحمر، وأقيم على جبل يشكر، فكان أساسه في حدوده القبلية على صخر الجبل مباشرة، أما في حدوده البحرية فكانت أساساته على عمق خمسة أمتار. وضع تصميمه على مثال المساجد الجامعة التي لها صحن كبير مكشوف تحيط به أروقة ذات عقود. وبني المسجد على شكل مربع تقريباً طول ضلعه 162.25 متر × 161.50 متر، يشغل منها المسجد مع جدرانه مستطيلاً طول ضلعه 137.80 متر × 118.10 متر، ويتوسطه صحن مكشوف مربع تقريباً طول ضلعه 92.35 متر × 91.80 متر، ويحيط بالجامع من جوانبه القبلية والبحرية والغربية أروقة غير مسقوفة تعرف بالزيادات وهي من المسجد، وأسوار هذه الزيادات عاليه بسيطة، فتحت بها أبواب تقابل أبواب الجامع، تتوجها من أعلى شرفة مفرغة، كما فتحت بأسوار الجامع أبواب وشبابيك علوية، بينها حنايا وطاقات مخوصة تتوجها من أعلى شرفات. وللمسجد 21 باب يقابلها نفس العدد في الزيادات، ويوجد في بعض الأبواب معابر خشبية قديمة بها زخارف مورقة، وسبب تعدد الأبواب كان لتسهيل الوصول إلى المساكن والأسواق التي كانت حول الجامع.

بعد تجاوز سور الزيادة وأبواب المسجد يُوصل إلى الإيوانات التي يتوسطها صحن كبير، يمثل الإيوان الشرقي إيوان القبلة وهو أكبر الإيوانات وأكثرها أروقة وزخرفة، حيث يشتمل على خمسة أروقة، فيما تشتمل باقي الإيوانات على رواقين، وبه اللوحة التأسيسية للمسجد التي تتضمن تاريخ إنشاؤه، ويتوسط جداره الشرقي المحراب الرئيسي، وهيكله طولوني، أما الفسيفساء والطاقية الخشب ومقرنص القبة أعلاه فهي من أعمال السلطان لاجين، الذي تنضم إلى أعماله أيضاً المنبر الخشبي الذي اتُخذت حشواته من خشب الساج الهندي والأبنوس المدقوق بنقوش مورقة في منتهى الدقة، ونقل لاجين المنبر القديم إلى الجامع الظاهري الذي تلاشى حالياً ولم يبق له أثر. وبالإضافة إلى المحراب الرئيسي بهذا الإيوان توجد خمس محاريب جصية غير مجوفة أخرى استجدت بعد ذلك، اثنان صغيران أحدهما على يمين دكة المبلغ والأخر على يسارها، والمحراب المستنصري الموجود في منتصف البائكة الثانية بالرواق الشرقي من جهة الصحن، وعلى يساره محراب السلطان لاجين، ومحراب يعود إلى عصر المماليك البحرية على يسار المحراب الرئيسي. والأروقة مكونة من دعائم مبنية بالطوب مخلق في نواصيها الأربع عمد وتيجان تحمل عقوداً ستينية حليت حافاتها بزخارف جصية نباتية وفتح فيها شبابيك حليت بزخارف متنوعة، ويعلو العقود إفريز زخرفي من الجص يعلوه إزار خشبي يحيط بأروقة المسجد مكتوب فيه بالخط الكوفي البارز سورتا البقرة وآل عمران. وكان لاختيار الدعائم بدلاً من العمد دليلاً على حسن ذوق المصمم لتماثلها في الطول والسمك وهو ما لا ينطبق على العمد الرخامية التي كانت تختلس عادة من من الكنائس والأديرة المتخربة. استعمل الأسمنت المسلح بالسقوف الأثرية لأول مرة في هذا المسجد، وكان ذلك على يد محمود باشا أحمد مدير إدارة حفظ الآثار العربية فبنى السقف بتقاسيمه القديمة من الأسمنت المسلح ثم غلفه بالأخشاب القديمة والجديدة المطابقة للقديم. ويحيط بجدران المسجد الأربعة من أعلى مائة وتسعة وعشرون شباكاً من الجص المفرغ بأشكال هندسية ونباتية.

