Articles

اهتمام الإسلام الجاد بجمیع أبعاد الحیاة الأسریة

 5/1/2015

تتضمن أحکام الشرع قوانین وضوابط متنوعة لنظام اجتماعی وحقوقی متکامل، وفی ظل هذا النظام الحقوقی تم تلبیة جمیع الحاجات بدءاً من علاقات الجوار والعلاقة بین الأبناء والعشیرة وأبناء الوطن، وجمیع جوانب الحیاة العائلیة والزوجیة، وانتهاءً بالتشریعات التی تختص بالحرب والسلم والعلاقات الدولیة، وبدءاً من القوانین الجزائیة، وانتهاءً بالحقوق التجاریة والصناعیة والزراعیة، فالإسلام لدیه حکم لما قبل النکاح وانعقاد النطفة، إذ ینظّم النکاح المشروع، وینظّم ما یأکله الزوجان حالة الزواج، ویحدد الواجبات التی تقع على عاتق الأبوین خلال فترة حضانة الأبناء، وکیف ینبغی تربیة الأطفال، وعلاقة الزوج بزوجته، وعلاقتها به، وعلاقة کل منهما بالأولاد.. فی جمیع هذه المراحل یمتلک الإسلام قوانین وأنظمة من أجل تربیة الإنسان.(ولایة الفقیه: ص21)

من جملة الأمور التی تؤثّر فی تباین المزاج واختلاف الأهواء: مراعاة آداب النکاح وأحکام الفراش وأوقات المضاجعة، وکذلک الأحکام الخاصة بفترة الحمل والرضاعة وانتخاب الزوج واختیار المرأة التی ستُرضع الطفل، وغیر ذلک من الأحکام، کل هذه تتدخل بصورة کاملة فی تحدید مزاج الطفل وروحیته، مثلما أنّ الأجواء التربویة وشخص المربی والمعلم والرفیق والمعاشرة والعلم الذی یکسبه وغیر ذلک من الأمور التی یطول ذکرها.. لها تأثیرات عجیبة ومدهشة، وبعضها ظاهر للعیان.(طلب وإرادة ص148) 

وضع الإسلام أسس حیاة الإنسان الشخصیة قبل أن یولَد، وأوضح له قوانین الأسرة ما دام یعیش فی الوسط العائلی، وحدّد الواجبات حتى سن التعلیم، ثم المرحلة التی یدخل (فیها) المجتمع، فالعلاقة مع الشعوب والبلدان.. النظام الإسلامی یشتمل کل ذلک، وجمیع هذه المراحل أوضح تکلیفها الشرع المطهّر.

(من حدیث حول وظائف الرؤساء ومسؤولیاتهم: 14/11/1965) 

الإسلام یربّی تربیة أخلاقیة، وفی درجات المعاشرة یضع حکماً مع من تعاشر،  ولسلوک الإنسان نفسه أحکام فی: تعامله مع عائلته.. تصرفه مع أبنائه.. تعامله مع جیرانه.. تعامله مع أبناء محلته وأصدقائه.. تعامله مع أخیه فی الدین.. تعامله مع المختلفین معه فی الدین.. إلى ما بعد الموت.. لقد وضع الإسلام أحکاماً للإنسان من قبل أن یولد، وفترة البلوغ ثم الزواج، والحمل، والولادة، والتربیة فی مرحلة الطفولة إلى أن یبلغ، والى أن یصبح شاباً ثم یشیخ، والى أن یموت، وفی القبر، وما بعد القبر.

(من حدیث حول دور أحکام القرآن السیاسیة العبادیة: 28/9/1977) 

هناک علاقات أخرى وأحکام أخرى تعود للأفراد، وتتناول الفترة التی تسبق الولادة، فهناک أحکام کی یولد الإنسان صحیحاً سالماً مهذباً، ویتضمن الإسلام  أحکاماً خاصة بفترة الزواج والفترة التی تسبقها فیما یخص اختیار الزوجة، وأسلوب معاشرة الزوجین، وفترة الحمل، والرضاعة، والفترة التی یتربى فیها الطفل فی أحضان الأم، والفترة التی یتربى فیها الطفل على أیدی المعلمین الأوائل.. کل هذا له أحکام خاصة فی الإسلام، الإسلام لدیه قوانین لتربیة الإنسان.

