كان سيد إبراهيم الشاب يحظى بعناية إلهية حيث كان العالم الكبير والعارف الرباني سماحة آية الله الحاج شيخ عباس الطهراني، مرشدا في طريقه.
فيما يلي النص الكامل لتقرير شهرية "المسجد" حول آية الله سيد إبراهيم خسرو شاهي.
نظرة عابرة على حياة آية الله سيد إبراهيم خسرو شاهي المليئة بالبركات
ان سادات خسرو شاهي ينتمون إلى أذربيجان وتبريز. ان إحداث الدهر والتقدير جاءت بالحاج سيد هاشم خسرو شاهي إلى كرمان شاه. انه كان في طريقه إلى العتبات العاليات في رحلة ما، إذ اختار كرمان شاه مسكنا له. كان آية الله سيد إبراهيم خسرو شاهي، ثمرة زواج سيد هاشم من سيدة أصيلة من مدينة يزد. انه ولد عام 1303 في كرمان. كان يبلغ سيد إبراهيم الثامنة من عمره إذ تحمل المعاناة كيتيم وأحس بها روحا وقلبا وقضى في ظل أمه الحنونة أياما صعبة وحياة متدهورة، كانت الصعوبات تلك، قد إصابته بأمراض قديمة وكان يعاني منها حتى ريعان شبابه. هاجر سيد هاشم من كرمان شاه متوجها إلى قم عملا بالحديث الشريف الذي يرى ان قم هي مأمن المؤمنين آخر الدهر.
الفضل الكبير لحاج شيخ عباس طهراني عليه
انه فضل من الله ان يكون عبدا من عباد الله الخلص مرشدا لشخص ما ومرافقا له في مسار الحق. كان سيد إبراهيم الشاب يحظى بعناية إلهية حيث كان العالم الكبير والعارف الرباني سماحة آية الله الحاج شيخ عباس الطهراني، مرشدا في طريقه. انه هو من خلق حب الحوزة وان يكون جنديا للإمام الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف في سيد إبراهيم وقام بتعليم سيد إبراهيم ومجموعة صغيرة من أصدقاءه دروس الأدب العربي، يوميا، مع انه كان يتمتع بالمكانة العلمية الكبيرة وانه وبتواضعه العلمي الذي لا مثيل له أصبح أستاذا ومدرسا لهذا الجمع المستعد والعاشق.
عرف الحاج شيخ عباس طهراني آية الله خسرو شاهي على المساوئ الأخلاقية والوضع المتدهور سياسيا وتبعية نظام الطاغوت إلى بريطانيا وأمريكا وغرس بذور كره رضا خان وابنه الخبيث في قلبه. من هذا المنطلق تعرف إلى الشهيد نواب الصفوي ودخل ساحة الصراع مع النظام الشاهي بكل بسالة.
كان كل من الإمام الخميني قدس سره والعلامة طبطبائي الأستاذين الكبيرين، قد رويا عطش المعرفة والعلم في وجود الحاج سيد إبراهيم وأصبح معتمدا لدى الإمام والعلامة طبطبائي، إذ قال العلامة له: لك مكان في قلبي.
الحصول على المكانة العلمية والمعنوية
استمر آية الله خسرو شاهي بتلقي دروسه من المقدمات إلى درس الخارج وما يليه في كرمان شاه وقم والنجف واستفاد من كبار كآية الله الشيخ عباس طهراني وآية الله الشيخ عبد الجواد أصفهاني وآية الله العظمى كلبايكاني وآية الله ميرزا علي آقا صافي كلبايكاني وآية الله سيد عبد الأعلى سزاواري وآية الله العظمى بروجردي وآية الله العلامة طبطبائي وسماحة الإمام الخميني رضوان الله عليهم، كثيرا. وكان يحب الحاج الشيخ عباس الطهراني والعلامة طبطبائي والإمام الخميني قدس سره أكثر من غيرهم.
انه وفي القضايا الأخلاقية وفضلا عن التعلم عند هؤلاء الكبار كان يجالس طويلا وباستمرار كبار الشخصيات كسماحة آية الله العظمى بهاء الدين وسماحة آية الله العظمى بهجت والراحل آية الله الحاج الشيخ علي سعادت برور (بهلواني) والراحل آقا حسين فاطمي والراحل آية الله خوشوقت وكان محل اهتمام هؤلاء الكبار دائما. ان توكله على الله الخارق للعادة والزهد والبساطة التي لا مثيل لها والأنس مع صاحب الزمان عجل الله تعالى والهمة الكبيرة في خدمة الناس وبالتحديد الشباب منهم والسعي الوافر في نشر المعارف الإلهية كان من سمات هذا العالم المغمور والكبير.
كان في العلم والمعارف الإلهية والفقه والأصول والفلسفة والكلام له رأي، لكن كان مجلس التفسير والأخلاق لهذا العالم الإلهي يحمل متعة خاصة. من سمات هذا الفقيه الكبير، دقته في النصوص والكتب والتصريحات العلمية والدقيقة التي كتبها في هوامش مختلف الكتب. ان أسلوب تدريسه في الفقه والأصول والتفسير وفي التعليم وتكوين أخلاق المناظرة العلمية والتساؤل محل تأكيد طلابه وأصدقاءه.
زيادة على كافة تلك الفضائل العلمية والمعنوية، تتبلور سمة الأستاذ أكثر مما سواه وهي: روح التسليم والرضا إمام الإرادة الإلهية. مع انه ومنذ سنوات طويلة كان يصارع مختلف الأمراض منذ الصغر إلى يومنا هذا، وترعرع حاملا الم اليتيم وواجه طول حياته المليئة بالبركات الآلام والمصائب الكثيرة لكن كان كلامه دائما هو: كان يقول أستاذنا الراحل آية الله الحاج شيخ عباس طهراني يقول: لم يعطوا الإنسان في الراحة شيئا، قد يعطوه في المشاكل شيئا.
