ان "مسجد الطراز الإسلامي" عبارة حكيمة ودقيقة، تحدث عنها اول مرة سماحة قائد الثورة الإسلامية –مد ظله العالي-في الملتقى الصلاة العام التاسع عشر[1]؛ فلكي يتم استيعاب سمات هذا العنوان الصحيح والصائب، يجب ان نقدم بداية الأمر تعريف مؤسس على المصادر العلمية، يشرح المفردات الواردة في هذه العبارة.
المسجد: ان مفردة المسجد هي اسم مكان من فعل "سجد، يسجد (رضايي ميبدي؛ ١٣٨٢) ويعني في اللغة الفارسية محل ومكان العبادة. (معجم عميد). كتب راغب الأصفهاني عن المفردة قائلا: المَسجِدُ موضِعُ الصّلاةِ اعتباراً بالسّجود" (مفردات الفاظ القرآن الكريم؛١٣٩٢ ه.ق) والسجدة هي أشرف اركان الصلاة ومظهر عبودية العبد أمام الله سبحانه تعالى. ولهذا سمي مسجد. (معجم مسجد؛١٣٨٥).
شرعيا قيل عن المسجد: " والمُرادُ بالمَسجد شرعاً المكانُ المَوقوفُ علي كافة المسلمين للصّلاة" (جواهرالكلام؛١٣٩٢ ه.ق).
الطراز: انها كلمة فارسية معربة – تراز- وردت في العربية بتغيير الحرف الأول. وتطلق على أزياء خاصة يرتديها السلطان ومن هنا أطلق على كل شيء يعد جيدا وممتازا. وأخيرا يقال وفقا لمعيار المستوى، على كل ما كان جيدا في قدر وهيئة مستحسنة.
كتب ابن منظور في لسان العرب: و الطِّرزُ: ما يُنسَجُ مِن الثياب للسّلطان، فارسيٌ أيضا و الطِّرزُ و الطّرازُ: جَيِّدُ كُلِّ شيءٍ و قيل: هو مُعَرّبٌ و اصلُه التقديرُ المُستوي بالفارسية (ابن منظور؛١٤١٣ ه. ق، ج٨،ص١٤٣).
يستنبط من معاجم اللغة الفارسية بان مفردة الطراز أو التراز، تعني القاعدة والقانون والمنهج والرتبة والقسم والنوع وصاحب الشأن المماثل والمستوى الواحد. (عباسي؛ رسول،١٣٩٠).
النظام الإسلامي: ان النظام الإسلامي هو نظام يجعل تنفيذ الشريعة الإسلامية في كافة المجالات محط اهتمامه. ان قيادة هذا النظام تقع على عاتق مجتهد جامع الشرائط، اذ يمتلك قوة قيادة المجتمع الإسلامي وإدارته، هذا فضلا عن التمتع بشروط الإفتاء. ان القيادة في هذا النظام واعتمادا على أصل الشرعية الإلهية والمقبولية والمصداقية الشعبية، تمتلك الصلاحيات الي تجعله بموجبها يتدخل مباشرة أو عبر تعيين أشخاص يمتلكون صلاحية في شؤون المجتمع. (رحيم نوبهار؛ ١٣٨٠)
الوظيفة: تعني هذه المفردة الدور أو الأثر الذي يبقي على كل ظاهرة في سلسلة الظواهر التي تجمعها ببعض.
النماذج الفكرية لمسجد مظهر وطراز النظام الإسلامي.
مع انه لم تتم بحوث جديرة وكما ينبغي، تتطرق إلى تقديم تعريف بمسجد النظام الإسلامي الطراز وسماته، ما عدى عدة دراسات جزئية محدودة وكتيب مستقل –اذ كان نفسه نتيجة رسالة دكتوراه-[2]لكن يمكن عد ثلاثة انطباعات من مفهوم مسجد الطراز الإسلامي، فيما يتعلق بالمسجد وما يتوقع منه في مجال الوظائف، وذلك خلاصة لمجموع الأفكار المنشورة في هذا المجال:
الرؤية التاريخية –التقليدية:
يرى البعض بان مسجد الطراز الإسلامي أو المسجد طراز النظام الإسلامي، هو مسجد ينطبق على سمات ووظائف المسجد كما كان في صدر الإسلام وبالتحديد في فترة الحكم النبوي في مدينة الرسول صلي الله عليه وآله. (شهرية مسجد؛١٣٩١؛ عدد ١٦٢؛ ص١٣)
مع ان هذا الانطباع يمتلك الأهمية والتقدير في جانب التأسيس على المنهج وسيرة النبي الأعظم، وحتى في بعض الأحيان، انه ينطبق على كلام من الإمام الخميني قدس سره الشريف اذ قال: واني آمل-إن شاء الله-أن توفقوا في إعادة مساجدنا إلى الحالة التي كانت عليها في صدر. صحيفه امام؛ ج١٧؛٤١). غير انها ليست بنظرة شاملة وذات حيوية.
بعبارة اجل ان إحياء كافة الوظائف وادوار المسجد في العصر النبوي، يعتبر أمرا ضروريا ومهما، الا انه وكما نستنبط من كلام سماحة الإمام الراحل وما شابهه، هو ان أعلى مستويات أدوار المسجد ووظائفه هي التي برزت وظهرت في صدر الإسلام، ولا يحق لأحد ما بان يقدم وظيفة تفوق هذا التعريف للمساجد، فان هذا الانطباع يعتبر خاطئ وسببا في الركود والتوقف.
يرى راقم السطور بان كلام الإمام رحمه الله الحكيم إذ بالتأكيد لا يمكن الاستناد إليه بمفرده ودون الاهتمام بكافة المبادئ وأفكاره الأخرى، فأنه يدل على القيام بمقارنة الفترة التي سبقت انتصار الثورة وبداية عهد الثورة مع فترة صدر الإسلام، في الحقيقة ان الإمام يريد التعبير عن عدم رضائه بالوضع السائد على المساجد بداية الثورة والبون الشاسع الذي يفصلها عن مكانتها وأداءها كما ينبغي وان الإمام وبواسطة إرجاع الذهن إلى الأوضاع السائدة على المساجد في صدر الإسلام وعصر الحكومة الإسلامية بزعامة النبي الأكرم صلي الله تعالى عليه وآله وسلم، كان يريد التنويه بهذه الحقيقة والقول بانه على مسئولي النظام الإسلامي، بذل المساعي لكي ترجع المساجد باعتبارها المراكز الرئيسة لتكوين الثورة إلى المظهر اللائق بها.
ثم ان المساجد في عهد الإمام رحمه الله كانت قد تحولت إلى قواعد تقدم الخدمات، ربما لم تشهد مثيلا للأمر طول التاريخ، على سبيل المثال، تمركز التعبئة الاقتصادية في المساجد ومراكز لإقامة الانتخابات ومحل إسكان المسافرين في أيام عطلة رأس السنة...
نظرة الحد الأدنى:
يرى بعض أصحاب الرأي والباحثون بان وظائف وادوار المسجد في العهد النبوي كانت تنقسم إلى اثنين:
أ) الوظائف التي تختص بالمسجد بما هو مسجد، بعيدا عن ان الحكومة والسيادة هما إسلاميتان أم لا وكذلك بغض الطرف عن ان الحاكم على الحكومة الإسلامية، يكون نبيا أم إماما معصوما أو ولي الفقيه غير المعصوم.
