Articles

الشهید آیة الله محمد مفتح

 8/3/2014

إمام جماعة مسجد الجواد ومسجد جاوید ومسجد قبا

فی دار الشفاء

 ولد الشهید آیة الله الدکتور محمد مفتح عام 1307هــ.ش فی مدینة همدان فی عائلة دینیة. وترعرع فی أحضان أسرة محبة لأهل العصمة والطهارة علیهم السلام. کان والده الشیخ محمود مفتح المعروف بمیرزا محمود، من أساتذة الحوزة العلمیة فی همدان. انه تربى فی الصغر فی أحضان والده وتعلم الأحکام الإسلامیة النیرة عند أبیه. فی هذه الفترة رغب فی تعلیم العلوم الإسلامیة المضیئة وحضر مجلس تعلیم أبیه وتعلم الأدب على یده وتعلم المقدمات فی مجلسه المنور وترعرع عند والده. دخل المدرسة فی السابعة من عمره وبعد الانتهاء من هذه الفترة وبسبب حبه الکبیر لتعلیم العلوم الإسلامیة، التحق بالمدرسة العلمیة للراحل ملا علی همدانی وفی هذه الفترة شعر بانه حصل على بحر عذب لیروی عطشه للدراسة. على هذا اجتاز فی مرحلة قصیرة مقدمات الدروس الدینیة وهاجر إلى قم بعد استشاره العلماء وکبار همدان وبتوصیة وإرشاد أبیه وهو فی الـ 16 من عمره أی بعام 1326 وأقام فی حجرة فی مدرسة دار الشفاء، التی کانت محلا لتدریس کبار العلماء والباحثین وعکف على تحصیل العلوم الدینیة.

من الحوزة إلى الجامعة

انه لم یکن یتوقف عن البحث وکان یحضر درس الکثیر من المدرسین من الحوزة لاختیار أفضل أستاذ، حتى وجد ضالته فی دروس آیة الله العظمى الحاج السید حسین بروجردی والإمام الخمینی والعلامة طبطبائی وآیة الله محقق داماد وآیة الله سید محمد رضا کلبایکانی.

انه فی هذه الفترة تقدم على باقی الطلبة من زملائه لأنه کان طالبا فاضلا ومثابرا وکان یعرف الأدب والفقه والأصول الفلسفة جیدا وبلغ المراتب العلیا الدراسیة بسرعة وبلغ مرتبة الاجتهاد فی فترة قصیرة. وبما انه کان مطلعا بالفلسفة فان مجلس درسه کان من أعظم دروس الحوزة العلمیة فی قم إذ یحضرها عدد غفیر من الطلاب.

کما درس عام 1333 فی فرع المعقول فی کلیة الإلهیات والمعارف الإسلامیة فی جامعة طهران وبذل مساعی کبیرة فی وقت قصیر وحصل على درجة ممتازة من الحکام عند مناقشة أطروحته إذ کان الحکم کل من حسین علی راشد تربتی والراحل سید کمال الدین نور بخش والشهید مرتضى مطهری. وتخرج من الجامعة حاملا شهادة هذا الفرع ثم استمر فی الدراسات التقلیدیة فی الجامعة فی فرع المعقول وذلک فی کلیة الإلهیات عام 1341 واستطاع ان یحصل على شهادة الدکتوراه وکان موضوع أطروحته الحکمة الإلهیة ونهج البلاغة وتمت المصادقة علیها بدرجة ممتازة من قبل مجلس الجامعة وکان المشرف الأستاذ الراحل سید محمد مشکوت.

انه کان أستاذ مشرف عام 1350 فی ترجمة کشف المراد والاعتقاد والشواهد الربوبیة وأطروحات أخرى.

الحیاة الاجتماعیة والسیاسیة

ان أفکار الشهید مفتح وکیانه کان ممزوجا بهدف إصلاح الأمة الإسلامیة. عندما کان یدرس فی الحوزة والجامعة، کان یربی الطلاب والطلبة تربیة صحیحة وفی دروسه کان یضع البحث فی القضایا الأخلاقیة والاجتماعیة وفقا للتنویر السوسیولوجی المحیط به وکان یقوم بتهذیب النفس والجهاد مع الشیطان الداخلی فضلا عن تعلم النصوص الدراسیة ویشجع على معرفة الذات الشاملة ومعرفة النواقص وحلها.

