Articles

أربعون منزلاً وحکایة السبایا قائمة حتى یومنا هذا

 3/16/2015

أربعون یوماً وأربعون منزلاً عانى ما عانى ما تبقى من أهل بیت الوحی والنبوة والامامة علیهم السلام ومن معهم، من الویلات والمصائب الشداد وإذلال من الارهاب التکفیری الأموی القائم على الأمة حتى یومنا هذا، ذلک الارهاب الذی لا یطیق وبکل ما للکلمة من معنى سماع قول أشهد أن محمداً رسول الله وهو یعلو المآذن خمس مرات فی الیوم .

فها هو الطاغیة "معاویة بن أبی سفیان" وأمه "هند" صاحبة "الرایات الحمر" یصرخ وبأعلى صوته بوجه صدیقه وندیمه "المغیرة بن شعبة" عندما طلب منه ذات یوم أن یصل أرحام بنی هاشم عندما کان حاکماً على الشام، قائلا: "هیهات هیهات أی ذکر أرجو بقاءه ملک أخو تیم فعدل و فعل ما فعل فما عدا أن هلک حتى هلک ذکره إلا أن یقول قائل أبو بکر ثم ملک أخو عدی فاجتهد و شمر عشر سنین فما عدا أن هلک حتى هلک ذکره إلا أن یقول قائل عمر و إن ابن أبی کبشة لیصاح به کل یوم خمس مرات أشهد أن محمدا رسول الله فأی عملی یبقى و أی ذکر یدوم بعد هذا لا أبا لک لا و الله إلا دفنا دفنا" (شرح نهج البلاغة لأبن أی الحدید ج شرح نهج البلاغة ج5 -ص129قال: روى الزبیر بن بکار فی الموفقیات عن المطرف بن مغیرة بن شعبة).

تعیش الأمة الاسلامیة وطیلة القرون الماضیة الویلات والمصائب ذاتها لتعود بین الحین والآخر هنا وهناک وتتکرر فیها الصور المأساویة التی مر بها أهل بیت العصمة والطهارة (ع) ویتعرضون هم وشیعتهم ومحبیهم وأنصارهم وموالیهم لنکبات مشابهة لما تعرض لها حفید رسول الله (ص) وسید شباب أهل الجنة الامام الحسین بن علیهما السلام لتضحى کل أرض کربلاء من العراق وحتى الشام ومن البحرین حتى الیمن مروراً بالسعودیة وباکستان وغیرها من بلاد المسلمین .

أینما یوجد هناک أتباع ومحبین لآل بین الوحی والرسالة السماویة الخاتمیة یکون هناک معاویة ویزید وأبن زیاد وآل مروان لیقتلون ویفجرون ویفسقون ویکفرون ویستبیحون النفس المحرمة ویسفکون الدماء الطاهرة والبریئة ویحرقون الیابس والأخضر ویعیثون فی البلاد والعباد الفساد؛ یسیرون على النهج الأموی الاحترافی فی التزویر والتزییف وحرف الأمة من مسارها المحمدی الأصیل یختلقون لهم فتاوى بثمن بخس من أموال البترول الخلیجی ترعاه السعودیة وقطر والامارات .

أربعون یوماً وأربعون منزلاً هی مسیرة سبایا کربلاء عاشوراء الامام الحسین علیه السلام وأهل بیته المنتجبین وخیرة أصحابه المیامین مستمرة ومتواصلة منذ محرم الحرام عام 61 للهجرة وحتى یومنا هذا، حیث ما زال أنین وعویل وآهات الأطفال والنساء تدوی  فی آذان المعمورة من وحشیة وقساوة الحکام الطغاة وفراعنة العصر وفسقة الأمة الذین أعادوا الأمة الى جاهلیتها وقبلیتها ووثنیتها لکن بأسم الاسلام الأموی المنحرف لیعیش المسلمون ما عاشه وعاناه رسول الله (ص) ووصیه (ع) وأبناؤه وأهل بیته من ظلم وعنف وطغیان وجبروت وشقاء یدفعون دمائهم الطاهرة والزکیة ثمن ایمانهم ودفاعهم عن الرسالة المحمدیة الأصیلة وحقیقة السماء التی أرید لها إنقاذ البشریة من الضلالة والجهالة والاستحمار والاستعباد والاستغلال نحو وحدانیة الخالق الجبار فی أمة أراد لها أن تکون "خَیْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنکَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ" – آل عمران – الایة 110 .