ب) الوظائف التي تأتي نتيجة صلاحيات الحاكم المعصوم الحصرية – سواء كان النبي أو الأئمة عليهم الصلاة والسلام-وتختص مباشرة بشؤون وصلاحياته.
ان هذه المجموعة –التي غالبا ما تمتلك مبادئ إسلامية غير فاعلة وقليلة التأثير من الزمان والمكان-وفي ظل هذا التصنيف نصل إلى نتيجة، مفادها ان أهم واجب المساجد، يتبلور في إقامة صلاة الجماعة ومجالس الذكر والدعاء والموعظة وعلى ابعد تقدير –في الجانب الاجتماعي-في تعاون المؤمنين بغية تلبية الحاجات المادية والمالية لمن يعدون بحاجة إلى السكن والتقليل من آلامهم.
مع الأسف يجب القول بان هذه الرؤية –عالمة أو عامدة-تعتبر هامشا من نظرية "العلمانية" التي صنعها العدو وفصل الدين عن السياسة، إذ تظهر بعض الأحيان من خلال منصات المثقفين الدينين بوعي، كما تظهر في بعض الأحيان على لسان وقلم المتدينين التقليدين.
رؤية الفقه ذات الفاعلية (الأكثرية):
نحن نرى اعتمادا على مبدأين جوهريين ورئيسيين في فقه الشيعة، بان وظائف المسجد في عهد النظام الإسلامي، وفضلا عن شمولها على كافة وظائف المسجد في النظام الإسلامي النبوي، يمكنها ويجب ان تتمكن – إلى جانب مراعاة المبادئ والقيم الجوهريين الفكر الإسلامي – ان تشتمل على الوظائف والأدوار الحديثة المتناسبة مع الحاجات والمتطلبات الحديثة. ان الأساسين الجوهريين المذكورين هما كالتالي:
أ) إطلاق وعمومية شؤون وصلاحيات ولي الفقيه باعتباره حاكما إسلاميا:
مما لا شك فيه ان النبي الأكرم في عهده كان يتمتع بصلاحيات تامة ومطلقة وعامة في مجال تدبير وإدارة شؤون الامة الإسلامية. من جهة أخرى فأي جواز اختياري من قبل الله تعالى، يعتمد على الحكمة والمصلحة واقعيتين وان الحكمة والمصلحة المطلقة لولاية رسول الله صلى الله عليه وآله وتعالى، تتجلى في إزالة كافة العراقيل عن طريق تطور الأمة الإسلامية وتقدمها وشمولية القيم الإسلامية المحمدية الأصيلة صلى الله عليه وآله وسلم.
أما الآن إذ نعيش في عصر الغيبة وفي عصر تكوين الحكومة الإسلامية الوحيدة بقيادة فقيه عادل وجامع للشرائط، يطرح سؤال مفادها، ما مدى صلاحيات وشؤون النبي التي يمتلكها ولي الفقيه في مجال الولاية الشرعية والتشريعية وذلك في ساحة إدارة شؤون الأمة، بعيدا عن الولاية التكوينية –التي لا يمتلكها أحد الا المعصومين عليهم السلام-؟
لو ذهبنا إلى انه تم بلورة جزء منها التي تعتبر مدلولا أو مدلولاتها في عصر حياة النبي، وان النبي (ص) قام بنفسه بالنظر فيها والعمل بها، وان القضايا المستجدة والأحكام الحديثة والمتطلبات الحديثة تخرج من نطاق اختيار الحاكم الإسلامي وأنها تعتبر محظورة! عندئذ تثار شكوك حول أصل حكمة تفويض وجواز الاختيار ومصلحتها إلى الأولياء؛ ذلك لان نفس ذلك الواجب الذي يتوقع من النبي نفسه القيام به في عصره – وهي إدارة كافة شؤون الأمة الإسلامية وتوسيع رقعة الطموحات الإسلامية-فمن المتوقع بان يقوم بها ولي الفقيه، بينما لا تقع أسبابها بحوزته وان هذا فضلا عن انه يعد واجبا لا يطاق وانه قبيح عقلا ويدخل دائرة المستحيل، فانه يعتبر نقض الغرض؟
على هذا لا يبقى سبيلا الا القول بان ولي الفقيه في ساحة إدارة شؤون الأمة الإسلامية، يتمتع بكافة صلاحيات وشؤون النبي والإمام المعصوم عليهم السلام. طابَق النّعلِ بالنَّعل!
الإمام الخميني قدس سره، محيي ولاية الفقيه المطلقة
يقول سماحة الإمام الخميني قدس سره – محيي نظرية ولاية الفقيه المطلقة المتطورة في العصر الحديث-في هذا المجال: نبغي أن أقول: إنّ الحكومة التي تعتبر فرع من الولاية المطلقة لرسول الله (ص) هي إحدى الأحكام الأولية للإسلام، ومقدمة على كافة الأحكام الفرعية حتى الصلاة والصوم والحج. إنّ بإمكان الحاكم تهديم المسجد أو المنزل الواقع في الطريق ثم يدفع لصاحب المنزل ثمنه، وبوسعه إغلاق أبواب المساجد وإقفالها عند الضرورة، ويستطيع تهديم المسجد الذي يستخدم للإضرار بالإسلام إن تطلب الأمر ذلك؛ وتستطيع الحكومة إلغاء العقود الشرعية التي أبرمتها مع الناس فيما لو خالفت تلك العقود مصالح الدولة والإسلام، وبمقدورها الحد من أي أمر عبادي أو غير عبادي عند معارضته لمصالح الإسلام، وتتمكن الحكومة من منع إقامة الحج مؤقتاً حينما تعتبره مخالفاً لصلاح الدولة الإسلامية، برغم أنّه من أهم الفرائض الإلهية. (صحيفه امام، ج٢٠، صص٤٥١-٤٥٢).
تأثير متطلبات الزمن في تنمية موضوعات الأحكام الفقيهة وتضييق نطاقها:
للبحث حول كيفية انطباقية الدين مع الحاجات الزمنية، تاريخ يمتد إلى تاريخ الأديان. فان أهم تحدي في كل عصر وجيل طوال التاريخ، يتجلى في هذه القضية بانه هل بالإمكان انطباقية دين ما على الحاجات والمتطلبات لكل العصور وكافة الأمكنة ام لا؟ وإذا كانت الإجابة إيجابية، فما السبيل لتحقيق هذا الأمر؟
إذا ما ألقينا نظرة على الإجابات المقدمة على هذا السؤال الجوهري، فنرى ثلاثة رؤى مختلفة عند المثقفين وأصحاب الراي:
الرؤية المتطرفة: التي تتجاهل متطلبات الزمن والمكان، أساسا، وترى بانه قضايا الأحكام كالأحكام الأولية والثابتة للدين، لا يطرأ عليها التغيير والتحول. قد يكون إطلاق سمة التغيير المغلق أو المتزمت على هذه الرؤية، أمرا خاطئا.
الرؤية التفريطية: التي تقف في النقيض من الرؤية المتطرفة وتعتبر ان التغييرات الزمنية هي الأصل، معتبرة الدين والأحكام بالفرع والتابع لمتطلبات الزمن المحضة. ان أصحاب هذه الرؤية، غالبا ما يكونون المثقفون المتغربون –اذ يقصون الدين عمليا من الساحات الرئيسية للحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والدولية، ويحصرونه في الإطار الفردي والعبادي.