(من حدیث بجمع من الفتیات والفتیة الفرنسیین رغبوا باعتناق الإسلام: 9/11/78) 

أحد أبعاد الإسلام الحکومة، وهی مظهر من مظاهر السیاسة، ومن أبعاد الإسلام الأخرى بناء الإنسان من الناحیة المعنویة: کیف ینبغی أن تکون اعتقاداته، وأخلاقه، وسلوکه العملی.. فلإسلام رأی فی کل شان من شؤون الإنسان: على عکس بقیة والمذاهب والکیانات، فأنت لن تجد أیة دولة تقول لک عندما تکون فی بیتک: ینبغی لک أم تفعل کذا وکذا، إذ لا شأن لها بذلک، کل فرد حر فی أن یفعل فی بیته ما یحلو له، بید أنّ الإسلام یوجّهک کیف تتصرف حتى عندما تکون فی بیتک، أی: یحدد لک کیف ینبغی أن یکون سلوکک، کیف تکون أخلاقک، کیف تکون أفعالک واهتماماتک، کیف تتعامل مع أطفالک، وکیف یتصرف الابن مع والده، والأب مع ابنه، والطفل مع أمه، والأم مع بنیها، والأخ مع أخیه، وأفراد العائلة بعضهم مع بعض، فللإسلام رأیه الخاص وتعالیمه وأحکامه بکل هذه الأمور.

(من حدیث حول الأبعاد السیاسیة ـ العبادیة للإسلام: 12/11/1978) 

الإسلام أیضاً دین الجمیع، أی: جاء لیأخذ بید الإنسان إلى الصورة المنشودة، فهو یرید أن یحقق له صورة متوازنة لا یظلم فیها الإنسان أخاه الإنسان حتى بمقدار رأس إبرة.. لا یظلم فیها الإنسان طفله.. لا یعتدی على حقوق زوجته.. والزوجة لا تتعدى حدودها مع زوجها.. الأخ لا یعتدی على حدود أخیه.. وهؤلاء لا یعتدون على اخوتهم ورفاقهم. الإسلام یرید للإنسان أن یکون إنساناً عادلاً بتمام معنى الکلمة، أی یکون عقله عقل إنسان، وروحیته روحیة إنسان، ومظهره مظهر إنسان ومتخلقاً بأخلاق الإنسان.

(من حدیث حول الأبعاد السیاسیةـ العبادیة للإسلام: 12/11/1978) 

نحن بحاجة إلى مثل هذه الرسالة التی تأخذ بید الإنسان فی مدارج الکمال الإنسانی منذ اللحظة التی یولد فیها، فهل تجدون فی العالم مثل هذه الرسالة وهذا الدین؟ دین یبدی رأیه بشأن بناء الإنسان حتى قبل زواج أبویه..

إنّ المذاهب الموجودة فی العالم قاطبة تحصر اهتمامها بالإنسان البالغ الذی وصل إلى مرحلة من الفهم والإدراک، بید أنّ الإسلام یضع أحکاماً للإنسان قبل أن یولَد، إذ أنه یحدد للأبوین قبل الزواج طبیعة الشخص الذی یختاره کلّ منهما، یقول للفتاة أیّ زوج تختار، ویحدد للشاب مواصفات الزوجة المطلوبة. لماذا یفعل الإسلام ذلک؟ لأنّ کلّ من الشاب والفتاة سیکونان منشأً لأفراد آخرین. الإسلام یرید لهذا الفرد الذی سیلتحق بالمجتمع أن یکون صالحاً، فقبل أن یتزوج الشاب یحدد له الصورة التی ینبغی أن تکون علیها المرأة، وهکذا بالنسبة للفتاة: یعیّن لها ملامح شخصیة الشاب الذی ینبغی أن ترتبط به، ما هی أخلاقه، ما هی أفعاله، وما هی أخلاق الفتاة وسلوکها، وفی أیة أسرة تربّت.. وبعد أن یتم الزواج یحدد لهما صورة العلاقة بینهما، ثم یبدی رأیه بطبیعة الفترة التی تسبق الحمل: ما هی آداب فترة الحمل، وآداب الولادة والحضانة والرضاعة.. کل ذلک من أجل أن تأتی ثمرة هذا الزواج صالحة یغذّى بها المجتمع ویتحقق الصلاح فی العالم أجمع. 

