Articles

العدالة الاجتماعیة فی القرآن الکریم

 5/1/2015
یُعد العدل فی الرؤیة القرآنیة محوراً لکل شیء، وعلیه ترتکز فلسفة التشریع، وحکمة التکوین، وبناء المجتمع، وحفظ الحقوق، وتعمیق المبادئ الأخلاقیة. 
والعدل لا یقتصر على جانب دون آخر؛ بل هو مطلوب فی کل المجالات والحقول، إذ یجب أن یعم العدل فی کل شیء، فی السیاسة والاقتصاد والاجتماع والثقافة والتربیة والحقوق، وبدونه لا یمکن أن ینعم المجتمع بالسعادة والأمن والاستقرار.
ومما یدل على أهمیة العدل فی المنظور القرآنی أنه تکررت مادة العدل بمشتقاتها ما یقرب من ثلاثین مرة فی القرآن الکریم، و یشیر هذا التکرار إلى عنایة التنزیل المجید بالحدیث عن العدل. 
وإذا دققنا النظر فی القرآن وجدناه یدور حول محور واحد هو العدل من کل الأفکار القرآنیة، من التوحید إلى المعاد، ومن النبوة إلى الإمامة والزعامة، ومن الآمال الفردیة إلى الأهداف الاجتماعیة. فالعدل فی القرآن قرین التوحید، ورکن المعاد، وهدف تشریع النبوة، وفلسفة الزعامة والإمامة، ومعیار کمال الفرد، ومقیاس سلامة المجتمع.
والعدل القرآنی عندما یتعلق بالتوحید أو المعاد فإنه یعطی معنى خاصاً لنظرة الإنسان إلى الوجود والعالم، وبعبارة أخرى نقول: إنه نوع من النظرة الکونیة.
ففی الموارد التی یتعلق فیها العدل بالنبوة أو التشریع والقانون فإنه یعتبر معیاراً أو مقیاساً لمعرفة القانون. وبعبارة أخرى: یعد إعطاء مجال للعقل بعد الکتاب والسنة لیکون منبعاً للفقه والاستنباط. وأما فی الموارد التی یتعلق فیها بالإمامة والقیادة فإنه یعد نوعاً من اللیاقة، وفی الموارد الأخلاقیة یعتبر أملاً إنسانیاً، وفی المجالات الاجتماعیة یعد مسؤولیة . 
ولأهمیة العدل فی حیاة الناس؛ فإن أهم هدف لبعث الأنبیاء والرسل بعد تعریف الناس بالخالق جلَّ وعلا هو بسط العدل بینهم، قال تعالى: ﴿ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَیِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْکِتَابَ وَالْمِیزَانَ لِیَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ذلک لأن الاجتماع البشری لا یمکن أن یتأسس فیه روح النظام والقانون والمساواة إلا بتحقیق العدل والعدالة، ومن هنا جاء الأمر الإلهی بضرورة تطبیق العدل: ﴿ قُلْ أَمَرَ رَبِّی بِالْقِسْطِ  وقوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللّهَ یَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ  . 
فالعدل هو جوهر الإسلام وروحه، وهو المحور الأساس لتطبیق أصول الدین وفروعه، وبتطبیقه تنعم البشریة بالسلام والاطمئنان والأمن والرفاهیة والرخاء، أما عندما ینتفی العدل والعدالة من حیاتنا، فإن نقیضه سیحل محله، وهو الظلم والجور، وهو أساس کل شر، وسبب کل شقاء، ومنبع الرذائل والفواحش، وجذر التخلف والتقهقر الحضاری ﴿فَکَأَیِّن مِّن قَرْیَةٍ أَهْلَکْنَاهَا وَهِیَ ظَالِمَةٌ فَهِیَ خَاوِیَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِیدٍ  .
ملاحظة: یمکن للقرآء الکرام الاطلاع على کامل الدراسة فی المجلة الناشرة للدراسة.
If you want to submit a comment, you should login to the system first. To login please click the login button.