رؤية الفقه الجواهري: ان العقل والمنطق يحكمان بان يتلاءم الاجتهاد الديني مع المتطلبات الزمنية والمكانية، إذ لا يتم رفض القيم والتعاليم الدينية، ولا يتم تجاهل عنصر الزمان والمكان والظروف التي يجب ان تتبلور فيها الدين. على هذا فان الفقه الإسلامي والى جانب كونه تقليدي والاجتهاد والى جانب اعتباره جوهريا، يصبحان منطبقان مع الظروف الزمنية والمكانية ويحتفظان بحيويتهما.
يتبنى أغلبية الفقهاء هذه الرؤية، مشددين على ضرورة انطباق الفقه مع متطلبات الزمن والمكان.[3] هناك الكثير من النماذج في التاريخ المعاصر، بدءا من فتوى تحريم التبغ على يد الراحل ميرزا الشيرازي وصولا إلى حكم الإمام الخميني رضوان الله تعالى عليه القاضي بتعطيل فريضة الحج مؤقتا، فأنها جميعا تدل على القبول ببسط يد الفقيه الجامع للشرائط في مجال مصالح الأمة الإسلامية.
يقول سماحة الإمام الخميني قدس سره حول دور وتأثير الزمن في تحديد وضع قضية الأحكام الشرعية: ما بالنسبة للدروس والبحوث داخل الحوزات فاني أؤمن بالفقه التقليدي والاجتهاد الجواهري، وارى عدم جواز التخلف عنه. الاجتهاد بهذا النهج صحيح، ولكن لا يعني هذا أن الفقه الإسلامي يفتقر إلى المرونة، بل أن الزمان والمكان عنصران رئيسيان في الاجتهاد، فمن الممكن أن تجد مسألة كان لها في السابق حكماً، وان نفس المسألة تجد لها حكماً جديداً في ظل العلاقات المتغيرة والحاكمة على السياسة والاجتماع والاقتصاد في نظام ما. أي أنه ومن خلال المعرفة الدقيقة للعلاقات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المحيطة بالموضوع الأول الذي يبدو أنه لا يختلف عن السابق، ولكنه في الحقيقة أصبح موضوعاً آخر يتطلب حكماً جديداً بالضرورة. (صحيفة إمام؛ ج٢١؛ ص ٢٨٩).
على هذا ان "استعمال التبغ والتوتون" مادام كان مجرد "استعمال التبغ والتوتون"، انه مجاز في منظار بعض العلماء، لكن بمجرد انه تحول إلى أرضية لهيمنة الكفار على المسلمين ونهب ثروات المسلمين على يد الأجانب، نتيجة نوع العلاقات الاستعمارية التي بناها الشاه الإيراني مع بريطانيا المهيمنة، فان التحريم يصبح حكمه.
كما انه مادام القيام بفريضة حج بيت الله الحرام، يكون مجرد "أداء فريضة دينية" ولا يحمل عنوانا أخرى، فمن المؤكد بان يكون جائزا بل واجبا وفقا للظروف الواردة في الفقه، لكن بمجرد ان تتحول القضية إلى "ذريعة لتحقير واهانة الشيعة والنظام الإسلامي المقدس" فأنها تتحول إلى قضية محرمة.
الثورة الإسلامية؛ أرضية بلورة ولاية الفقيه
هذا وان الثورة الإسلامية، والى جانب التغيير الذي أحدثته في كافة العصور، فأنها رسخت ونشرت وبينت مبادئ الإسلام الأصيل في الفقه واستنباط الأحكام الإلهية.
ان هذه القضية وبالتحديد في قضية ولي الفقيه في الحكومة الإسلامية، تتمتع بأهمية كبرى، إذ لا يعتبر الإمام الخميني قدس سره، الاجتهاد مصطلحا حوزويا لإدارة شؤون الأمة الإسلامية فحسب، بل انه يعتبر سمة أخرى ضرورية. "ولكن المهم هو المعرفة الصحيحة للحكومة والمجتمع التي تؤهل النظام الإسلامي للتخطيط والبرمجة في ضوء ذلك بما يصب لصالح المسلمين. لأن وحدة الرؤية والعمل أمر ضروري. وهنا بالذات لم يعد الاجتهاد بمفهومه الاصطلاحي كافياً، بل أن المجتهد وإن كان الأعلم في العلوم الحوزوية المعهودة ولكنه عاجز عن تشخيص مصلحة المجتمع، أو أنه غير قادر على التمييز بين الأشخاص الصالحين والنافعين عن غيرهم، وبشكل عام يفتقر إلى الرؤية الصحيحة والقدرة على اتخاذ القرار في المجال الاجتماعي والسياسي، فان مثل هذا الإنسان لا يعد مجتهداً في المسائل الاجتماعية والحكومية ولا يستطيع أن يتسلم زمام أمور المجتمع." (صحيفه امام؛ ج٢١؛ ج١٧٧).
عناصر الولاية من منظار الإمام الخميني رحمه الله تعالى
ان الإمام الراحل قدس سره الشريف كان يرى بان الولاية لها مراحل وعناصر، تأتي من ضمنها عنصر الاستنباط واما العنصر الآخر فهو "معرفة الموضوع"؛ ففي المرحلة الأولى يتم استنباط حكم القضايا الشاملة من الأدلة وفي المرحلة الثانية يتم تطبيقها على المدلولات الموضوعية. ان الأفكار الفقهية للإمام في المرحلة الأولى كانت "تقليدية" وفي المرحلة الثانية كانت "فاعلة" وأما في المرحلة الثالثة التي تكتسب أهمية أكبر من الاثنين، فأنها تتمثل في مرحلة صياغة الموضوعات وبناء الأحداث الجديدة في مسار نمو قوة الإسلام وخلق الأرضية التربوية الملائمة لنمو كلمة التوحيد وتربية الإسلام الموحد وان هذا الأمر يعتبر رسالة الولي الإلهي الجوهرية.
ان اهم عنصر للقيادة هو قوة تمييز الواجب في أمر إدارة الأحداث الكبيرة وتولي مسئولية خلق الموضوعات والأرضية التربوية الروحية والذهنية والموضوعية في مسار نمو قوة التوحيد واعتلاء بيرق الإسلام وإذ يتحقق فقط بواسطة تكوين مثل هذه الأرضية الاجتماعية وتطور سلطة الإسلام بواسطة إدارة الرغبات والخوف والطمع عند الناس وخلق شرح الصدر للإسلام في سياقه الاجتماعي اذ يتم توفير أرضية تحقيق الإسلام الموضوعي والشامل في كافة الجوانب.[4] وكما قال الإمام الخميني قدس سره: ذلك أن الحكومة تحدد الفلسفة العملية للتعامل مع الشرك والكفر والمعضلات الداخلية والخارجية. (صحيفه امام؛ ج٢١؛ ص١٧٨).
"الحكومة من وجهة نظر المجتهد الحقيقي تمثل الفلسفة العملية للأحكام الفقهية في الحياة الإنسانية .. و الحكومة هي تجسيد الجانب العملي للفقه في تعامله مع المعضلات الاجتماعية والسياسية والعسكرية والثقافية .. الفقه هو النظرية الواقعية المتكاملة لإدارة الإنسان من المهد إلى اللحد". (صحيفه امام؛ ج٢١؛ ص ٢٢٥).