هذا هو الإسلام، یرید أن یربّی إنساناً، وقد تدبّر أمره قبل اقتران الزوجین، ویحدد ما ینبغی للرجل والمرأة اللذین ینویان الزواج فعله، ثم کیف ینبغی أن یتصرفا إلى أن یأتی الطفل، وما ینبغی لهما فعله خلال فترة الرضاعة، وکیف یجب التصرف مع الطفل وهو فی أحضان الأبوین، وبعدها: کیف یتعاملون معه فی محیط المدرسة الصغیرة، ثم فی الثانویة والإعدادیة.. وکذلک نوعیة المعلمین الذین یتولون تربیة الأطفال، وإذا ما وصل لسنّ البلوغ یحدد الإسلام له کیف ینبغی أن تکون أفعاله وأخلاقه وسلوکه، وماذا ینبغی له أن یتجنبه، کل هذا لأن الإسلام یرید أن یرفد المجتمع بأفراد صالحین.

(من حدیث بشأن انحرافات المسؤولین فی نظام الشاه: 31/12/1978) 

عندما تنظرون إلى الإسلام ترونه یمتلک نظاماً إنسانیاً متکاملاً..، فلدیه حکم حتى قبل أن یولَد الإنسان، وقبل أن یتزوج أبواه، وذلک لکی تنشأ البذرة فی أرض صالحة، فالإسلام یقول رأیه بشأن اختیار الزوجة والزوج، والظروف المناسبة للزواج وآدابه، وآداب الفراش، وفترة الحمل: کالمزارع الذی یلقی بذرة ویحرص على رعایتها ویواظب على العنایة بها حتى تنمو بصورة صحیحة.

فقد عنی الإسلام بالمسائل التربویة حتى قبل زواج الأبوین، وذلک بدافع تربیة الإنسان تربیة صالحة، لأنه أراد أن یعدّ أرضاً سالمة مطهّرة بأن یختار الزوج زوجاً صالحاً سلیماً یتحلى بالقیم الإنسانیة حقاً.

وفیما عدا ذلک، اهتم الإسلام بمراحل حیاة الإنسان الأخرى بدءاً بفترة الحمل واللحظة التی یولَد فیها، ومروراً بفترة الرضاعة والتربیة فی أحضان الأم وسن البلوغ، وانتهاءً بالموت والقبر وما بعد القبر.

إنّ أی قانون من قوانین البشریة لم یتکفل هذا الأمر، وهو مختص بقوانین الأنبیاء.

(من حدیث فی مجموعة من علماء الدین: 3/2/1979) 

یجب أن تعلموا أنّ الإسلام یشتمل على کل ما یخص الإنسان، أی: من قبل أن یقترن الزوج والزوجة حتى اللحظة التی یوسد فیها القبر. الإسلام لدیه أحکام وتعالیم خاصة بالإنسان، وجمیع أحکامه راقیة، وکلها من أجل سعادة الإنسان، وهی لصالح الإنسان: سواء فی هذه الدنیا أو تلک.

(من حدیث فی جمع من أعضاء اتحاد الکتاب الإیرانیین: 19/2/1979)

الإسلام عبارة عن نظام شامل: نظام سیاسی یحیط بکل شیء، فی حین أنّ بقیة الأنظمة غافلة عن الکثیر من الأمور.

یهتم الإسلام بتربیة الإنسان فی مختلف أبعاد شخصیته، فهو یهتم بتوجهاته المادیة، ویرعى اهتماماته المعنویة وینمّیها، بل لقد عبّر عن رأیه فیما هو أبعد من ذلک، إذ عبّر عن رأیه فی الفترة التی تسبق اقتران الأبوین.