 

مسجد ابن طولون 1  

توالت يد الإصلاح والترميم على المسجد في أكثر من مناسبة كان منها في عهد الخليفةالحاكم بأمرالله الذي أنزل إلى المسجد ثمانمائة وأربعة عشر مصحفاُ. وكان في وسط صحن المسجد فسقية من الرخام تعلوها قبة مثمنة الشكل مذهبة ومحمولة على أعمدة من رخام، تعرضت سنة 986 م. في عهد الخليفة الفاطمي العزيز بالله لحريق، فأقام بدلاً منها قبة أخرى سنة 995 م. ، ولكن هذا التجديد لم يقو أيضاً على مواجهة عوامل الزمن. وخلال خلافة المستنصر بالله سنة 1077م. اجتاح مصر الوباء والقحط، فنشعت جدران المسجد وألم به الخراب، فلحقه الوزير بدرالدين الحمالي سنة 1077م. وأصلح أركانه وقوم بنيانه. وفي سنة 1131م. أمر الخليفة الحافظ لدين الله ببعض إصلاحات بالمسجد. وفي عهد صلاح الدين الأيوبي اختص المسجد بفريق من المغاربة استعمره أكثر من جيل، إلى أن تولى حكم مصر السلطان الظاهر سرس فاتخذ ملحقات المسجد شونة للغلال سنة 1263 مثم كانت إصلاحات السلطان حسام الدين لاجين سنة 1296 م. التي شملت بناؤه للسبيل الموجود بالنصف الشرقي من الزيادة القبلية والذي جدده السلطان قايتباي فيما بعد، وإنشاؤه القبة القائمة اليوم على فسقية بوسط الصحن والتي لها سلم يؤدي إلى ظهرها عمل في جدار قاعدتها البحري بدلاً من بناؤه منفصلاً، وتجديده كذلك الجزء العلوي المضلع من المئذنة الكبرى الذي يعلو دورتها المستديرة، وتشييده للمنبر الحالي. وفي عهد الناصر محمد بن قلاوون أنشأ بالمسجد منارتين أسطوانيتين على طرفي جداره الشرقي بناهما بالطوب، هدمت الأولى في القرن الثالث عشر الهجري، والثانية البحرية الشرقية في سنة 1933م.لخلل بهما. وفي عهد الظاهر برقوق أنشأ الحاج عبيد بن محمد البازدار سنة 1390 م. رواقاً بجوار المئذنة الكبرى، وجدد ميضأة بجانب الميضأة القديمة، ثم تلاه الشيخ شرف الدين المدني فأنشأ مصلى وتربة سنة 1534 م، وقد زالت إنشاءات البازدار والمدني في عمارة سور الزيادة الغربية سنة1934 وفي أيام محمد بك أبي الذهب أنشأ بالمسجد مصنعاً لعمل الأحرمة الصوفية. وفي سنة 1847 م. حول كلوت بك المسجد إلى ملجأ للعجزة، وظل كذلك حتى سنة 1882 حين أدركت لجنة حفظ الآثار العربية المسجد فوجهت إليه عنايتها وقامت خلال الفترة من 1890 وحتى 1918 بإزالة الأبنية المستحدثة التي كانت بداخل الإيوانات، وهدمت بعض الدور التي كانت تحجب الوجهة الشرقية للمسجد، وأزالت الأتربة والأنقاض، وأصلحت القبة التي فوق المحراب والمنارة الكبيرة والمنارة البحرية الشرقية والمنبر والشبابيك الجصية وجزء من السقف، وحافظت على الزخارف الجصية.


مسجد ابن طولون 5
مسجد ابن طولون 4

 

https://www.masjed.ir/u/ftu

انشر تعليق

البريد الالكتروني مطلوب
شخصيات تركت: 500
التعليق مطلوب

أخبار أخرى