من هو المجتهد في رؤية الإمام الخميني رحمه الله تعالى؟
فبهذا المبدأ فان للمجتهد أساسا تعريفا أكمل وأكثر شمولا من المعنى التقليدي المتداول على السنة اهل العلم، في منظار الإمام "ولهذا ينبغي للمجتهد أن يكن محيطاً بقضايا عصره. فالناس والشباب وحتى العامة، لن يقبلوا من المرجع والمجتهد الاعتذار عن إعطاء رأيه في المسائل السياسية .. إن الإحاطة بسبل مواجهة التزوير والتضليل للثقافة السائدة في العالم، وامتلاك البصيرة والرؤية الاقتصادية، والاطلاع على كيفية التعامل مع الاقتصاد العالمي، ومعرفة السياسات والموازنات وما يروج له الساسة، وإدراك موقع القطبين الرأسمالي والماركسي ونقاط قوتهما وضعفهما، إذ إنهما يحددان في الحقيقة إستراتيجية النظام العالمي؛ ان كل هذا يعتبر من خصائص وسمات المجتهد الجامع .. فلا بد للمجتهد من التحلي بالحنكة والذكاء وفراسة هداية المجتمع الإسلامي الكبير وحتى غير الإسلامي. ويجب أن يكن مديراً ومدبراً حقاً فضلًا عن اتسامه بالخلوص والتقوى والزهد الذي هو من شأن المجتهد “. (صحيفه امام؛ ج٢١؛ ص ٢٨٩).
الحكومات والمسجد
في النظرة الأولى إذا كانت العبادة حصرية وتنحصر في الصلاة فحسب، فلا حاجة إلى التجمع في مكان خاص أو القيام بعبادة جماعية، بغية القيام بحركات ذات نسق أو أوراد محددة، ولا مبرر واضح وجلي لبناء المساجد.
المسجد؛ مركز لامتزاج الديانة والسياسة
يقول الشيخ طه الوالي نقلا عن كتاب الأزهر: لم تنحصر الأهداف المبدئية في الإسلام في القضايا العبادية فحسب، عند قيامه ببناء المساجد. بل ان الأهداف السياسية والاجتماعية كانت تقع في الأولوية، ان هذه المعابد منذ ظهور الإسلام قد نظمت لتجمع المسلمين كما كان لعلماء التفسير والحديث مكانة خاصة. وبما انه في الإسلام، لم يكن لفصل الدين عن السياسية معنى أو مفهوم، فان اول فلسفة المساجد الوجودية، كانت تتلخص في نقل الأخبار وفي المرحلة الثانية كان المسجد مركزا للتربية والتعليم. (شيخ طه الولي، بيروت، ١٤٠٩ ه. نقلا عن "اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان").
جاءت مفردة المسجد ما يقارب 28 مرة في القرآن. ويجمع كافة المؤرخين بان الطوب الأول للمجتمع المدني لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وضع بواسطة بناء المسجد في مدينة يثرب.
عن الصادق عليه السلام: في زمن النبي كان هناك جماعة لا يحضرون المسجد وفي يوم من الأيام قال النبي الأكرم صلي الله عليه وسلم: لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام , ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس , ثم أنطلق برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار.[5]يخرج ابن مسكويه بنتيجة حول درجة اهتمام الإسلام بأمر المسجد مفادها: قد يكون سبب اهتمام شريعة الإسلام إلى الحضور في المسجد والقيام بالصلوات اليومية جماعيا، هو الأنس الطبيعي الذي يضرب بجذوره في كافة أسباب الحب وتنتشر أكثر العوامل جوهرية للحركة الاجتماعية. [6]
أسلوب الحكام في الدول الإسلامية
تنطوي علاقة الحكومات بالمساجد في الأراضي الإسلامية –منذ فترة الحكومة الإسلامية النبوية حتى فترة الجمهورية الإسلامية-على أنواع وأقسام مختلف من العلاقات. فنوعية تعامل كافة الحكومات مع المساجد في المقام الأول، يعد تابعا لمبادئ الرؤية العالمية والأيديولوجية السائدة على فكرة الحكام. بعبارة أكثر وضوحا، فكلما كانت أيديولوجية الحكام المسلمين أكثر اتحادا وأكثر انطباقا مع أيديولوجية الإسلامية وكذلك الرؤية العالمية للإسلام، المحمدي الأصيل صلى الله عليه وآله، فكلما كانت نوعية الاستفادة والتعامل مع المساجد اصح وتسير على طريق الأهداف والطموحات الإسلامية. وفي المقابل فكلما ابتعد الحكام عن الرؤية العالمية والأيديولوجية الأصيلة للإسلام، أو اتخذوا المساجد قاعدة للتزوير وسلطة الباطل على الشارع العام، كما قام به خلفاء بني أمية أو بني العباس أو عندما اعتبروا المسجد كأهم قاعدة عداء مع حكومتهم، فأنهم عندها يستغلون كافة قواهم وإمكاناتهم لتهميش المسجد، كما حدث في فترة حكم البهلوي. بهذا العبارات يمكننا تقسيم تاريخ الإسلام من منظار نوعية تعامل الحكومات مع المساجد إلى عدة مراحل:
أ) سيرة نبي الإسلام صلى الله عليه وآله السياسية في التعامل مع المساجد
يمكننا ومن مجموع الوثائق التاريخية والروائية الاستنباط بانه في سيرة نبي الإسلام الأكرم، كان المسجد اول واهم ركن في تحقيق التضامن بين الأمة والقيادة ومركزا لاتخاذ القرارات والقيام بالممارسات التي تحتاج الحكومة إلى تواجد الناس والقيام بما ملقاة على عاتقهم، بغية تنفيذها. فان ممارسات من قبيل: تعليم القوات العسكرية والإعلان عن الأخبار والتعبئة العامة لمكافحة مؤامرات المنافقين[7] والتربية والتعليم وحل المشاكل الاقتصادية للمؤمنين وما شابهها فضلا عن هذا فان النبي باعتباره الحاكم الإسلامي كان يرتب كافة الواجبات وشؤون حكمه بمحورية المسجد وفي المسجد؛ انه كان يقيم المحاكم في المسجد وكان يقوم باستشارة الكبار في المسجد وكذلك يقسم بيت المال في المسجد كما كان يقيم اللقاءات السياسية والدبلوماسية في المسجد.