لکن هذه الأمة بقیاداتها وعلمائها المنحرفین والمزیفین وبدلاً من الأمتثال لما أمره به الله سبحانه وتعالى بأن یکونوا خیر أمة أضحوا أکثرهم الفاسقون کما جاء الشق الثانی من الآیة الشریفة "وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْکِتَابِ لَکَانَ خَیْراً لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَکْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ"(آل عمران 110)، فأخذوا ینعقون مع کل ناعق ذو درهم ودینار وسطوة وسلطة وقوة کما وصفهم أمیر المؤمنین الامام علی بن أبی طالب علیه السلام لصاحبه کمیل بن زیاد (س): " همج رعاع ینعقون مع کل ناعق ویمیلون مع کل ریح"، مضیفاً (ع): "(کالبهیمة المربوطة همها علفها، أو المرسلة شغلها تقممها).. یأمرون بالمنکر وینهون عن المعروف ویکفرون المؤمنین ویرفعون الفاسقین ویضربون بالاسلام والقرآن عرض الحائط إبتغاء مرضاة ولاة أمرهم ولیس إبتغاء مرضاة الله سبحانه وتعالى .

التاریخ لا یزال یستذکر صرخة الامام الحسین بن علی (ع) فی یوم عاشوراء عام 61 وهو یخاطب جیش أبن زیاد المروانی الذی قدم بعشرات الآلاف لقتل أهل بیته وأصحابه لرفضهم مبایعة الفاجر الفاسق شارب الخمر مداعب القرود یزید بن معاویة، قائلا: "الناس عبید الدنیا، والدین لعق على ألسنتهم یحوطونه ما درّت معائشهم، فإذا محّصوا بالبلاء، قلّ الدیّانون"؛ فسار الخلف على السلف فی تکفیر أخوته المسلمین المؤمنین وبقر بطونهم وإزهاق أرواحهم والدخول على أعراضهم یتبجحون بفعلتهم الشنیعة وسیرهم على خطى أجدادهم وأئمتهم وهم یرفعون یالثارات بدر والاحزاب والخندق وخیبر ویصدحون بها دون خجل أو أستحیاء مطالبین بدم آل الأطهار (ع) وشیعتهم ومحبیهم وهم یتنغمون ویستشفون نفوسهم المریضة بقتلهم وتفجیرهم وتمزیق أجسادهم وتقطیع أوصالهم وأکل الأکباد على خطى جدتهم "هند" وفعلة سیدهم "یزید" .

فها هو سیدهم الکبیر الفاجر الفاسق یزید بن معاویة ورمز اسلامهم وقساوة قلوبهم یتنغم على ثنایا أبی عبد الله الحسین (ع) قرة عین الرسول (ص) ونفسه الطاهرة "حسین منی وأنا من حسین أحب الله من أحب حسنا"، أمام أعین ما تبقى من عیال آل المصطفى (ص) فی مجلسه یتبجح بأخذه الثأر لقتلى المشرکین فی معرکة بدر ویقول:

قد قتلنا القرم من ساداتهم وعدلناه ببدر فاعتدل

لعبت هاشم بالملک ، فلا خبر جاء ولا وحی نزل

(الاحتجاج، ج2، ص307)

ثم یقول:

لمّا بدت تلک الحمول، وأشرقت تلک الرؤوس على ربـا جـیرون

نعب الغراب فقلت: قل أو لا تقل فقد قضیت من الرسول دیونی

(جواهر المطالب فی مناقب الإمام علی علیه السلام، ابن الدمشقی، 2/ 301)

 