ویتضمن الإسلام أحکاماً وتعالیم لبناء الإنسان، فهو یحدد للرجل المرأة التی یختار، ویعیّن للمرأة مواصفات الرجل المطلوب: ما وضعه الأخلاقی؟ وما مستوى تدیّنه؟

إنّ المُزارع إذا ما أراد أن یبذر البذور، فإنه یبحث أولاً عن الأرض الصالحة، ثم یوفّر کل مستلزمات الأرض لکی تنمو البذرة بنحو سلیم، فتراه یحرص على توفیر ما یراه مفیداً لها، ویحاول تجنبیها الأشیاء التی تضرّها، ویستمر على مواظبته لها حتى تنمو وتثمر. والإسلام لدیه مثل هذا الاهتمام بالإنسان، أی: یتعامل معه مثلما یتعامل المزارع مع زرعه الذی یریده أن ینمو ویثمر. فمن قبل أن تعقد النطفة: أمر الإسلام بالصورة التی ینبغی أن یکون علیها الوالدان، أی: کیف ینبغی أن یکون الزواج.

إنّ حرص الإسلام هذا جاء بدافع تفکیره بعاقبة هذا الأمر، فإذا کانت أخلاق أحد الأبوین ـ على سبیل المثال ـ فاسدة، أو کانت أفعالهما غیر إنسانیة، فإنّ أثر ذلک سیظهر فی الطفل بالوراثة، ولهذا اهتم الإسلام کالمزارع الحریص والدقیق اهتماماً دقیقاً بمواصفات الإنسان الذی یجب أن یقترن به الإنسان الآخر، وإذا ما تزوجا اهتم بآداب الزواج وآداب الفراش، وهنا توجد تعالیم وآداب کثیرة، ثم ینتقل إلى فترة الحمل التی یذکر بشأنها آداباً کثیرة، بعدها یعبّر عن رأیه فی آداب حضانة الأم، وکذلک دور الأب، وبعد أن ینتقل الطفل إلى المدرسة ثم إلى المجتمع، کل هذه الأمور والمراحل وضع الإسلام لها أحکاماً وآداباً، فی حین أن بقیة النظم الموجودة فی العالم لا تعنى بهذا أساساً، وإنّ کل همهم هو ـ مثلاً ـ أن یرفل المجتمع فی هدوء یمکّنهم من نهب ثروات الشعب، أو أن یحرصوا على تنظیم العلاقات الاجتماعیة لأبناء المجتمع بشکل سلیم. أما کیف ینبغی للطفل أن ینمو لیصبح فرداً صالحاً فی المجتمع، وما هی طبیعة التربیة المطلوبة خلال فترة الحمل والرضاعة، فمثل هذه غیر موجودة لدى هذه الأنظمة، بید أنّ الإسلام یهتم بکل ذلک، یهتم کیف ستکون معاملة الإنسان مع أخیه الإنسان، وکیف ستکون معاشرته مع والدیه، وکیف ستکون معاشرة الآباء مع الأبناء، وکیف ستکون معاشرتهم مع جیرانهم، ومع أبناء شعبهم، ومع إخوتهم فی الدین، ومع الأجانب.. کل هذا موجود فی الإسلام، فالإسلام حکومة أحد أبعادها سیاسی، وبُعدها الآخر معنوی، وهذا یعنی أنّ الإنسان ذو بُعدین: بُعد مادی یتضمن الإسلام أحکاماً لکل مجالاته، وبُعد معنوی [وهو ما لا تتناوله الأنظمة الأخرى]، والذی یهتم بتربیة الإنسان تربیة معنویة ویعمل على تهذیبه لیوصله إلى مرتبة لا یعلم بها إلا الله. 

هکذا أخذ الإسلام بأیدی الناس وسما بهم فی مدارج الکمال لیصلوا إلى الملکوت الأعلى، فی حین أنّ الأنظمة الأخرى لیست کذلک.

(من حدیث فی جمع من منتسبی السلک التعلیمی: 19/2/1979) 