کما استطاع إلى جانب العلامة مطهری وآیة الله بهشتی وبإدارة صحیحة للنضال الشعبی وأداء الدور الناشط فی التنظیم والتخطیط، ان یلعب دورا فی توجیه النضال الإسلامی.

انه یقول عن أهمیة توجیه الأمة الإسلامیة: نحن نحمل مسئولیة کبیرة أینما کنا وفی منصب عملنا وبما اننا مسلمون یجب ان نسعى فی حفظ الإسلام وبالتحدید علماء الدین یحملون مسئولیة جسیمة.

ان الإمام الخمینی قدس سره أوکله عام 1340 و1342 للذهاب إلى خوزستان لتوعیة الناس وحضر فی مدینة آبادان وخرم شهر والأهواز وألقى خطابات حماسیة وبلیغة وغیر من الوضع العام السائد على تلک المدن فی فترة قصیرة حتى شعر السافاک بان وجوده یمثل خطرا فی محافظة خوزستان ونشر صوره ووزعها على المطارات ومحطات القطار وشرکات نقل المسافر ومنع دخوله المحافظة.

بعد المصادقة على لائحة جمعیات الولایات والایالات کان من ضمن علماء الدین قاموا بفضح النظام من على المنابر.

العمل التنظیمی؛ من مرکز التلامیذ إلى مجمع معرفة الإسلام

بعد الانتهاء من الفترة الأولى الجامعیة عام 1341 وبالتزامن مع التدریس فی الحوزة العلمیة، بدا التدریس فی الثانویات فی مدینة قم. وقام بتکوین الجمعیة الإسلامیة للتلامیذ فی مدینة قم بمساعدة آیة الله بهشتی. یقول آیة الله بهشتی: بالتعاون معه تم إنشاء المرکز الإسلامی للطلاب فی قم وهو أول مجمع إسلامی کان یجمع الطلبة والطلاب والمعلم والطالب ومختلف الجماعات وکان تجلیا من التنسیق بین کافة طبقات المجتمع بمحوریة الإسلام العزیز والرؤیة الحیة والبناءة للإسلام.

کما قام فی الأربعینات وبغیة التعریف بالإسلام المحمدی الأصیل وعبر نشر الکتب والرسائل الإسلامیة فی مختلف الموضوعات ان یؤسس تنظیما یحمل عنوان الجلسات العلمیة لمعرفة الإسلام وبهذا بدا عمله بغیة التعریف بالإسلام الأصیل والثقافة الإسلامیة. لو لم یغلق السافاک أبواب المرکز، فمن المؤکد کان یعتبر فی یومنا هذا من أهم المراکز العلمیة فی العالم الإسلامی. ان إقامة مختلف الجلسات فی المجمع أدت إلى نشر الکتب وإعداد الکثیر من المؤلفین من خلال هذه الجلسات، یمکنهم من تقدیم الإجابة على متطلبات الجیل الشاب. فمن الکتب التی نشرها المجمع فی الفرصة القصیرة ونشرت فی المجتمع الإسلامی، یمکن الإشارة إلى الإسلام رائد النهضات (إسلام بیشرو نهضت ها).

مسجد الجامعة

طرد من التربیة والتعلیم فی مدینة قم عام 1347 بسبب نشاطه الدءوب والمستمر والدور الکبیر الذی لعبه فی صحوة المسلمین وشعبیته الکبیرة فی صفوف الشباب والمدرسین ونفی إلى المناطق الجنوبیة لإیران الحارة. بعدما قضى فترة النفی منع من التواجد فی مدینة قم واضطر إلى الإقامة فی طهران عام 1349.

وجهت کلیة الإلهیات الدعوة له للتواجد فی هذه الکلیة وبالتزامن أقام صلاة الجماعة فی مسجد الجامعة بدعوة من الجمعیة الإسلامیة فی جامعة طهران. على هذا وبواسطة التواجد الکبیر فی المساجد، جعل المسجد موقعا للنضال کما کان فی زمن ظهور الإسلام قاعدة للنضال وتطور الإسلام ونموه. أما عن اختیاره المسجد کقاعدة للنضال، فقال: ان هذه الثورة بدأت من مراکز علماء الدین ورسخت فی قواعد المسجد وخلدت بواسطة الأمة المسلمة.