نظرا إلى ما قيل سابقا يمكن تقسيم وظائف المسجد الحكومية في الجوانب التالية:
1. جانب الإعلان وتوعية الأفكار العامة
2. جانب الاستشارة واتخاذ القرار للحاكم الإسلامي
3. جانب التربية والتعليم
4. الجانب العسكري والتنظيم وإسناد المقاتلين
5. الجانب الاجتماعي وشؤون الحسبة
6. جانب مركز الحكومة ومركز إدارة المجتمع
بعد وفاة النبي الأكرم، وفي كل فترة وفقا لأخلاق الحكام والسياسات التي كانوا ينتهجونها، كانت تتعرض وظائف المساجد السياسية إلى التغييرات والتطورات الكثيرة، إذ نشير إليها فيما يلي بإيجاز:
ب)أسلوب الخلفاء الثلاثة في الحكم على المسجد
بعد وفاة النبي وتسلم الخلفاء الثلاثة مقاليد الحكم، كان المسجد يعتبر قاعدة للحكم ويحمل وظائف تعليمية وتربوية وسياسية واجتماعية وعسكرية. قد جعل الخلفاء الثلاثة المسجد كدار الخلافة، وبالاستفادة القصوى من إمكانية تجميع المسلمين في الجمعة والجماعات، قد فرضوا سياساتهم وحققوا أهدافهم –بغض الطرف عن كون الأمر حقا أو باطلا-. على هذا وفي جانب الشكل والظاهر، لم يختلف دور المسجد وبالتحديد مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم اختلافا كبيرا مع ما حمله من وظائف في عهد الحكومة النبوية؛ مع انه في كافة البلاد الإسلامية وبواسطة تعيين أشخاص لم يكن لديهم التزام، في اغلب الأحيان، بأهداف الإسلامية الأصيلة وبغاياته –من أمثال مروان ومعاوية- أصبح المسجد مركزا لتبرير الخيانات والظلم الذي كان يمارسه الحكام والولاة وسببا في تفرق شمل المسلمين وبالتحديد النخبة واختلاف رأيهم، شيئا فشيئا، بدلا من ان يكون سببا في علو كعب الإسلام وتحقيق وحدة المسلمين.
ت)المسجد في حكم أمير المؤمنين عليه السلام
بعدما تسلم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، أمور المسلمين ونظرا إلى ان اهم أهدافه ومقاصده كانت تتبلور في إحياء القرآن والسنة النبوية وإصلاح المفاسد والبدع التي وضعها الخلفاء السابقين، فأصبح إحياء وظائف المسجد الرئيسية وإعادة هيبته ومكانته الحقيقية على رأس أجندة أعمال الإمام.
ان الإمام وكما فعل النبي صلى الله وعليه وآله وسلم، والخلفاء الثلاثة السابقين، قد جعل المسجد مركزا للخلافة والحكومة، وكان يقوم بكافة الوظائف والبرامج الحكومية في المسجد وبمحورية المسجد.
مازال في مسجد الكوفة، توجد علامات مختلفة بعنوان "دكة" إذ تبين كل منها على إحدى وظائف المسجد في حكم أمير المؤمنين منها: " دكة القضاء"، " دكّة الطشت"، " دكّة الفتوا" و ...
غير ان التغيير الذي طرأ في هذه الفترة في علاقة الحكومة والمسجد، ظهر في المقام الأول في إحياء الوظيفة المعنوية والتربية الأخلاقية ومنبر الوعظ والخطابة الذي قام الإمام بإحيائه وترسيخه بنفسه.[8]
ث)المسجد في عهد خلفاء بني أمية وبني العباس
بعد النبي صلى الله عليه وآله، كانت تعتبر الحكومة الإشراف على المساجد من الواجبات الضرورية للحكومات وكان كافة الحكام حتى لو كانوا ظالمين ولم يهتموا بكافة أحكام الإسلام، لكنهم كانوا بحاجة إلى المسجد وكانوا يعتبرون ازدهار المساجد وعظمة صلاة الجماعة الجمعة جزءا من قوتهم وعظمتهم.
يقول ابن خلدون: لم يكن الحكام في صدر الإسلام، يحولون هذا الواجب –واجب إدارة المساجد-إلى شخص آخر، وعندما كانوا يتحدثون عن المساجد العظيمة، يقول: ان تعيين إمام هذه المساجد للخطبة والصلاة، كان من اختصاص الحاكم، وكانت كافة السياسات الدينية والشرعية، كالصلاة والقضاء والحسبة، الجهاد، جزءا من الإمامة الكبرى وهو الخليفة، وبما ان الصلاة عمود الدين، كان لها مكانة سامية بين العبادات. على هذا فان إمامة الصلاة كان ينبغي ان تحظى بأعلى المراتب وحتى أعلى من الحكم.[9]
قسم أبو الحسن علي ابن محمد بن حبيب الماوردي (متوفى عام 450 للهجرة) في كتاب الأحكام السلطانية والولايات الدينية الباب التاسع "باب الولايات على إمامة الصلوات" المساجد إلى اثنين، عند الحديث عن علاقة الحكومة المسجد وهي المساجد السلطانية والمساجد العامة.
انه يبين سمات للمساجد السلطانية ومنها:
انها حكومية تماما، بمعنى تعيين إمام الجماعة على يد الحاكم،
يجب ان يستلم إمام الجماعة راتبه من بيت المال،
يجب ان يعين إمام الجماعة على يد الحكومة، كولاية الصلاة. هذا ويجب توفير خمسة شروط لهذا المنصب (ولاية الصلاة)،
يجب ان تتدخل الحكومة في كافة شؤون المسجد مباشرة أو بواسطة إمام جماعة منصوب،
غير ان سمات المساجد العامة لا تسمح بتدخل الحكومة تدخلا مباشر، غير ان إمام الجماعة يجب ان يختار على يد الناس.
الجذور التاريخية لتضعيف المساجد
ان تضعيف مكانة المساجد ودورها في المجتمع الإسلامي، يضرب بجذوره في تيار تاريخي ممتد. بعد استشهاد امير المؤمنين عليه السلام، وتسلم بني أمية بزعامة معاوية بن أبي سفيان الحكم، تم استغلال المسجد للتزوير والخدعة واستغلال مكانة تجميع المؤمنين الإستراتيجية وبناء علاقة الحاكم بالرعية في السلطة واختيار الخليفة. انه كان يعتبر نفسه خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله وبالتالي أكثر الأشخاص جدارة لإقامة الجمعة والجماعة. كان يلقي خطبة من على منبر رسول الله وكان يجعل المعارف الدينية بواسطة المغالطة والسفسطة، ذريعة لممارسة الحكومة الظلم والتعسف والجور.[10]
ان الخلفاء ومن بعدهم السلاطين والملوك في الدول الإسلامية، كانوا يقوون هذا الجانب من وظيفة المسجد. كان شعار الله وأكبر والجهاد، حاضرا في كافة الأراضي التي كانت يفتحها المسلمون، وكانت الصلاة تعد دلالة على المسلم والمسجد في مقابل الكنائس التي تعتبر علامة على مجد المسلمين وعظمتهم واقتدارهم. ان المساجد الكبير التي تعتبر في يومنا هذا المراكز الرئيسية في إسطنبول التركية لاستقطاب السياح، تعتبر من بقايا سلطة حكام العثمانيين وان المساجد الكبيرة التي كانت متوفرة في كافة أنحاء شبه القارة الهندية، تدل على سلطة المسلمين. في يومنا هذا وفي مدينة كإسطنبول التي يحاول حكامها العلمانيين القضاء على الإسلام، منذ ما يقارب قرن من الزمن، يرفع صوت الأذان في خمسة أوقات يوميا ويهز أسس هذه المدينة السياحية، اذ يتجه المصلين بكثافة إلى المساجد وحتى في الدول المتخلفة ظاهريا من أمثال إثيوبيا، تمتلئ المساجد من المصلين وبالتحديد في شهر رمضان بحيث يقف الناس في الطوابير وينتظرون انتهاء صلاة الجماعة الأولى وتتكرر هذه الحالة في بعض الأحيان حتى أربع مرات. ان هذه الأعمال تدل على دعاية الحكام والسلاطين وتوعيتهم للحفاظ على قاعدتهم الشعبية في المساجد.
