Articles

الآثار الأخلاقیة للانتظار (١)

 5/1/2015
روی عن رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم أنه قال: (سیأتی قوم من بعدکم، الرجل الواحد منهم له اجر خمسین منکم)، قالوا یا رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم نحن کنا معک ببدر واحد وحنین ونزل فینا القرآن، فقال صلى الله علیه وآله وسلم: (إنکم لو حملتم ما حملوا لم تصبروا صبرهم).
ان مصطلح الانتظار فی الفکر الإسلامی وبالأخص الإمامی منه هو الترقب لظهور دولة الحق على ید الإمام المهدی علیه السلام، وهذا الترقب یحمل فی طیاته جوانب عدیدة یتحملها المنتظِر، وتشکل هذه الجوانب ثقافة متکاملة وأسساً حضاریة یمکن ان یقام علیها بناء الدولة المستقبلیة للإمام المهدی علیه السلام لأنه من المعلوم ان غیبة الإمام الحجة علیه السلام یرجع أمرها إلى عدم توفر الظروف المواتیة لإقامة الدولة العالمیة، وبالتالی فالمنتظرون لابد ان یهیئوا هذه الظروف التی یمکن ان تساعد الإمام المهدی علیه السلام لإقامة هذه الدولة، _دولة العدل_ على کل ربوع الکرة الأرضیة.
ومن هنا نقول ان من المهم جدا ان یفهم المسلم ما هو الانتظار، والذی ینسجم مع الثقافة التی نراها فی کثیر من الآیات القرآنیة، والأحادیث والروایات الشریفة.
إنّ مما یؤسف له ان هناک تصوراً خاطئاً للانتظار یعبّر عنه بالانتظار السلبی، وهو الانتظار غیر المنسجم مع هذه الثقافة الحضاریة لانتظار الإمام علیه السلام وأسباب هذا الانتظار السلبی أمور عدیدة ومن هذه الأمور او المظاهر هو ما عند بعض الإفراد من اللامبالاة وهو أمر لا یشکل شیئاً فی جانب شخصیته الثقافیة والفکریة والسلوکیة والعملیة وبالتالی کیف یمکن ان ینسجم هذا الفرد مع ثقافة الانتظار وهذا هو الأمر الأول.
والأمر الثانی قد یکون دور المنتظر هو فقط رصد العلامات التی ذکرت فی الأحادیث والروایات، والتی یمکن ان تحدث قبل ظهور الإمام المهدی علیه السلام ویکون هذا الرصد کما یرصد الإنسان ظهور الشمس وظهور القمر ویترقب ظهورهما دون ان یرتب على هذا الترقب للظهور أی عمل.
ان هذا انتظار جامد، وبلا حرکة, وإنه مجرد رصد للعلامات، دون ان یکون فیه للإنسان أی دور فی انتظار الإمام المهدی علیه السلام, مع انه من المؤکد ان الروایات عندما ذکرت العلامات أرادت ان تحمّل المنتظر مسؤولیة کیفیة تعامله من هذه المسؤولیات، وکیف یتعامل مع هذه العلامات وکیف یستعد بالتالی لظهور الإمام علیه السلام.
وعندما تأتی الروایات لتذکر ان من العلامات (الدجال)، الذی یشکل جبهة کفر, وخط انحراف, کذلک السفیانی من جهة، ومن جهة أخرى تأتی روایات تذکر لنا جبهة الإیمان والثبات، وهم الموطئین والممهدین للإمام المهدی علیه السلام وبالتالی من المهم ان یعرف المنتظر کیف یتعامل مع هذه العلامة أو تلک وأن یقف موقف الراصد لهذه العلامات فذلک یشکل مشکلة خطیرة جدا فی موضوع الانتظار.
وهذا الفهم المتقدم والمعبر عنه بالانتظار الجامد بعید جداً عن الفهم الإسلامی للمهدویة والثقافة الإسلامیة ومعه لا یعیش الفرد واقع المهدویة ولا یکون له دور إطلاقا فی التهیئة لظهور الإمام المهدی علیه السلام.
وهناک نوع آخر من الانتظار؛ انه انتظار بشکل آخر، انتظار متحرک ولکنه مفسد، وهو أنّ هناک من یرى انه لابد من ملء الأرض بالجور والفساد تعجیلا لظهور الإمام علیه السلام.
وهذه الحالة تعتبر اخطر من عدم معرفة الانتظار, أو من الانتظار السلبی, وذلک یکون اما عن جهل مرکب أو تسییس هذا الفرد أو تلک الجماعة لأن تحمل شعار (انشروا الفساد لیظهر الحجة علیه السلام).
بینما نجد أن الشیخ الطبرسی قدس سره فی کتابه (الرسائل العشر) یقول (ان السبب فی غیاب الإمام المهدی علیه السلام هم الناس) وعلى هذا لابد وان یکون السبب فی ظهوره علیه السلام الناس. فلابد للفرد ان یکون موقفه موقفاً ایجابیاً وانتظاره انتظاراً ایجابیاً، وهذا الانتظار الایجابی یحمل الفرد مسؤولیات عدیدة باتجاه حالة الاستبداد والظلم ومظاهر الفساد.
لازلنا والحلقة القادمة نتابع الآثار الأخلاقیة للانتظار فانتظرونا.
If you want to submit a comment, you should login to the system first. To login please click the login button.