مسجد الجواد علیه السلام؛ قاعدة معرفة الإسلام

حضر آیة الله مفتح وباقتراح من بعض الکبار فی مسجد الجواد علیه السلام فی طهران وذلک بعد الحضور فی مسجد الجامعة، وجعل هذا المسجد مرکزا لنشاطاته العلمیة والنضالیة. انه بالتعاون مع الأستاذ مطهری وآیة الله بهشتی وحجة الإسلام والمسلمین باهنر وأصدقاء آخرین أقام صفوف مختلفة فی المسجد وطرح القضایا الإسلامی فی إطار حدیث وطابع جدید، رحب بها الشباب.

ان صفوف معرفة الإسلام وبالتحدید صف تفسیر القرآن الذی کان یدرسه بعلم ووعی، کانت من القضایا الملفتة للنظر التی کان الشباب والطبقات الأخرى فی المجتمع یستفیدون منها، ان تلک الصفوف والأجواء الحماسیة والمبنى الحدیث وصالة مکتبة المسجد فی ظل أجواء تلک الفترة التی کان الطاغوت مهیمنا على الساحة، أدت إلى تحویلها إلى مجلس للنقاش العلمی وقاعدة للنضال مع النظام الظالم. ان النظام وبعد مشاهدته تلک النشاطات، أغلق أبواب المسجد کی یمنع نشاط هذا العالم المناضل.

مسجد جاوید؛ قاعدة علمیة للنضال

بعد إغلاق مسجد الجواد علیه السلام عام 1352، بدأ نشاطه فی مسجد جاوید وفضلا عن إمامة المسجد کان ینظم برامج أخرى منها یمکن الإشارة إلى تکوین صفوف العقائد ودعوة الخطباء وکبار الوعاظ وتأسیس المکتبة وصفوف معرفة الإسلام والسیسیولوجیا وتاریخ الأدیان والاقتصاد والفلسفة وتفسیر القرآن ونهج البلاغة التی کانت تقام على مستوى کبیر وتحظى بترحیب مختلف الطبقات، فانه حول المسجد إلى قاعدة علمیة ونضالیة فی مواجهة نظام الشاه المنحوس. ان نشاطاته الکبیرة وترحیب الناس الکبیر به وتربیة الجیل الشاب فی هذا المسجد أدى بالسافاک إلى الهجوم على المسجد فی الثالث من آذر 53 وبعد محاضرة آیة الله الخامنئی واعتقل آیة الله الخامنئی وآیة الله مفتح وألقی بهما فی السجن وتم إغلاق المسجد.

مسجد قبا؛ میعاد الباحثین عن الحقیقة

بنی مسجد بالقرب من حسینیة الإرشاد إذ کان یتمتع بمکانة جیدة وأقام آیة الله مفتح بعدما أطلق سراحه عام 1354صلاة الجمعة فیه وسموا المسجد فی اجتماع بحضور آیة الله طالقانی والأستاذ مطهری، مسجد قبا.

کانت تتم برامج فی مختلف المجالات فی المسجد، أهمها إنشاء صندوق قرض الحسنة وصالة لمحاضرة وصفوف التاریخ والتفسیر والمعارف. أصبح مسجد قبا کمسجد بنی فی صدر الإسلام، محرابا للباحثین عن الحق والحقیقة ومرکز لنشر الإسلام المحمدی الأصیل ونهضة الإمام الخمینی قدس سره الإسلامیة. استطاع توجیه الدعوة لشخصیات سیاسیة ثوریة بارزة ومن جهة ثانیة بناء العلاقة مع الباحثین فی العالم الإسلامی، ان یعطی مکانة خاصة للمسجد. زار آیة الله مفتح جامعة الأزهر فی رحلته إلى مصر ودعا شخصیتین متخصصین وأستاذین بارزین فی الاقتصاد الإسلامی فی جامعة الأزهر للحضور فی طهران وإلقاء محاضرة فی ذکرى سنویة تأسیس صندوق قرض الحسنة فی مسجد قبا، لکن بعد العودة من مصر، منعت السافاک تنفیذ البرنامج.

انه عمل على إقامة الجلسات فی المسجد وأقیمت لأول مرة فی تاریخ إیران المعاصر بحضور ما یزید على 30 ألف شخص. أبدى الناس للاستماع إلى المحاضرات إعجابا، إذ امتلأت الشوارع المحیطة بالمسجد. ان الشهید مفتح ونظرا إلى ترحیب الناس، عمل على زیادة البرامج وتوعیة الناس بالحرکة الإسلامیة ومبادئ الحرکة والثورة الإسلامیة.