من جهة أخرى ان فتح البلدان وتعرف الحكام إلى أسلوب الحكم ومنهجه عند غير المسلمين –وبالتحديد حكام الروم وإيران-أوصل النزعة إلى التجمل والإشرافية إلى ذروتها لديهم، وهذه السمة أدت إلى انشاء قصور فخمة وكذلك أفضت إلى حكم الخلفاء في هذه الأبنية المعارضة مع روح الإسلام. لم يبق المسجد شيئا فشيئا مركزا للخلافة والحكومة وحل محله قصر معاوية الأخضر في الشام وكافة القصور في البلاد الإسلامية الأخرى طوال التاريخ. ان هذه القضية مثلت أولى البدايات لتهميش المساجد في المجتمع الإسلامي. غير ان وظائف كالتربية والتعليم كانت قد بقت منحصرة في حوزة المساجد.
يقول ابن بطوطة: قبل ان ينشئ نظام الملك مدارس تعرف بالنظامية، كان الدرس والتعليم قد تركز في المساجد وهكذا كان يعد التعليم والتعلم جزءا من العبادة.[11]
ج) المسجد في عهد الحكم الصفوي حتى البهلوي:
بما ان الدولة الصفوية هيمنت على أمور البلاد بشعار التشيع، فقامت منذ البداية وبإتباع كافة الحكام والسلاطين المسلمين بإنشاء مساجد كبيرة في مختلف المدن، لكن بعد مرور فترة من الزمن، انخفضت وتيرة هذا العمل ذلك لان الناس لم يبلغوا بعد درجة من الوعي الثقافي حتى يستوعبوا ضرورة إنشاء المساجد وتطويرها وكذلك فائدة هذا العمل. كما لم تكن ترى الحكومة الصفوية نفسها بحاجة إلى هذا الأمر. على هذا بدأت مساجد الشيعة فترة الغربة لها، وكلما تقدم الزمن، كلما زادت هذه الغربة، بحيث اعتبر في عهد القاجارية وبالتحديد عهد البهلوي الأول والثاني، المساجد رمزا للتزمت ومانعا للتقدم ومواقع لحياكة المؤامرات وما شابهها من أمور، وعلى هذا أصبحت محاربة المساجد ونشاطاتها على رأس سياسات الحكام لهذه الحكومات.
هذا وفي تلك الفترة، أبدى العلماء وكبار المراجع مقاومة في مواجهة هيمنة الحكومة على المساجد، نتيجة لاستيعابهم خطر تبعية موقع الدين إلى الملوك ووقف العلماء وعلماء الدين في عدة مرات بوجه الحكومات عندما أرادت بسط الهيمنة على المساجد. بلغت تلك المقاومة درجة أفتى بعض المراجع تقديم أي شكل من المساعد. ان الإمام الخميني رحمه الله تحدث عن هذا الأمر في الرسالة العلمية وخصص عدة قضايا في مجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لتحريم تعاون العلماء مع الدول الظالمة وحكم بعدم عدالتها.[12]
ح) المسجد في فترة حكم الجمهورية الإسلامية
يمكن تقسيم وضع المساجد في فترة 34 بعد تأسيس نظام الجمهورية الإسلامية المقدس إلى ثلاث فترات:
فترة الازدهار والرخاء: بما ان الإمام الخميني رحمه الله تعالى وأصحابه، جعلوا المسجد قاعدة والدين أساسا وشعارات الإسلامية الأصيلة، كركيزة رئيسية للثورة الإسلامية، فجعلوا تلقائيا تلك الأمور المقدسة في ذهن الناس وقلوبهم كأهم القضايا. في فترة النضال وحتى بعد سنوات من انتصار الثورة الإسلامية، أصبحت المساجد أكثر ازدهارا ونشاطا. كانت تبدأ كافة القرارات من المسجد وتنتهي هناك. ان الشؤون الرئيسية للثورة والنظام كانت تتابع في حصن المسجد. وكان يعرف الناس المساجد كشبكة للقيام بتعليمات قيادة الثورة وسيادة النظام الإسلامي. ان هذا الازدهار بلغ ذروته في استقطاب الشباب والناشئين واسع النطاق إلى المساجد والتعليم والتربية وتنظيمهم للتواجد في ساحات الجبهات أو النشاطات الثقافية والعسكرية خلف الجبهات.
ربما لم يصبح المسجد في أي فترة، كما كان في الأربعينات حتى الستينات شبيها إلى المساجد في فترة حكم نبي الأكرم صلى الله عليه وآله. مع انه في هذه الفترة ولأسباب مختلفة، كان هناك فارق كبير في الجانب الكمي والكيفي مع نموذج مسجد النبي ولأسباب مختلفة، لكن عند المقارنة مع الفترات السابقة وحتى الراهنة، كان قريبا جدا من ذلك الطراز والمظهر الإسلامي.
فترة الركود النسبي: بعدما وضعت الحرب أوزارها، حدث التغيير في سياسات دولة الجمهورية الإسلامية، اذ اتجهت نحو التنمية العمرانية والاقتصادية وقلة اهتمام المدراء والمسئولين في المجتمع، بقضية الثقافة وكذلك بداية الغزو الثقافي الغرب الذي استهدف مجتمعنا الحديث، فأول ما الحق به ضررا في البنى والهياكل، تبلور في المساجد. ان رؤية دولة البناء، كانت إعادة بناء البنى التحتية الاقتصادية والتنمية الصناعية للبلاد فحسب، فأصبحت في هذا المجال البنى التي تمتلك قيمة التخطيط والاستثمار، ذات جدوى وخرجت المساجد من دائرة الاهتمام تلقائيا. استمرت نفس الوتيرة في دولة الإصلاحات باتخاذ مقاربة حديثة وتحت عنوان "التنمية السياسية والديمقراطية". في هذه الفترة ظهرت البنى الحديثة والمعارضة للثقافة المحلية للمجتمع الإسلامي في مقابل المساجد وبتكاليف الحكومية الكبيرة، فتم إنشاء دور الثقافة واحد تلو الأخرى بمختلف برامجها ونشاطاتها بغية استقطاب مختلف الطبقات وبالتحديد الشباب والناشئين وكانت جميعها تتشابه مع الأخرى في قضيتين: الأولى النظرة الليبرالية والمتجاوزة للدين للنشاطات الثقافية بحيث كانت تعلم العزف على القيثارة والحركات ذات التنسيق وأنواع الرياضة المحلية وغير المحلية حتى تعليم القرآن والتواشيح. وثانيا القائمة بذاتها، بل تلك التي تأتي للدولة بالفائدة المالية.
فترة إحياء المساجد وتقوية دورها
بعد تسلم الدولة التاسعة مقاليد الحكم، رجعت المساجد بسببين إلى دائرة البنى الاجتماعية المؤثرة، مع ان هذه العملية كانت بطيئة. أما السببان فهما:
الأول) المقاربة الثقافية للدولة والرئيس للجمهورية التاسع الذي مهد الأرضية لإحياء دور المساجد وأهل المسجد في مجال السياسة والثقافة والاجتماع إلى حد ما. هذا وان الدعم الواسع النطاق القانوني والمادي والمعنوي من المساجد، تبلور في نفس تلك النظرة.