الهجرة إلى طهران وتربية ثلاثة أجيال من الطلاب وفضلاء طهران
جاء إلى طهران في نهاية الأربعينات وأقام صلاة الجماعة في مسجد المهدي. منذ ذلك الحين أصبح مسجد المهدي مكان يتردد عليه الراغبين بالمعارف الإسلامية وتفسير القرآن الكريم. إلى جانب إمامة جماعة مسجد المهدي كان التدريس في المدارس العلمية في طهران وفي بيته، محل اهتمام هذا العالم الكبير. بذل مساعي كبيرة في تنمية المساجد في طهران وبناءها وبعض المدن والقرى، وأنها محل تقدير. فالعقود الستة التي بذل فيها المساعي العلمية والدعائية والخدمات الاجتماعية وفي كرمان شاه وطهران تاركا أثار خالدة وبركات كبيرة وأنها مستمرة إلى يومنا هذا بعون الله.
مع ان الجهاد العلمي والدعائي لآية الله خسرو شاهي كان مضرب للناس لكن ما يزيد مجلسه وبيته والمسجد الذي يحضره فيه رونقا وجلاء، هو روحه الطيبة وفكره النير ومجلسه التربوي المليء بالحنان إذ قام بتربية جيلين من فضلاء الحوزة العلمية في طهران واستفادت ثلاثة أجيال من الراغبين بالمعارف الدينية من مجلسه المنور.
ان هذه الشخصية الكبيرة ومع انه بعد سنوات من المرض والتعب يسكن في بيته لكن مازالت أحضانه مفتوحة لتربية المفتونين بالتربية الإسلامية ومعارف الوحي وتوجيههم. أما اليوم إذ يعيش آية الله خسرو شاهي في العقد التاسع من عمره، يحمل حضوره في ام القرى العالم الإسلامي بركات كثيرة وآثار معنوية جمة؛ حفظه الله وأبقاه.
جولة ممتعة في السيرة العملية والدعائية والمعنوية للأستاذ
قال لي آية الله بهاء الديني: يجب ان تذهب إلى إحدى قرى مدينة قم. عندما ذهبت هناك رأيت بان القرية تفتقد إلى المسجد. في نهاية الأيام العشرة، قلت للناس تعالوا نبني مسجدا في قريتكم. أهديت 45 تومان الذي أعطوني إياه لبناء المسجد عندما رجعت، ولد ابني الأول آقا أبو الفضل دون الحاجة إلى الطبيب والمشفى إذ اعتبر هذا الأمر من بركات تلك الهدية.
قال الإمام الخميني قدس سره عنه: من اللازم ان يعرف أهالي كرمان شاه بان أمثاله من يعرفون الحوزات العلمية والمراكز العلمية، يتركون هذه المراكز بصعوبة، على أمل إسداء خدمة إلى الإسلام والمسلمين. ان من واجب الأهالي الكرام ان يبذلوا ما لديهم لنوال رضاه وان يزيدوا من مجالسهم في المسجد والأوساط الدينية بكل ما لديهم من قوة.
قُدم اقتراح من شميران بأنه تعال إلى المسجد العلوي وأقيم الصلاة. كان رجل من أهالي الحي يأتي مساءا في شارع ري ويأخذني إلى إقامة الصلاة كنا نذهب معا ونصلي هناك.
لم نكن نسمع صوت الأذان في حينا فكرت بان نبني مسجدا في جزء من الحديقة الحالية التي كانت سابقا مقبرة للمسلمين. بالرغم من المشاكل والصعوبات تمكننا أخيرا من بناء المسجد كي يرفع صوت الأذان.
طلبنا من آية الله خسرو شاهي بان يأتي في المعهد والمركز اللوجستي العسكري في ولنجك وإذا كان بإمكانه يتولى إمامة جماعة هناك فانه قبل بالأمر وجاء. كان قد ذهب إلى جولة تعليمية مع الشباب بالرغم من حالته الصحية وكان الشباب يتحدثون عن مشاكلهم له. انه كان يعقد القران لشخص ما ويحاول ان يأخذ القرض للثاني ويعطي الأموال لسلامة هؤلاء الشباب كي يذبح شاة بعد الرجوع من الجولة العسكرية (نقلا عن الشيخ محمد باقر كريميان)
ذات يوم كان بائع الفواكه في الحي فرحا بأنه حتى لو لم يشتري فواكه أحد ما لكنه لم يخسر فهناك من يستهلك هذه الفواكه بشكل أو بآخر.
تعب في حيه كثيرا وأرهق نفسه حتى بُني مسجد فاطمة الزهراء عليها السلام. مع ان بعض أبناء الحي والمسئولين لم يكونوا يعرفوا أهمية المسجد.
ان تطوير مسجد زقاق أسدي كان من ضمن أعماله. ان هذا المسجد كان قد تعرض إلى مشاكل هيكلية منذ ما يقارب 45 عام. أحيا رجل خير هذا المسجد ومن ثم طوره السيد خسرو شاهي.
نطلب من الله تعالى الصحة الكاملة وبقاء هذا المدرس الكبير للحوزة العلمية في طهران. على أمل ان يكون نوره ووجوده كالشمع لمجلس الراغبين بالمعارف السماوية. ان شاء الله.
تمت الاستفادة في كتابة هذه المقالة من كتاب "خلوت نشين شرح حال آيت الله سيد إبراهيم خسرو شاهي، لـ عباس علي مروي، منشورات الكتب الجيبية التابعة لمنشورات أمير كبير.