تهتم الأدیان بجمیع أبعاد الإنسان، فالإسلام یهتم بالإنسان قبل أن یکون نطفة [أی] بالمرحلة التی تسبق الزواج، ویهتم بشروط الزواج ومواصفات المرأة المطلوبة للزواج، ومواصفات الرجل، فمثل هذا الزواج هو بمثابة زراعة للحصول على إنسان، فقبل أن یحصل الاقتران: یفکّر الإسلام فی هذا الطفل الذی سیأتی إلى الدنیا بأن یکون سالماً معافى، ومن هنا تم الاهتمام بالمرحلة التی تسبق الزواج[مرحلة الاختیار] والشروط اللازمة للزواج، ثم مرحلة الحمل، وقبل الحمل (هناک) لحظة انعقاد النطفة، والظروف التی ینبغی توفیرها لهذا الانعقاد، وما هی أحکامه. وخلال فترة الحمل: حدّد الإسلام الأشیاء المفیدة التی ینبغی للمرأة تناولها، والأشیاء التی علیها تجنّبها، وإذا ما جاء الطفل: حدّد الإسلام مواصفات المرضعة وظروفها وکیف تتصرف الأم مع هذا الطفل إن تعهدت هی رضاعته، وبعد أن یخرج من أحضان الأم: کیف ینبغی للأب أن یتصرف معه، وما هی الأجواء العائلیة المطلوبة لتربیته، ومَن هو المعلّم المناسب، وما هو الدور الذی ینتظره داخل المجتمع.. إنّ کل هذا یصنعه الإسلام من أجل تهذیب الإنسان. 

(من حدیث فی جمع من أعضاء رابطة مسیحیی إیران: 14/5/1979) 

الإسلام له رأی فی کل شیء، وهو یفکّر بالطفل الذی سیُنجب بعد الزواج قبل أن یکون نطفة، إذ حدّد مواصفات الرجل الذی تختاره المرأة، ومواصفات المرأة المطلوبة للزواج، کل ذلک من أجل أن ینبت هذا الطفل فی أرض صالحة، فالمزارع إذا ما أراد البذر فإنه ینظر إلى الأرض الصالحة ویوفّر لها کل مستلزماتها، والإنسان أیضاً علیه أن یختار الرحم الذی ستنعقد فیه النطفة، فهو کالمزارع یرید أن یزرع وینجب، فلابد له أن یعرف أیة أرض یختار لزرعه، والإسلام یرید أن یصنع إنساناً، یرید أن یُوجِد آدمیاً.

(من حدیث فی جمع من طلبة کلیة الحقوق: 21/5/1979)  

خطّطت تعالیم الإسلام لزواجکم من قبل أن یقترن بعضکم ببعض، لأنّ ثمرة الزواج (هی) الولد، والإسلام فکّر بهذا، فأیّ قانون فی العالَم یتدخل فی الکیفیة التی یتحقق فیها الزواج؟، إنّ کل ما یطلبونه هو أن تسجّلا زواجکما فی دائرة النفوس فحسب، وفیما عدا ذلک لا شأن لهم بکما.

بید أنّ الإسلام فکّر بالاختیار الذی یسبق الزواج.. اهتم بهذا الزواج الذی سینجب طفلاً، ولابد لهذا الطفل أن یأتی سالماً فی موعده، اهتم الإسلام بالطفل مثلما یهتم المزارع بزرعه، حیث یعدّ الأرض الصالحة ویوفّر لها الماء ویأتی ببذور جیدة، الإسلام أیضاً یرید أن یُوجِد إنساناً، ولهذا أرشد المرأة للرجل الذی تختاره، وقال للرجل أیة امرأة یختار وما هو أدبها، وهکذا، وبعد أن یتم الزواج: اهتم الإسلام بموضوع الحمل وإنجاب الأطفال، لأنّ الإسلام یرید أن یُوجِد إنساناً، ولهذا فهو یتدخل لیعطی رأیه منذ اللحظة التی یتم التفکیر فی إیجاد الأطفال. إنّ هذا الأمر الذی تتجاهله جمیع قوانین العالم وتهمله.. یولیه الإنسان اهتماماً خاصاً، فالإسلام یعدّ الإنسان بنحو لا یرتکب مخالفة وإن کان فی غرفة مغلقة، أما القوانین الأخرى فلا شأن لها بالباطن: افعل ما یحلو لک داخل بیتک، لا شأن لها بک، ولکن الإسلام لا یؤمن بهذا، لأنه یرید أن یربّی الإنسان بنحو لا یتغیر ولا یرتکب ذنباً وإن کان وحیداً فی غرفة مغلقة، ویبقى هو هو.. الذی تراه فی أی مکان آخر، لا أن یفعل فی غرفته ما یحلو له ویمتنع عن فعل ذلک أمام الآخرین.