الثاني) بسبب تفاقم قضية الغزو والناتو الثقافية الغربية التي أثارت الهواجس في نفوس النخبة وأصبحت على المستوى العام الشعبي مظاهر الفساد والتحلل وما ماثلها عاملا للقلق، اذ مال الناس والمسئولين بغية الحؤول دون نشر موجة هذا الغزو المعارض للثقافة بالتعاون وإبداء رأيهم. فان اول بنية في الثقافة الإسلامية للمجتمع وبإجماع الجميع يمكنها ان تؤدي دور الملجأ والحصن للشباب، كانت المساجد. هذا وان كلامنا هذا لا يعني بلوغ المساجد ذروتها وبلوغها للنقطة المنشودة، بل ان القصد هو إذ كان المسئولون لشؤون المساجد أذكياء ويستغلون الفرص، فان الأرضية المبدئية بغية إعادة العمل ونشر دور المسجد ووظائف المسجد أكثر من أي زمن آخر في السنوات المنصرمة.
مؤشرات مسجد مظهر النظام الإسلامي
نظرا إلى ما أوردناه في السطور السالفة فمن المؤكد يعتبر الإيمان بدور مكانة المسجد الفريدة بنوعها في تحقيق النظام الإسلامي أهدافه وطموحاته السامية، يعتبر اول الشروط في إحياء وظائف المساجد. بغية تحقيق هذا الهدف يجب بداية دراسة ما نتوقعه من المسجد في إطار مؤشرات مسجد مظهر وطراز للنظام الإسلامي، ومن ثم نقوم بواسطة دراسة الحالة الراهنة بغية تحقيق الوضع المنشود، بالتخطيط والعمل.
أسس المسجد:
ان إمام الجماعة وكما قال قائد الثورة الإسلامية الكبير "المدير الطبيعي للمسجد".
يعد المأمومين أهم دلالة لعمران المسجد، بواسطة تواجدهم المنظم والكثيف في المسجد.
مجلس الأمناء: التي تقوم نيابة عن الناس وبتأييد إمام الجماعة بمساعدة إمام الجماعة لإدارة شؤون المسجد.
التنظيمات الناشطة في المسجد، كالقاعدة القوات التعبوية والجمعية الثقافية والفنية للمسجد و... التي تتولي القيام بالشؤون الثقافية والاجتماعية والسياسية في المسجد وتقوم بمساعدة إمام الجماعة وإسناد قوات المقاومة، بحراسة قيم الثورة الإسلامية.
الخادم: الذي يقوم بنظافة المسجد كما ينبغي وفي الوقع المحدد ويرتب الأمور، وبهذا يمهد الأرضية لإقامة الصلاة والقيام بكافة الواجبات في المسجد.
بناء المسجد وإمكاناته
سمات المسجد النموذجي
أ- سمات المسجد النموذجي العبادية
ان المسجد هو أعلى مكان لعبادة العبد أمام المعبود. السُّجودُ مُنتَهَي العِبَادَة مِن بَني آدَمَ.[13]
ان المسجد هو مكان عبادة الله تعالى بإخلاص. وَ اَنَّ الْمَساجِدَ لِلّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً.[14]
المسجد هو مزار الله تعالى. جاء في حديث قدسي عن نبي الإسلام صلى الله عليه وآله وسلم: اَلا طُوبَي لِعَبْدٍ تَوَضَّأ فِي بِيْتِهِ ثُمَّ زارَني فِي بَيْتي.[15]
ان المسجد بيت الله على الأرض: اِنَّ بُيُوتي في الأرْضِ المَساجِدُ تُضِيءُ لِأهْلِ السَّماء كَمَا تُضِيءُ النُّجُومُ لِاَهْلِ الاَرْضِ.[16]
ب- سمات المسجد النموذجي التربوية
ان المسجد يعتبر أفضل موقع للعبادة وأفضل عامل للتربية النفسية للإنسان وتلبية أهم الحاجات الطبيعية له. ان التربية ليست الا الإجابة الصحيحة وفي الوقت المناسب والمتوازنة للحاجات وتربية المواهب تربية كاملة وشاملة. مع ان العبادة في كافة الأمكنة توفر هذه الحاجة الطبيعية والمعنوية بشكل نسبي؛ الا انه يتم تلبية هذه الحاجة في المسجد ودار العبادة بشكل أفضل وأكمل؛ والسبب في هذا الأمر، هو ان الإنسان كائنا اجتماعيا ويترك الفردية والوحدة والغطرسة والأنانية في ظل العبادة الجماعية وبواسطة انضمامه إلى جموع العابدين والمصلين يمكنه ان يؤدي دوره في إقامة الصلاة وإزالة الفحشاء والمنكر.
ان المسجد هو مأمن المؤمن من الأضرار الأخلاقية. فالمعصومون عليهم السلام وفي أحاديثهم اعتبروا المسجد الملاذ والمأمن للمؤمن.[17] ان الإنسان يبتعد عن الهواجس والقلق والكآبة والحيرة في ظل هذا الملجأ ويصل إلى بر الهدوء ببركة ذكر الله تعالى. جاء في الذكر الحكيم: ألا بذكر اللهِ تطمئنّ القلوب.[18] ربما لهذا السبب أوصى الإمام الصادق عليه السلام، المسلمين باللجوء إلى الصلاة والمسجد عند مواجهة المشاكل والهموم الدنيوية.[19]
ان المسجد هو مكان مقدس وخال من الذنب والرجس. ان تواجد المؤمن في المسجد هو بمثابة ارتداء الحاج الإحرام في الحج. مع ان الذنب مذموم وقبيح في كافة الأمكنة، الا انه يزداد قبحا في المسجد.[20] على هذا فالمؤمن يجب ان يبذل كل ما لديه من جهد وسعي كي لا يتلوث هذا المكان بالذنوب وإلا يتفوه بالكلام الظالم[21] وان لا ينتهك أعراض الآخرين[22] ويترك الغيبة[23] والكلام اللغو[24] وان يبتعد عن الحوارات والأحاديث التي تنشر رائحة الدنيوية وحب الدنيا.[25]
ان المواظبة على الابتعاد عن الذنوب واللغو في المسجد يعد في الواقع نوعا من ممارسة الأعمال الصحيحة والابتعاد عن المساوئ. ان الآثار البناءة والتربوية الناجمة عن الحضور في المسجد، تنتقل إلى أعمال المؤمن الأخرى وكافة الأزمنة والأمكنة في حياته شيئا فشيئا. وان هذا هو أفضل أسلوب للتربية غير المباشرة.
ان المسجد هو مكان للتحلي بالزينة المعنوية ان القرآن يوصي المؤمنين بانه عند الحضور في المساجد، ان يتزينوا، دائما وان هذه الوصايا تنطوي على أنواع الزينة وهي كالتالي:
الزينة الظاهرية كاللباس الجميل والمعطر والعطر والرائحة الجيدة وطهارة الجسم وتصفيف الشعر واللحية و...
الزينة المادية وتشتمل على المال والبنون اذ جاء في الذكر الحكيم عنهما: المالُ و البَنون زينة الحيوة الدّنيا ...[26]
الزينة المعنوية وتعني السمات الحسنة والسجايا الأخلاقية كالصدق والخلوص والحنون و...[27]
ان المسجد هو مركز علاقة الصالحين ببعض. ان خبراء التربية يشددون بالإجماع على الدور الخاص للصديق والرفيق النصوح في تربية الإنسان. ان الإسلام ينشر هذا الأصل التربوي ويدعمه كذلك. كما وردت قضايا كثيرة في القرآن الكريم وكذلك في روايات المعصومين عليهم السلام، حول أهمية وضرورة البحث عن الأصدقاء الطيبين وسبل اختبار الأصدقاء وآداب الصداقة والعشرة وحقوق الأصدقاء والرفقاء والحفاظ على صداقة الصالحين.