قضیة فلسطین

بالتزامن مع بلوغ نشاطات المسجد ذروتها، وفی خضم الحروب الأهلیة فی لبنان، عندما قام الکیان الصهیونی بالتعاون مع أنظمة المنطقة العمیلة بقمع الشیعة فی لبنان وقمع الفلسطینیین المسلمین فی لبنان، سافر الأستاذ مفتح لجمع المساعدات لمنکوبی الحرب فی لبنان، إلى لبنان وبعد دراسة وضع الشیعة هناک، وصل إلى نتیجة بان أهم سبب لتخلف الشیعة فی لبنان، هو التخلف الثقافی. نظرا إلى ان ما قام کافة مراجع تقلید الشیعة بأعمال مثل بناء المستشفى، فقام الأستاذ مفتح بالقیام بالقضایا الثقافیة لشیعة لبنان وعمل على القیام ببرامج قصیرة المدى وطویلة المدى.

اشتملت أول برامج قصیرة المدى على توفیر الأموال لدراسة أطفال شهداء لبنان إذ نجح فی توفیر المال لملابس وطعام الکثیر ممن تبقى من الشیعة المنکوبین فی الحرب وأرسلهم إلى المدارس.

من جهة أخرى وفی إطار برامج طویلة الأمد، وبالتعاون مع الإمام موسى الصدر؛ قائد الشیعة فی لبنان ورئیس مجلس الأعلى للشیعة (إذ کان زمیل الشهید مفتح فی الحوزة العلمیة فی قم) لتأسیس مجمع تعلیمی للشیعة، خصص المساعدات بإعداد وشراء ارض مناسبة لإنشاء هذه المراکز. ان قضایا العالم الإسلامی وبالتحدید قضیة القدس کانت تکتسب أهمیة له إذ قام بتدوین قرار المظاهرات العامة لأول مظاهرات یوم القدس التی أقیمت عام 1358.

المسجد؛ مصدر الثورة الإسلامیة

بالرغم من المسئولیات الجسیمة، الملقاة على عاتقه إذ کان عضوا فی مجلس الثورة ویتولى رئاسة اللجنة ورئاسة الکلیة والنشاطات الجسیمة والکبیرة الأخرى، فانه کان یقیم الصلاة فی مسجد قبا وحافظ على حصن المسجد. انه کان یقول دائما: ان منشأ المسجد کما الإسلام نفسه هو المسجد، یجب الحفاظ علیه واستقطاب الشباب الأعزاء لهذا الحصن. ان مفتح وفی الـ 28 من خرداد عام 1353 وفی حکم له اختیر کعضو فی لجنة الإشراف على التعیینات فی کلیة الإلهیات، کما خصص لإرشاد الطلاب فی الجامعة یومین فی الأسبوع فی مسجد الجامعة.

کما اختیر فی اسفند عام 1357 فی اجتماع مجلس التنسیق بمشارکة الأساتذة والطلاب والموظفین، کوکیل مؤقت وتولى المسئولیة حتى استشهاده. انه کان عضوا فی مجلس تنمیة التعلیم العالی فی البلاد وعضوا فی هیئة التدریس فی جامعة طهران.

النظرة العلمیة والثقافیة، حتى فی اللجنة

 ان الشهید مفتح بعد انتصار الثورة الإسلامیة، قدم إطار لجان الثورة الإسلامیة، بالتعاون مع آیة الله محمد رضا مهدوی کنی وآیة الله مطهری وآیة الله بهشتی وانه تولى بنفسه مسئولیة لجنة المنطقة 4 فضلا عن التعاون مع آیة الله مهدوی کنی. فی هذه اللجنة انه کان یقوم بالأعمال التعلیمیة والدعائیة فضلا عن القیام بالأعمال العسکریة والأمنیة. وحول قصر الشباب سابقا إلى مرکز للنشاطات الثقافیة إلى جانب لجان الثورة الإسلامیة، إذ کان سابقا مرکز لتحریف الشباب. کان تکوین صفوف عقائدیة والسیاسیة وتدریس نهج البلاغة وتقدیم مساعدات مبدئیة، ضمن برامج هذا المرکز الثقافی. کما کان له دور فی إنشاء جمعیة علماء الدین المناضلین واستمرار نشاطاته.