إنّ الإنسان الذی یربّیه الإسلام هو واحد: سواء کان فی صندوق مغلق أو فی الشارع والمجتمع.. الإسلام یرید أن یربّی إنساناً یکون إنساناً فی کل الأحوال.

(من حدیث فی جمع من أعضاء مجلس الإحصاء المرکزی: 10/6/1979) 

أیّ دین أو مذهب غیر دین الأنبیاء یعنى بمواصفات الزوجة والزوج؟ لا شأن لهم بهذا، ولن تتضمن قوانینهم أشیاء من قبیل مواصفات المرأة التی یختارها الرجل، وأیّ رجل تختار المرأة، لا تعنى قوانینهم ماذا ینبغی للمرأة أن تفعل خلال فترة الحمل والرضاعة، وما هی واجباتها أثناء فترة الحضانة، وکیف ینبغی للأب أن یتصرف إذا ما کان الطفل تحت رعایته، بل: القوانین المادیة والأنظمة الوضعیة لا تعنى بمثل هذا، إنها تهتم فقط بما یحول دون ارتکاب المفاسد التی تسیء إلى النظام، وإلا فإنّ هناک مفاسد من قبیل الفسق والفجور والفحشاء.. لا شان لها بها، بل إنها تشجّع علیها.. لا شأن لها فی بناء الإنسان وفی أن یفکّر الإنسان ببناء نفسه، فمن وجهة نظر هؤلاء أنّ فرق الإنسان عن الحیوان هو أنّ الإنسان قابل للتطور، فالحیوان لا یستطیع أن یصنع طیّارة، إلا أنّ بمقدور الإنسان أن یفعل ذلک، والحیوان لا یستطیع أن یکون طبیباً، فی حین أنّ الإنسان بمقدوره ذلک.

الدین هو الوحید الذی یتدخل بکل شأن من شؤون الإنسان ویقول رأیه فیه، فهو الذی یفکّر بالإنسان الذی سیکون ثمرة الزواج، ویخطط له لیأتی إنساناً صالحاً، فهو یرشد الشخص المقبل على الزواج إلى مواصفات المرأة التی ینبغی له اختیارها، ویرشد المرأة إلى مواصفات الرجل الذی ینبغی أن تقترن به.

لماذا یعتنی الإسلام بهذا؟ لأنه یؤمن بأنّ مثل هذا العمل یشبه إلى حد کبیر عمل المزارع، فهو یختار أولاً الأرض الصالحة، ثم یفکّر فی البذر الذی یختار، لماذا یهتم بکل هذا؟ ولماذا یولی زرعه کل هذه العنایة والرعایة؟ لأنه یرید أن تعمر مزرعته ویجنی ربحاً وفیرا.

لقد فکّر الإسلام بهذا أیضاً، فحدّد مواصفات الزوج المطلوب لکی تکون ثمرة هذا الزواج إنساناً صالحاً، ثم خطّط للمراحل التالیة: ما هی الآداب التی ینبغی أن یتحلى بها کلٌّ من الزوجین؟ وما هی آداب الفراش؟ وبعدها ینتقل إلى فترة الحمل والآداب المحبّذة ثم مرحلة الرضاعة وما هو مطلوب من الأم، کل ذلک نتیجة طبیعیة للأهداف التی تنشدها الأدیان التوحیدیة، وأسماها الإسلام، إنها تنشد أن تربّی إنساناً..

لم تُبعث الأدیان لتوجِد حیواناً یختلف عن باقی الحیوانات فی حدود حیوانیته وأهدافه الحیوانیة، لم تأت لتوجِد هذا، بل جاءت لتربّی إنساناً.

(من حدیث فی جمع من حرس الثورة الإسلامیة لمدینة آبادة: 4/7/1979)  تعالوا وانظروا کیف یخطط الإسلام للإنسان، إنه یرافقه منذ اللحظة التی یفکّر فیها الرجل أو المرأة بالزواج، ویخطط لأن تأتی ثمرة هذا الزواج طفلاً صالحاً، بعد ذلک یوصی الأم بما تفعله خلال فترة الحضانة، ثم ینتقل إلى المدرسة، وهکذا.. یرید الإسلام أن یرشدکم إلى الطریق المستقیم.

 

If you want to submit a comment, you should login to the system first. To login please click the login button.