ان المسجد وبواسطة توفير أرضية ملائمة لتربية الإنسان الروحية، ان بناء العلاقة الودية مع المحسنين تقوي الجوانب الإيجابية للتربية –أي التشجيع على القيام بالفضائل والترغيب إليها-في الفرد وكذلك ترسخ الجانب السلبي –أي القوة على الابتعاد عن الرذائل.
ان المسجد يعد بمثابة أرضية ملائمة لتربية الأخلاق الاجتماعي. ان العزلة والابتعاد عن الجمع، مرض روحي، بينما الانضمام إلى الجمع والطابع الاجتماعي –في المستوى المعقول له، يدل على سلامة الروح والنفس في الإنسان والتعادل الفكري عنده. ان المسجد وبدعوة المسلمين إلى الجمع بشكل دائم، يقوي أخلاق النزوع إلى الجمع والمرونة والقبول بالنظم في نفوسهم. ويزيل التطرف والتغرب عن الجمع منهم.
ان المسجد يعتبر قاعدة لتقوية التضامن والتعاون والمساعدة في المشاكل. ان المساجد عادة تشكل مكانا للحديث عن المشاكل والمعضلات الاجتماعية. فمن الطبيعي ان يبث الحضور في هذا المكان روح الالتزام والتضامن في نفس الشخص. ان تربية هذه السجية الحسنة في نفوس الأشخاص، يعتبر نوعا من النضال مع روح عدم الالتزام واللا مبالاة. انها ميزة أخلاقية لو توفرت في نفوس أبناء المجتمع وبالتحديد الجيل الشاب منهم، فأنها توجه أضرار جوهرية على جسد هذا الاجتماع.
السمات الثقافية –التعليمية للمسجد النموذجي
ان الدور التعليمي –الثقافي للمسجد يأتي على رأس الجوانب الأخرى، بعد الجوانب العبادية. ففي الأساس ان بناء المسجد في الإسلام، يعد بمثابة بناء أكبر مدرسة إسلامية. فان المسلمين وحتى القرون المنصرمة لم يكونوا يعرفون ظاهرة تسمى المدرسة –بالمعنى الغربي والحديث لها-. فقبل ظهور المدرسة التي لا يتجاوز تاريخها أكثر من قرنين، كان المسجد المركز التربوي والثقافي الوحبد والمهم في الدول الإسلامية. بحيث كانت قضية تطرح في صفوف الفقهاء حتى الفترة الأخيرة وهي هل يجوز إنشاء المدرسة أم لا؟[28]
المؤشرات العامة لمسجد المظهر الإسلامي
1- توعيه وتثقيف حركة الأمة الإسلامية
2- إحياء واجبات المساجد وإعادة تعريفها
3- تقديم الخدمات في الجوانب الدنيوية والمعنوية
4- تقريب الناس إلى المعتقدات الدينية
5- الإعلام المرئي والمسموع للناس وبالتحديد الشباب منهم
6- مركز لتربية الشباب وتعلميهم
7- مركز للوعظ والتربية وتهذيب نفس الناس
8- مرجع لمعالجة مشاكل المحرومين
9- مكان لتربية القوات المستعدة والاستفادة الجيدة منها في مختلف المجالات
10- مكان آمن وسبب الخيرات والبركات للناس
11- امتلاك الإدارة الجيدة والناشطة
12- إعطاء الأهمية إلى كيفية البرامج
13- مركز للدعاية والإعلام في العالم الإسلامي
14- الملجأ في الشدائد
مؤشرات إمام جماعة المسجد المثاليّ
جاء في وثيقة مساجد الجمهورية الإسلامية الإيرانية في عام 1404 للهجرة الشمسية حول مؤشرات امام الجماعة المنشود: ان يتمتع بأئمة جماعات علماء ومفكرين ومتقين وعارفين بالقضايا المعاصرة وعارفين بفنون المشاورة والإدارة وان يتمتعوا بإمكانية بناء علاقة واسعة النطاق.
كما قال سماحة قائد الثورة الإسلامية في نداءه لملتقى الصلاة العام التاسع عشر: رجل الدين الورع والمتعقل والخبير والمخلص في المسجد كالطبيب والممرض في المستشفى يبعث في المسجد الروح والحياة.
على هذا يبدو ان اهم مرحلة في رسم صورة مسجد المظهر الإسلامي، وبعد القيام بالدراسة والاستيعاب العميق لدور المسجد الفريد بنوعه في الرقي بثقافة المجتمع الديني وتطوير أهداف الثورة والنظام الإسلامي، تتجلي في إحصاء وتبيين مؤشرات امام الجماعة لمثل هذا المسجد، ذلك انه وبنفس القدر الذي يحتاج أساس إنشاء المسجد في منطقة جغرافية إلى الهداية في توفير العتاد، فان حضور عالم الدين المناسب ومظهر وطراز النظام الإسلامي للإمامة وإدارته يعد ضروريا في جانب البرمجي. وكما قال سماحة القائد: النقطة المهمة الأولى هو بناء المسجد وتواجد رجل الدين المناسب فيه.[29]
قام الدكتور رسول عباسي وفي كتابه المعنون بـ "مسجد طراز إسلامي" بتقسيم سمات امام الجماعة إلى أربعة مكونات شاملة وهي كالتالي:
"امتلاك الهدف"
"الفضائل الأخلاقية"
العلم والمهارات"
"الرغبة"
ثم انه قام بتبيين تلك المكونات تحت المؤشرات الواضحة كالتالي:
المكونات | المؤشرات |
امتلاك الهدف | 1) دافع هداية الآخرين 2) دافع بناء الذات وتهذيب النفس |
الفضائل الأخلاقية | 3) الخلق الحسن وحسن المعاشرة 4) سعة الصدر والتساهل 5) صون الأمانة والتقبل بالمسئولية 6) الصدق والوفاء بالعهد 7) العدالة الفقهية والتقوى 8) الإخلاص 9) التواضع 10) النظم ومعرفة الوقت: الحضور المنتظم والنظم في إدارة الأمور 11) انتهاج العدالة في التعامل مع الناس والاهتمام بكافة الأشخاص 12) الحياة البسيطة والابتعاد عن تجمل الدنيا 13) الوقار وثبات الشخصية 14) الشجاعة واستقلال الرأي 15) الالتزام بالولاية 16) الاعتماد على الذات والصرامة 17) حسن الشهرة 18) الأناقة والجاذبية الظاهرية |
العلم والمهارة | - التقدم في بناء العلاقات - معرفة المخاطب - الاستماع المؤثر - العلاقات المؤثرة - فن الخطابة - الذكاء العاطفي - التفكر التحليلي وقدرة الاستيعاب وشرح الواجبات وقيم المسجد - الفكر الخلاق - الوعي والبصيرة والرؤية السياسية - العلم الديني (الفقه والأصول والكلام والتفسير و...) - معرفة الثقافات الجزئية - قراءة الصلاة قراءة صحيحة وتلاوة القرآن صحيحا |
الرغبة | - الاهتمام بحل مشاكل الناس وقضاياهم - بذل المساعي وامتلاك روح المثابرة في المسجد |