ان الشهید ونظرا إلى الاهتمام الخاص بالقضایا الثقافیة التی کانت الصحف تؤدی دورا کبیرا فی توعیة الناس، تقبل مسئولیة صحیفة اطلاعات ومهد الأرضیة لإحداث تغییر جوهری فی مؤسسة اطلاعات، بواسطة التخطیط الدقیق.

الآثار والمؤلفات

انه فی حیاته الملیئة بالبرکات وفضلا عن دروس الفقه والأصول والدراسات، قد قام بدراسات وبحوث عمیقة فی العلوم الأخرى کالتفسیر والفلسفة والکلام والملل والنحل وترک آثار ثمینة، تعبر کل منها عن عمق الفکر والإمعان فی تحلیل مبادئ العلوم الإسلامیة، منها یمکن الإشارة إلى:

حاشیة على أسفار ملا صدرا، انه قام بالإمعان فی هذا الأثر الفلسفی الکبیر طوال التدریس وکتب حاشیة عمیقة وعلمیة على الکتاب باللغة العربیة. ان هذا الأثر بقی مع الأسف لحد الآن مکتوبا یدویا ولم یطبع. ترجمة تفسیر مجمع البیان وهو أکثر تفاسیر الشیعة أهمیة إذ قام بنشره بمساعدة آیة الله الشیخ حسن نوری همدانی وعدد من علماء قم. أسلوب الفکر فی علم المنطق (روش اندیشه فی علم منطق) إذ یعتبر هذا الکتاب کنص دراسی فی الحوزة والجامعة وکُتب عام 1336. کتاب الحکمة الإلهیة فی نهج البلاغة وهو أطروحة دکتوراه الشهید. آیات المبادئ العقائدیة فی القرآن ویشتمل على جزء من محاضرات الأستاذ. وحدة طبقتی عالم الدین والجامعی (وحدت دو قشر روحانی ودانشکاهی) ویبرز هواجسه حول وحدة الحوزة والجامعة.

الشهادة

فی الـ 27 من آذر عام 1358، ترک آیة الله مفتح عند الثامنة صباحا ودخل عند التاسعة کلیة الإلهیات. فی هذه الأثناء جاءت دراجة ناریة تقل 3 رکاب من الشارع الفرعی باتجاه الکلیة. ترجل عن الدراجة إرهابیان وسارا فی اتجاهین مختلفین ودخل کل منهما فی شارع وبعد الدخول إلى الساحة اتجهوا إلى شرفة المبنى الأمامی لکلیة الإلهیات. عبر الإرهابی الثانی على بعد مسافة 15 مترا ووقف أمام الکلیة فی الرصیف. أما الإرهابی الثالث الذی کان یقود الدراجة الناریة وبعد ما نزلا الراکبان، اتجه إلى الزقاق الواقع أمام الکلیة وتوقف بدایة الزقاق ونزل من الدراجة الناریة واتجه إلى الشارع الرئیس وهو قلق. وصلت السیارة التی تقل آیة الله مفتح عند الساعة التاسعة إلى الکلیة.  اتجه الإرهابی الثالث الذی کان یراقب الأمور إلى داخل الزقاق ورفع قبعته بأیدیه للدلالة على إصدار أمر الإرهاب ثم وضعها على مرآة الدراجة الناریة ورجع. عندما وقفت سیارة الأستاذ فی الشارع المقابل للکلیة وفی هذه الأثناء، ان السائق کان ینظر إلى الأستاذ من مرآة الداخلیة للسیارة وقال له بخوف وقلق: أستاذ أستاذ، لکن اخذ الأستاذ مذکراته وکتبه وقال بهدوء: حیاتنا بید الله تعالى لا تقلق.

نزل الدکتور ودخل الکلیة. فی هذه الأثناء اتجه الإرهابی الثالث الذی کان واقفا أما کلیة الإلهیات نحو السیارة ورمی السائق (الضابط الشهید أصغر نعمتی) بعدة رصاصات عندما کان ینزل واستشهد فورا. رجع آیة الله مفتح بعد سماع صوت الرصاصات إلى الوراء فاستهدف الإرهابی الثانی الأستاذ وهو فی ساحة الکلیة. ان حارس الدکتور الشخصی قام بالمواجهة واتجه الأستاذ فی خضم نیران الحارس (الشهید شهید جواد بهمنی) والفرصة السانحة، نحو مبنى الکلیة بسرعة لکن لم یمهله الجانی واستهدف یده وکتفه ورجله بعدة رصاصات.

