Articles

المسجد مصدر الأمن و الأمان

 5/4/2015

للمسجد قدسیة خاصة ، و مکانة فریدة فی قلب کل مسلم ، فهو المکان الذی تطمئن فیه النفوس ، و تهنأ فی رحابه القلوب ، و تجد فیه الخلاص ، مما یساورها من قلق ، و النجاة مما تشعر به من خوف ، و الراحة مما تحس به من اضطراب ، إذ تتردد فی جنباته أسبابُ الاطمئنان ، و بواعث الاستقرار و الأمان ، و منها ذکر الله تعالى ، و تتلى فیه آیاتُ القرآن الکریم ، و یسمع فی أنحائه کلُّ ما یطهر القلوب ، و یصفی النفوس ، و ینقی الأفکار و الأذهان ، و یزکی الأرواح و یهذبها ، و یغذیها و یشحنها بروح الیقظة الإیمانیة ، و الاستقامة السلوکیة.

فکلما ازداد تردد المسلم على المسجد ، کلما ازداد تعلقاً به ، و التصاقاً بخالقه ، و قرباً من مولاه و سیده ، فارتقى بروحه نحو مرضاة الرب ، و محاسبة النفس ، و مراتب الفضیلة ، و ابتعد عن النوازع العدوانیة ، و الدوافع الإجرامیة .

إن الفرد حین یلتصق بالمسجد التصاقاً وثیقاً ، ینعکس أثر ذلک إیجاباً على المجتمع بأسره ، حین یتلقى فی المسجد معانی الفضیلة ، و قیم الإسلام السامیة ، التی تشیع فی النفوس الاطمئنان ، فتستقیم على المنهج الحق ، و تنحسر فیها دواعی الشرور و الإفساد.

و المسجدُ موئل یتسابق إلیه المسلمون إذا نزلت بهم کارثة ، أو حَلَّت بأوطانهم مصیبة ، أو داهم دیارهم خطب ، أو هددهم خطر ، فیلجؤون فیه إلى ربهم ، و تخضع نفوسهم لعظمته ، و یلحون علیه بالدعاء ، و یظهرون له الذل و الخضوع و الاستکانة ، لیفرج کرباتهم ، و یزیح أحزانهم ، و یکشف بلواءهم ، و یدفع عنهم الشرور و الأدواء ، و یرفع عنهم المصیبة و البلاء ، و یفیض علیهم من خیراته ، و یعمهم بفضله و رحماته.

فحین تصاب البلاد بالقحط ، و یعمها الجدب ، و ینقطع عنها الغیث ، أو یتأخر نزوله ، فتغور المیاه من الآبار ، و تموت الزروع و الأشجار ، یفزع الجمیع إلى المساجد لیصلوا صلاة الاستسقاء ، و ترتفع أیدیهم إلى مجیب الدعوات ، و یتضرعون إلى فارج الکربات ، و یریقون ماء الأسف على أوراق الذنوب و الخطیئات ، حتى یفتح علیهم من الفضائل و البرکات ، و یفیض علیهم من النعم و الخیرات ، و یغیر حالهم من شدة إلى رخاء ، و من عسر إلى یسرٍ و طمأنینةٍ و صفاء.

و یهرع المصلون إلى المساجد ، حین یخوفهم ربُّهم بالآیات ، و تحل بهم المصائب و النکبات ، و التی تهتز من هولها المشاعر ، و تقشعر من عِظَمِها الأبدان ، کالزلازل و الصواعق و الفیضان ، و کسوف الشمس و خسوف القمر و انفجار البرکان ، بسبب التمادی فی الغی و العصیان ، فینطرح الجمیع بین یدیه ، بدعوات خاشعة ، و قلوب خاضعة ، و عیون دامعة ، حتى یکشف ما حل بهم من البلاء ، و یرفع ما نزل ببلدانهم من الأضرار و عضال الداء .

و لتکون هذه الآیات موعظة و ذکرى ، لیأخذوا حذرهم ، و یستدرکوا ما فات فی بقیة عمرهم ، و یستعدوا لما هو آت ، و یَجِدُّوا فی إصلاح أنفسهم و تزکیتها ، و یجتهدوا فی تقویم اعوجاجها و تربیتها ، حتى یتحقق لهم موعود ربّهم ، فیزول عنهم الحزن ، و یذهب عنهم الخوف ، و ینحسر عنهم القلق ، و ینعموا بالأمان ، و یعمهم الاستقرار و الاطمئنان.

 


If you want to submit a comment, you should login to the system first. To login please click the login button.