أربعون یوماً وأربعین منزلاً وقرون طویلة والصوت والصدح الأموی یعلو قصور ملوک وأمراء السلطات الموروثیة العربیة الذین یتشدقون بدعم للارهاب التکفیری بکل ما یملکون من مال وسلاح ومعدات وخطط وأفراد، وینتهج الأحفاد سلوک الأسلاف فی القتل والتفجیر والنهب والسلب وانتهاک المحرمات وتدنیس المقدسات فعقدوا العزم على اسباحة الأعراض کما فعلها جدهم وسیدهم فی مدینة الرسول (ص) لثلاثة أیام عام 63 للهجرة "ثم أباح مسلم بن عقبة ، الذی یقول فیه السلف مسرف بن عقبة قبحه الله من شیخ سوء ما أجهله المدینة ثلاث أیام کما أمره یزید ، لا جزاه الله خیراً، وقتل خلقاً من أشرافها وقرائها وإنتهب أموالاً کثیرة منها، ووقع شر عظیم وفساد عریض على ما ذکره غیر واحد (بن کثیر فی البدایة والنهایة- ثم دخلت سنة ثلاث وستین - الجزء: 11- رقم الحدیث: 619 )؛ وقال المدائنی: سألت الزهری کم کان القتلى یوم الحرة قال: سبعمائة من وجوه الناس من المهاجرین والأنصار، ووجوه الموالی وممن لا أعرف من حر وعبد وغیرهم عشرة الآف ( نفس المصدر - رقم الحدیث: 623 ).

وعزموا على تدمیر بلاد المسلمین وإحراقها کما فعل فعلته ببیت الله الحرام عندما هدم الکعبة بالمنجنیق والنار عام 64 للهجرة "أرسل یزید جیشه الجرار لقمع ثورة عبد الله بن الزبیر فی مکة، فهجم علیه وکان محتمیا بالکعبة ، فضرب الکعبة المقدسة بأحجار ضخام ونار من المنجنیق حتى حطمها واحرقها ولم یبق منها سوى القاعدة، وقتل خلقاً کثیراً من أهلها، هتک بهذا الفعل حرمة وقداسة الکعبة والدین" وذلک  فی السنة الثالثة من حکمه؛ ووصفه الذهبی فی "سیر أعلام النبلاء"- الجزء3- صفحة: 324.. یزید "رجل ینکح أمهات الأولاد ، والبنات ، والأخوات ، ویشرب الخمر، ویدع الصلاة.. کان ناصبیاً، فظاً، غلیظاً، جلفاً، یتناول المسکر، ویفعل المنکر إفتتح دولته بمقتل الشهید الحسین، وإختتمها بواقعة الحرة، فمقته الناس، ولم یبارک فی عمره"؛ ففعلوا شنعته وجریمته وأحرقوا ما فی البلاد على رؤوس العباد دون ذنب سوى أنهم لا یدینون بدین بنی أمیة التکفیر الوهابی السلفی المبتدع لا صلة له بالاسلام لا من قریب ولا من بعید خدمة للأسیاد .

ولیجتهدن أئمة الکفر وأشیاع الضلالة فی محو وطمس دین خاتم الرسل (ص) ومدرسة أهل بیته علیهم السلام بکل ما أوتوا من قوة وإجرام ودناءة وبشاعة وفضاضة وفضاعة فلا یزداد أثرههم إلا ظهورا وأمرههم إلا علوا العالمة، کما خاطبة بذلک سیدتنا ومولاتنا زینب الکبرى بنت أمیر المؤمنین الامام علی علیه السلام الطاغیة "یزید" وهی واقفة أمامه وفی مجلسه بالشام قائلة: "فکد کیدک، واسع سعیک، وناصب جهدک، فوالله لا تمحو ذکرنا، ولا تمیت وحینا، ولا یرحض عنک عارها، وهل رأیک إلا فند وأیامک إلا عدد، وجمعک إلا بدد، یوم ینادی المنادی ألا لعنة الله على الظالمین" .

 

 

If you want to submit a comment, you should login to the system first. To login please click the login button.