ان الإرهابی الذی قام باستشهاد السائق، استهدف الأستاذ بمساعدة رفقائه، عند الباب وخلف الحارس الأستاذ وثم اتجه فورا إلى الدراجة الناریة وبعد تشغلیها استعد للفرار. عندما دخل الدکتور إلى شرفة مبنى الکلیة، اتجه إرهابی نحوه ووجده فی زاویة، لا یمکن للأستاذ الفرار وبینما کانت الدماء تنزف من جسد الأستاذ ولطخت عباءته بالدماء، استهدف رأس الأستاذ بعدة رصاصات. وبعدما أنهى المجرمون عملهم ترکوا المکان، أما الدکتور فانتقل إلى مستشفى أمیر اعلم. ان الفریق الطبی قام ببذل المساعی لإنقاذه لکن بالرغم من جهود الأطباء إلا ان تضمید الجراحات لم یجدی نفعا وبالتزامن من أذان الظهر انتقل إلى رحمة الله تعالى فی الساعة الثانیة عشرة یوم 27 آذر 1358.

رسالة سماحة الإمام الخمینی قدس سره الشریف بمناسبة استشهاد مفتح

بسم الله الرحمن الرحیم

إنا لله وإنا إلیه راجعون

حینما یکون منطق القرآن؛ (إنا لله وإنا إلیه راجعون) ومسیرة الإسلام تقرّ بأن الشهادة هی الهدف فی هذا المسیر، وأولیاء الله علیهم السلام ورثوا الشهادة، وشبابنا الملتزمون طلبوا وما زالوا یطلبون أن یدعى لهم بالشهادة، عمد الحاقدون العاجزون عن کل شی‏ء إلى القیام بعملیات اغتیال بشعة. بماذا یخیفوننا؟

إن أمریکا تخادع نفسها فی أن تستطیع بثّ الرعب فی قلوب أبناء الشعب-الذین هم جنود القرآن-منع مواصلة السیر فی طریق الحق، وتوجد نوعاً من التراجع عن الجهاد المقدس فی طریق الله. غیر مدرکة بأن الخوف من الموت یتسم به من جعل الدنیا لنفسه دار قرار، وقد غفل عن الدار الأبدیة والقرب من الرحمة الإلهیة. لشد ما عمیت قلوب هؤلاء إذ لا یبصرون المشاهد الملحمیة لشعبنا العزیز والشجاع فی کل حالة استشهاد وما بعدها وهی تتجلّى لأعینهم. (صمٌّ بکمٌ عمیٌ فهم لا یعقلون).

 إنهم یعرفون أنه مضت ألف وثلاثمائة عام على ملحمة کربلاء، لکن دماء شهدائنا تغلی وشعبنا یسطّر الملاحم. سماحة حجة الإسلام المفکر المحترم الشیخ مفتّح واثنان من حرس الإسلام الأعزاء رحمة الله علیهم نالوا الشهادة، والتحقوا بالرفیق الأعلى، وخلقوا ملحمة فی قلب شعبنا وشبّاننا الواعین، وزادوا من حرارة جذوة نهضتنا الإسلامیة، وأعطوا ثورة الشعب زخماً مضاعفاً. أسأل الله أن یقبلهم فی جوار رحمته الواسعة، ویرفدهم بنور عظمته. کنا نأمل أن تتم الاستفادة من معرفة الأستاذ المحترم ومن لسانه وعلمه فی طریق الإسلام ودفع عجلة الثورة؛ ونأمل أن نستفید من شهادة أمثال هؤلاء. أبارک لرجال الإسلام الأبطال هؤلاء استشهادهم، وأقدم فی الوقت نفسه تعازیَّ لذویهم وشعب الإسلام. والسلام على شهداء طریق الحق.

روح الله الموسوی الخمینی

27/9/58

(صحیفة الإمام، ج 11، ص 320-321).

من أحادیث سماحة قائد الثورة الإسلامیة حول آیة الله مفتح

الشهید مفتح کان من التجلیات الثقافیة الذی لم یکن یؤطر الإسلام فی مرحلة العمل بالأشخاص والزوایا والخلوة. انه استوعب الإسلام بشموله وعمومیته فی الاعتقاد ولعمل فی المعرفة والتحقیق وکان یبحث عنه. ان الشهید مفتح کان کثیر النشاط فی حیاته وقلیل الظهور والتظاهر.

If you want to submit a comment, you should login to the system first. To login please click the login button.